أ.د عبد الكريم بن عيسى ضيف منتدى المسرح:

"هل فعلا المسرح فن التلقي؟!!"

"هل فعلا المسرح فن التلقي؟!!"
  • القراءات: 753
د.مالك د.مالك

أثار العدد الجديد من منتدى المسرح الوطني الجزائري للنقاش، إشكالية "هل فعلا المسرح فن التلقي؟" بتنشيط  الدكتور عبد الكريم بن عيسى؛ إذ أكد أن المسرح فن المتلقي (الجمهور) بامتياز، فعملية مُلازمة المتلقي وإقباله الكثيف على المسرح (العمل المسرحي)، أكبر معيار وأقوى مقياس لهذا الاعتبار، متسائلا ما هي مفردات أو سمات عملية ملازمة المتلقي للعمل المسرحي؟

يُكون المتلقي في المسرح ركنا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه أو الالتفاف حوله، كما قد يحصل مع ‘’النص’’ أو ‘’الفضاء’’ أو في قليل الأحيان مع ‘’المؤدي’’ وتعويضهم ‘’عبثا’’ بتجارب انسياقية تضر بالمسرح أكثر من أن تفيده؛ فلا مسرح بدون متلق، ولا وجود لفرجة درامية في غياب المرسل الركحي والمتلقي.

ويقصد الأستاذ بعملية ملازمة المتلقي إِقْدَام الجمهور على تلقي العمل المسرحي، وقد يكون هذا الجمهور المتلقي إما نخبويا أو فئويا أو مجتمعيا؛ فقد ترتاد نخبة المجتمع المثقفة المسرح لوحدها، وقد يقتصر إتيانُ المسرح على فئات بعينها كالطلاب أو العمال أو الفلاحين، وقد تلتف كل نخب وفئات وطبقات وشرائح المجتمع في حضور العمل المسرحي مهما اختلفت وتفرقت، فتؤيده بحماسة واندفاع، وتزيده من رفعة مكانته وأهميته، وبعث نوع من الراحة من الضغوط الكثيرة للحياة وأشغالها. وأضاف أن المسرح لا يمكنه أن يكون فن الجمهور إلا إذا كان إقباله الكثيف على المسرح بحماسة له واندفاع إليه ودفاع عنه وخصومة معه ومن أجله، لا يمكن أن يترك تأثيره الاجتماعي والجمالي، ولا يمكن أن يدفع المجتمعات إلى التقدم وتغيير بنيتها الفكرية والاقتصادية.

وقال بن عيسى إن حضورية المتلقي تتجلى على ضوء ما يقدمه الباحث والأكاديمي فرحان بلبل في العناصر الأربعة التالية: الإقبال بحماسة، والاندفاع إلى المسرح، والدفاع عن المسرح والخصومة المسرحية. أما مفردات تأثير هذا المسرح في المتلقي فهي أن يترك المسرح تأثيراً، ويحرض على المشاركة والتفاعل في الأفعال التي يصنعها أو يفرزها المجتمع، وبالتالي يكون المسرح صاعقا ومؤثراً؛ فيؤدي رسالته ودوره؛ لأن هذا المتلقي وجد في المسرح موضوعاته وأساليبه الفنية، فيجعل المسرح من المتلقي أشبه بمعركة يغلي معها المجتمع. لا يرتبط بالترويح عن النفس والتسلية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى ربط الاتصال الفعال للتعبير عن فكرة أو مفهوم أو شعور ما، يساهم بأنواعه وأشكاله في إيجاد فرد سعيد ومتوازن. ويصنع ترفا فنيا؛ فيصبح المسرح بلا عنوان، ونوعا من التسلية والترفيه. وتظهر فوائده كأماكن اللهو العادية بدل أن تكون له وظيفة تعليمية، الهدف منها نقل درس أخلاقي ضمن موقف درامي معين. وسيلة ذات قوة اجتماعية هائلة للتثقيف والتأثير والتوجيه إلى جانب الترويح والتسلية الهادفة.

الدكتور عبد الكريم بن عيسى حاصل على دكتوراه فنون من جامعة تلمسان، له عدد من المؤلفات منها الأكاديمية؛ "الدراماتورجيا والمنحى الدرامي"، و"تراث آيراد: الممارسة والتوظيف المسرحي". وفي الإبداع الأدبي "ديوان شكل الشمس المربع" ورواية "عرق سوس ينبض حيا". وله مخطوطات لمسرحيات تحت الطبع بعنوان "الحقائب الثلاث وقبلة الموت". كما نشر العديد من النصوص الدرامية على غرار مسرحية "أهان" و"حدة" و"القضية والقاضي" و"آخر سيزيف والمخْيطْ". كما أخرج مسرحية "المعروف معروف" سنة 1981، و"سارق الحافلة" سنة 1982 (مونودراما عن إحسان عبد القدوس)، و"أنت فنان يا عياش" سنة 1993، و"العسل المر" سنة 2015. كما له العديد من المشاركات في ملتقيات علمية ومناسبات فنية داخل وخارج الوطن؛ محاضرا ومحكما.