ذكرى معركة قعبقع وحرق المكتبة المركزية

وجه آخر من بشاعة المستعمر

وجه آخر من بشاعة المستعمر
  • القراءات: 846
 مريم .ن مريم .ن

أحيا متحفا المجاهد بولايتي المدية وتيسمسيلت تحت إشراف وزارة المجاهدين مؤخرا الذكرى الـ64 لمعركة قعبقع القعادي بولاية الجلفة، التي كانت شاهدة على بسالة جيش التحرير في الميدان، وكذا ذكرى حرق المكتبة المركزية بالعاصمة التي حطمت خرافة التحضّر الفرنسي.

سلسلة العمليات الجريئة التي نفذها بنجاح بواسل جيش التحرير الوطني بنواحي الجلفة، حمل القوات الاستعمارية على تنظيم حملة تمشيط واسعة بناحية قعيقع بتاريخ 10جوان 1956، ما أدى إلى نشوب معركة حامية الوطيس بين الطرفين دامت يومين كاملين تحت قيادة البطل الرمز الشهيد الرائد عمر إدريس رفقة مسؤول الناحية عبد الرحمان بلهادي.

من هذه العمليات إقناع 13 جنديا من فرسان الخيالة (سبايس) بالانضمام إلى صفوف المجاهدين بأسلحتهم، وحرق محطة السكك الحديدية بمدينة الجلفة، وورشة أشغال بالقرب من المحطة، وقطع أسلاك الهاتف بين الجلفة وحاسي بحبح، وإطلاق الرصاص باتجاه القطار، فأصيب ثلاثة من عساكر العدو، فاضطر القوات الاستعمارية إلى تقفي أثار المجاهدين إلى غاية جبل قعيقع.

أراد القائد عمر إدريس في هذه المعركة أن يتحدى القوات الفرنسية، وفضّل أن يعطيهم درسا ليبرهن للمناضلين وللمواطنين، بأن أبطال جيش التحرير متواجدون بقوة وقادرون على الضرب في أي مكان وفي الوقت الذي يقررونه ويختارونه.

بدأت المعركة عندما حشد العدو الفرنسي قوات ضخمة تمثلت في أرتال متنوعة من العربات المدرعة وناقلات الجند تدعمها أسراب من الطائرات، وقد استطاع المجاهدون بحنكة كبيرة استدراج عساكر العدو إلى ميدان المعركة، بعد أن تمركزوا في أماكن محصنة بين الصخور وأشجار البلوط والعرعار، وكان عدد المجاهدين 90 مجاهدا ومعهم بعض خلايا الاتصال.

شرعت القوات الفرنسية في الهجوم مستخدمة لأول مرة قنابل النابالم الحارقة، وبما أنها أول مواجهة بهذا الحجم، فقد استبسل المجاهدون وأعطاهم ذلك دفعا فتمكنوا من هزيمة العدو الفرنسي الذي تراجع بعد أن أدرك بأن استمرار المعركة يعني هزيمة قاسية، استمر القتال إلى ما بعد منتصف النهار وانسحب المجاهدون على شكل أفواج في مجموعتين، فوج القائد عمر إدريس اتجه نحو الشمال إلى زاغز الشرقي غرب سيدي بايزيد؛ والفوج الثاني توجه نحو الشمال الغربية ناحية الريان بقيادة عبد الرحمان بلهادي.

ومن نتائج المعركة هو الانتصار الساحق  للمجاهدين، وقدّرت خسائر العدو بمقتل أزيد من 70 عسكريا خصوصا من الأفارقة السنيغاليين، وإسقاط طائرة من نوع ت 06 وتحطيم عدة آليات، كما غنم المجاهدون 32 بندقية آلية ومدفعين رشاشين من نوع 24 ورشاشا ثقيلا ألمانيا، فيما استشهد سبعة مجاهدين في ميدان المعركة، ثلاثة جنود، وأربعة مسبلين وتسجيل العديد من الجرحى احدهم هو بلقاسم من أولاد ملخوة .

الذكرى 57 لحرق المكتبة الوطنية

في جوان سنة 1962 على الثانية عشرة ظهرا و40 دقيقة، انفجرت ثلاث قنابل فسفورية مدمرة أدت إلى نشوب حريق مهول بمبنى المكتبة الجامعية التي كانت تحوي 60 ألف مؤلف منها المخطوطات القديمة وأوّل المؤلفات المطبوعة.

ويعدّ هذا الفعل من جرائم الاستعمار الفرنسي ضد ذاكرة الشعب الجزائري، وهو اعتداء إرهابي وامتداد لسياسة الأرض المحروقة التي اعتمدها الاستعمار طوال فترة الاحتلال، كما باركت كل الصحف الفرنسية المؤيدة لاحتلال الجزائر هذه الجريمة.

أتى هذا الاعتداء قبل أقل من شهر من إعلان الاستقلال الوطني، اهتزت الجزائر الوسطى على وقع ثلاثة انفجارات قوية بين ساحة أودان والنفق الجامعي وشارع حماني (شاراس سابقا)، وفي عدد جريدة لوفيغارو الذي صدر غداة الاعتداء كتب المؤرخ ايف كوريير القريب من التيار اليميني المتطرف "في  جوان 1962 لف الدخان مدينة الجزائر، لقد انفجرت المكتبة الجامعية وأحرقت 600 ألف مؤلفا...ما كنا لنترك لهم علمنا و ثقافتنا". (منشورات متحف المجاهد تيسمسيلت).

وكتبت جريدة "لوموند" في جوان 1962 "نشوب حريق إجرامي بالجامعة...انفجار ثلاث قنابل يدوية من الفوسفور بالمكتبة وبالقرب من قاعة الأساتذة ومدرجي الكيمياء والعلوم ومخبر علوم الطب. مرتكبو الاعتداء استعملوا مواد متفجرة منها البنزين".

ونقلت "فرانس سوار" : "البورجوازيون الأثرياء بشارع ميشلي (ديدوش مراد حاليا) يتأملون دخان النيران التي تلتهم المكتبة الوطنية لتتلف 600 ألف كتاب ومدرجين ومخابر كلية العلوم"، وأضافت "في الحانة المقابلة جمع من الطلبة المسرورين يعلقون على الحادثة وسط كؤوس النبيذ"

وعلق روبير بورون أحد ممثلي الحكومة الفرنسية في مفاوضات اتفاقات إيفيان على الحادثة الأليمة قائلا "الذين حرقوا المكتبة أرادوا منع النخب الجزائرية من الاستفادة من الثقافة الفرنسية والاحتفاظ بها لوحدهم"، وكانت الدولة الفرنسية على علم بتنفيذ الجريمة من قبل المنظمة السرية بتواطؤ السلطات الاستعمارية.

وحسب "لوفيغارو" الصادرة في 8 جوان 1962 تم "تحويل أرشيف جامعة الجزائر إلى جامعة آكس.