اهتم بمرافقة ومساعدة الفنانين الشباب

وفاة العازف ابن الزيبان، عبد الحكيم نوبلي

وفاة العازف ابن الزيبان، عبد الحكيم نوبلي
الفنان الموسيقار عبد الحكيم نوبلي
  • القراءات: 674
لطيفة داريب لطيفة داريب

اختطف فيروس كورونا، روح الفنان الموسيقار عبد الحكيم نوبلي، عن عمر ناهز 61 سنة، الفقيد ابن مدينة بسكرة، كان يعمل بقطاع الصحة، ومن ثمة أصبح مالكا لمؤسسة النقل الصحي الموجود مقرها بحي كبلوتي ببسكرة، كما اتخذ من الموسيقى، هواية مارسها بكل شغف، علاوة على حبه اكتشاف المواهب وتسليط الضوء عليها ومن ثمة مساعدتها في دربها الفني.

بكى أصدقاء الفنان الموسيقار عبد الحكيم نوبلي، رحيله المفاجئ وهذا عبر صفحاتهم على فايسبوك، فكتب صديقه وابن ولايته، الشاعر عامر شارف في صحفته: "الله أكبر ..الله أكبر، هكذا فاجأني الخبر الفايسبوكي بنعي الفارس الفنان الصديق العزيز الموسيقار عبد الحكيم نوبلي"، وأضاف: "غرّد وحدك أيها العود، لن يكون لك صديق بعد هذا المغرب... وادمُعي وحدك صمتا أيتها الاوتار، لن تجدي أناملا أخرى تعانقك رقة وحنانا، ونامي أيتها الريشة من الآن. يا أيتها القاعات أعيدي صدى صوت البلبل المغرّد الذي ملأك مدة أربعين سنة. يا شوارع بسكرة غضي طرفك إن موسيقارنا لن تريه مرة أخرى مترجلا مع طريق الزاب في بدلته الباهية".

وتطرق الشاعر عامر شارف إلى آخر رحلة ولقاء كانا مع الفنان الراحل، فكتب أن آخر محفل كان ذلك بمدينة خنشلة، وبالضبط في مهرجان زوليخة السعودي الأدبي، بقيادة الكريم الشاذلي كليل أيام 03/04/05/ من شهر مارس 2020. وكانت أخيرا، انطلاق العودة صباحا من خنشلة نحو باتنة لتكريم رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين يوسف شقرة، رفقة الشاعر لخضر رحموني، بسيارة الشاعر عمر بوعزيز، مشيرا إلى أن الراحل استجاب حين طلب عمر منه قيادة سيارته من باتنة إلى بسكرة، حيث تم انزال لخضر رحموني، ثم واصلوا السير وكان ذلك إلى أن وصلوا منزل الراحل بطريق الزاب، فنزل عبد الحكيم وتم وداعه ليكون بذلك اللقاء الأخير والوادع الأبدي.

بين العطاء والتأكيد على الموهبة الفنية

كما نعت رحيل الفنان عبد الحكيم نوبلي، أيضا، أسماء فنية وأدبية أخرى، خصوصا التي تنحدر من ولاية بسكرة، ومن بينها القاص والكاتب حركاتي لعمامرة الذي كتب أن الفنان المرحوم: "عبد الحكيم نوبلي كان إنسانا قبل كل شيء، لم يرض أن يحترف الفن وبقي هاويا له نظرا لأنه كان يسري في عروقه، وكان أكسجينه الأول والأخير، فكان يسافر ويشارك في التظاهرات الثقافية، دون أن ينتظر الحصول على المقابل المادي، فقد عاش إنسانا صديقا للجميع بأتم معنى الكلمة".

وفي هذا السياق، قال حركاتي لعمامرة لـ«المساء"، إنه سبق وأن أجرى حوارا مع الفنان الراحل عبد الحكيم نوبلي، السنة الماضية، لصالح جريدة يومية، مشيرا أن الفنان عبد الحكيم نوبلي، لم يكن يملك بطاقة فنان، وكان يعمل بقطاع الصحة، ومن ثم اصبح مالكا لمؤسسة النقل الصحي الموجود مقرها بحي كبلوتي ببسكرة.

وكشف في حواره هذا عن ولوج الفنان عبد الحكيم مزياني الى عالم العزف، حيث التحق أولا بفرقة (الفنار)، تحت قيادة العازف عبد الحميد بديد، ولم يكن يسمح له بلمس الآلات الموسيقية، فطلب من والده أن يشتري له عودا وكان له ذلك.

بعدها، التحق الراحل بالفرقة التابعة لمديرية الشؤون الاجتماعية لعمال سوناطراك والتي كانت تحت إشراف الأستاذ القائد خليفة حميدي رحمه الله، وهي الفرقة التي تعلّم فيها تقريبا كل فناني بسكرة، أصول الفن، وكانت له معها مشاركات في مهرجانات وطنية أهمها، إحياء حفل في المسرح الوطني محي الدين باشطارزي، بفرقة تضم أربعين عضوا من بينهم 22 فتاة، وهو ما لم يتكرر في تاريخ بسكرة الفني، ومن ثم التحق بفرقة المرحوم عيسى هيبة الذي تعلم على يديه، الكثير.

ولم يشأ الفنان الراحل وابن عم الفنان نوبلي فاضل، احتراف الفن، واتخاذه مصدر رزق، فكانت مشاركاته منحصرة غالبا في تنشيط الندوات الأدبية ببسكرة، حيث تمتزج الكلمات الموزونة والعزف الشجي بالأدب، وفي هذا كان يشارك الشعراء والكُتاب بوصلات موسيقية.

من جهة أخرى، كان الفنان عبد الحكيم نوبلي، محبا للفنانين الشباب، فكان يهوى مساعدتهم سواء من خلال الندوات الأدبية التي كانه له يد في تنظيمها، وكذا من خلال صفحته في الفايسبوك التي عنونها بـ«اكتشاف المواهب وصقلها مع الأستاذ نوبلي عبد الحكيم"، كما كان يعطي فرصة الظهور للفنانين الشباب في المقهى الأدبي لبسكرة، سواء كانوا مغنيين أو عازفين، فاصبح الكثير منهم مشهورا اليوم ويشارك في مسابقات وطنية ودولية خاصة في الانشاد.

بالمقابل، ندد الفنان الراحل بمجانية تقديم العروض الفنية والأدبية، فقال إن 90 بالمئة ممن يحسبون على الفن، لن يملأوا صفا واحدا من قاعة العروض لو كان المتفرج يدفع مالا لحضور نشاطهم الفني، مضيفا أن كبرى الأعمال الفنية في العالم تقاس بمداخيلها والشباك هو الفيصل، ونحن في الجزائر نعطي للفنان الملايين ويقدم للمتفرج ما يشاء ناجحا أو لا.

للإشارة، الفنان الراحل عبد الحكيم نوبلي، من مواليد الفاتح أوت 1959، رحل عن عالمنا في الثالث من سبتمبر، بعد اصابته بفيروس كورونا، كان يشرف في الآونة الأخيرة على الجانب الفني والتحضير والتدريبات لفرقة (أنغام زيبان) التي يرأسها العربي شبري. كما احتك بالعديد من الأسماء الفنية وتعامل معها، من بينها، مناعي، محبوب، ادريس تومي، الهادي قدودة، عبد الحميد عبابسة، علي الخنشلي، زوليخة وغيرهم.