النص التنظيمي للجمعيات والتعاونيات الفنية

هذا ما يتمناه أهل المسرح..

هذا ما يتمناه أهل المسرح..
  • القراءات: 440
دليلة مالك دليلة مالك

يُنتظر أن يصدر النص التنظيمي الخاص بالجمعيات والتعاونيات الفنية الذي أقره القانون الأساسي للفنان الذي وقّعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون نوفمبر الماضي، في الأسابيع القليلة القادمة. وإذ تُعد هذه النقطة محل اهتمام الكثير من الفنانين لا سيما أصحاب التعاونيات المسرحية، فمن شأن النص أن ينظمها، ويؤطّر نشاطها، ويفتح المجال أمامها للإبداع أكثر ضمن مساحة قانونية أرحب.

يستشرف العمري كعوان صاحب تعاونية "الأنيس"، من سطيف، مستقبلا واعدا للتعاونيات المسرحية في الجزائر. وصرح لـ"المساء" بأنه يعمل إلى جانب عدد من زملائه، على ضوء جلسة عمل مع وزير الثقافة والفنون، التي كلفت ميسوم لعروسي وشداد بزيع بتمثيل الجانب الوزاري، وبعض المختصين، لسنّ بعض القوانين المرتقب أن تصدر في النص التنظيمي للجمعيات والتعاونيات الفنية.

العمري كعوانهناك 50 تعاونية نشطة من أصل 193

وتابع كعوان: "جرت دعوتنا للمشاركة كأصحاب تعاونيات مسرحية، ونحن حوالي 20 فردا. ويمثل، تقريبا، كل فرد حوالي 20 تعاونية، مع العلم أن عدد التعاونيات الموجودة في الجزائر أكثر من 193 تعاونية. ونحن كفنانين، نرى أن معظمها غير فعال، ولا أثر له على الساحة، بل ليس هناك 50 تعاونية، فعلا، ناشطة، تستحق لقب تعاونية ثقافية أو تعاونية مسرحية.

وكشف المتحدث عن إثارة بعض النقاط المهمة جدا التي صيغت على شكل اقتراحات، وسُلّمت لأصحاب القرار في وزارة الثقافة والفنون لينظروا فيها. وقال: "حاليا، نناقش بعض البنود، ونقترح على وزارة الثقافة أن تنظر فيها وتسعى إلى تطبيقها؛ على غرار أن يكون اعتماد التعاونيات الرسمي من وزارة الثقافة والفنون، وليس بموثق، لتفيد الفنانين الذين هم، فعلا، ناشطون في الميدان".

وحسب حديثه، يعتقد العمري كعوان أن أهم النقاط المقترحة، تحديد من هم المؤسسون أعضاء التعاونية؟ وفي لفظة أفضل، "من هم المتعاونون؟" ؛ هل الفرد في التعاونية يجب عليه أن يكون فنانا أم لا، إداريا أم لا؟ هل يحق له أن يملك بطاقة فنان ويمارس الفعل الثقافي في إطار التعاونية أم لا يحق له ذلك؟.

ويسترسل كعوان في أمر ثان يخصّ الإنتاج في التعاونية، من يدعم هذا الإنتاج؟ من أين تُدعم أعمال التعاونيات، أو مصدر تمويلها، سواء كان بنسبة مئوية أو على شكل 100%؟ وطرح، أيضا، مشكلة توزيع الإنتاج المسرحي، وكذلك ما هو المبلغ الحقيقي الذي يحتاجه العرض المسرحي. وفي هذا الشأن قال إن التعاونية المدعّمة يجب أن تُتبع بمنحها الترخيص لتوزيع الأعمال في مختلف ولايات الوطن، مؤكدا أن التعاونية حتى تكون في أريحية مالية يجب أن توزّع أعمالها، على الأقل، في 30 عرضا، شرط أن تكون فيه دائما، لجنة يرجع إليها القرار الأخير، في دعم العمل أو لا، وفقا لشروط العرض وجودته.

وانتهى المتحدث إلى القول إن هذه النقاط مازالت محل اهتمام ونقاش، وسيفصل فيها قريبا. ومن المفروض أن الوصول إلى سَنّ بعض القوانين التي تصبّ في صالح كل المتعاونين، سيعلَن عنه في جانفي الداخل.

حليم زدامننتظر فتح الباب الذي أُغلق في 2014 

من جهته، قال حليم زدام عن تعاونية "مسرح التاج" من برج بوعريريج لـ"المساء" ، إنه ينتظر من المرسوم التنظيمي الخاص بالجمعيات والتعاونيات الفنية، أن يفتح الباب الذي أُغلق في 2014. هذا الباب هو تعليمة وزارية تمنع الجمعيات من النشاط إلا بتصريح منها. واعتبرها قرارا غير شرعي، وأن المرسوم الجديد سيسمح بعودة نشاط هذه المؤسسات الثقافية والفنية.

