الإبداع المسرحي بعنابة
ورشة تكوينية لصقل المواهب وتفجير الطاقات

- 132

يطلق مسرح عنابة ورشةً تكوينيةً نوعية في فن الأداء المسرحي، يشرف عليها المخرج الجزائري فخر الدين لونيس، وذلك خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 29 سبتمبر الجاري، وتأتي هذه المبادرة لتفتح المجال أمام الشباب لاكتشاف عالم المسرح من الداخل، والغوص في تقنياته وأبعاده الجمالية والتعبيرية، ضمن أجواء فنية ملهمة وإشراف احترافي عالي المستوى.
الورشة موجهة من يملك الشغف بالمسرح، سواء كان قد خاض تجربة سابقة أو لا يزال في بداياته، إذ تهدف إلى صقل المواهب وتطوير أدوات الممثل، من خلال تمارين مركّزة تدمج بين التكوين النظري والممارسة الركحية. سيتعرّف المشاركون على تقنيات التعبير الجسدي والصوتي، التحكّم في النفس، استحضار الانفعالات، وبناء الشخصية المسرحية انطلاقاً من النصّ ومن خيال الممثل. كما ستتيح لهم الورشة فرصة العمل الجماعي، والتفاعل المباشر مع المخرج، ما يمنحهم مساحة للتعبير الحرّ والتجريب، ويضعهم في مواجهة حقيقية مع الذات والآخر.
المسرح ليس مجرّد عرض على الخشبة، بل هو فن الحياة، ومدرسة للصدق والإنصات والانضباط، حيث يتعلّم فيه الإنسان كيف يكون حاضراً بكُليّته، وكيف يحوّل العاطفة إلى صورة، والفكرة إلى فعل، والجسد إلى لغة. وتكمن أهمية هذه الورشة في كونها لحظة لقاء حقيقية بين الموهبة والتوجيه، بين الحلم والتقنية، في مدينةٍ مثل عنابة التي لطالما كانت حاضنةً للثقافة والفنون، وشاهدة على ولادة أجيال من المبدعين الذين أضاءوا المسارح محلياً ووطنياً.
فخر الدين لونيس، الذي يقود الورشة، يُعدّ من الأسماء اللامعة في الساحة المسرحية الجزائرية، بفضل أعماله التي امتزج فيها الحسّ الإنساني العميق بالتجريب الفني الجريء. يشتهر بحرصه على تكوين المواهب الشابة، وإيمانه بأنّ المسرح لا يُصنع فقط بالنصوص الكبيرة بل بالممثل الصادق، الحاضر، القادر على التلوّن والانصهار في الشخصية. لذلك فإن الورشة ليست فقط تدريباً، بل هي دعوة للغوص في الذات، واكتشاف الصوت الداخلي، والوقوف بثبات على الركح، كأنّك تقف على حافة الكون لتروي حكايته بطريقتك الخاصة.
تُعدّ هذه الورشة فرصة نادرة ومفتوحة أمام كلّ من يؤمن بأنّ الفن يمكن أن يغيّر الإنسان، ويصقله، ويمنحه أدوات جديدة للتفكير والتعبير، وأنّ المسرح هو أحد أجمل الأبواب التي يمكن أن نعبر منها إلى أنفسنا أولاً، ثم إلى العالم. التسجيل يتم عبر ملء استمارة المشاركة على مستوى إدارة مسرح عنابة، وعدد المقاعد محدود، ما يجعل من الضروري الإسراع في الحجز قبل انتهاء الفرصة.
تأتي مثل هذه المبادرات لتعيد للفن مكانته كفعلٍ إنسانيّ عميق، ولتمنح الشباب نافذة حقيقية نحو التعبير الإبداعي والنمو الشخصي. فالمسرح ليس مجرد فن، إنه حالة، تجربة، لحظة صدق، ولهذا على كل موهوب يرى في نفسه بذرة ممثل أو فنان امنح لصوتك وجسدك فرصة أن يُحكيا، أن يُشاركا، أن يتنفّسا الخشبة، لأن بعض البدايات قد تغيّر الحياة كلّها.