واسترسل زدام قائلا: " يمكن المرسومَ أن يفتح المجال للاستثمار"، مشيرا: "أنتظر من المرسوم أن يسمح للمؤسسات الثقافية والفنية الخاصة بأن تستثمر في المجال الفني، وهو ما طالبنا به منذ وقت طويل، في مثال كوني صاحب تعاونية يمكنني أن أنشئ مسرحا صغيرا، وأصنع فيه ما أشاء، مثل التكوين والإنتاج المسرحي".

كما أعرب زدام عن أمله في أن يسمح النص التنظيمي بعمل ثلاثة أشخاص على الأقل على مشروع مسرحي، يطول مع الزمن، يهدف إلى صياغة فكرة أو أسلوب جديد للمسرح، مثل ما فعل بريشت، الذي خلق المسرح الملحمي، واستغرق في ذلك عشرين عاما.  كما يأمل المتحدث أن يسمح النص التنظيمي بتسهيل إجراءات طلبات التمويل من لدن البنوك؛ بسحب قروض أو أي شكل من أشكال التمويل من شركات اقتصادية.

تونس آيت علينقترح لجنة متخصصة لتسهيل نشاط فناني الجالية

أما الممثلة والمخرجة المسرحية وصاحبة تعاونية "الساعات الثلاث" تونس آيت علي، فكشفت لـ"المساء" عن أنها اقترحت على وزارة الثقافة والفنون إنشاء خلية مختصة، تهدف إلى تمثيل الفنانين الجزائريين المقيمين في الخارج، لتكون حاضرة بنشاطها في الجزائر، مشيرة إلى وجود عوائق إدارية تحول دون ذلك. 

وقالت آيت علي إن اقتراحها جاء بعد الاجتماع الذي عقدته وزارة الثقافة والفنون بشأن تعاونيات المسرح في الجزائر. وطرحت هذه المسألة كونها ممثلة ومخرجة من الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، وكمواطنة جزائرية. وتتساءل عن إمكانية العودة إلى الجزائر لتأسيس تعاونية مسرحية. ومع ذلك لاحظت أن هذه الإجراءات معقدة بسبب العقبات الإدارية. ونظرا لحصولها على إقامة في فرنسا، فإنّ الحصول على إقامة في الجزائر يصبح أمرًا صعبًا، كما قالت، ولا تستطيع السلطات المحلية إلا منحها شهادة إيواء. وهذه الوثيقة غير معترف بها في ملف تأسيس التعاونيات.

وأكدت المتحدثة أن هذه الوضعية تثير أسئلة حول قدرة الجالية الجزائرية الذين يرغبون في المساهمة في القطاع الثقافي في الجزائر، على الالتزام الفني والريادي.

واقترحت تونس آيت علي إنشاء خلية أوروبية، تهدف إلى تمثيل فناني الجالية الجزائرية، سواء كانوا يعملون كفنانين، أو يحملون الجنسية الجزائرية أيضا. والهدف هو إنشاء بنية تسهّل اللقاءات والتبادلات، بما في ذلك تيسير الحصول على بطاقة الفنان. وستمكّن هذه المبادرة فنانين مثل سيد أحمد أقومي، وبيونة، وسعيد عمار، وهشام مصباح، وغيرهم من الفنانين الموجودين في فرنسا، من المشاركة بشكل أكبر، في المشهد الفني بالجزائر.

وأكدت آيت علي أن من الضروري التفكير في كيفية تعزيز التعاون الوثيق بين التعاونيات الفنية، مع مراعاة التحديات التي تواجهها. وقالت: "حالياً، تعيق تعقيدات الإجراءات الإدارية قدرتنا عن دعوة جمعيات فنية إلى الجزائر، والعكس بالعكس. وعلى سبيل المثال، كممثلة ومخرجة وحتى كمواطنة جزائرية، أواجه ضرورة تقديم دعوة بالنيابة عن منظمة فرنسية، لاستضافة تعاونيات جزائرية".

وتتابع المتحدثة: "إن أعمالنا الفنية في الخارج تُنفَّذ أيضا باسم الجزائر. عندما أنظم عرضا مع فرقتي، فإنني في الواقع أدافع وأعزّز ثقافتي الجزائرية؛ لذا يصبح من الضروري إنشاء خلية متخصصة، يمكنها تمثيل جميع الفنانين الجزائريين المقيمين في الخارج. كما يمكن أن تكون هذه الخلية جسرا ثقافيا وإداريا، وبالتالي تسهل التبادلات الفنية بين الجزائر وغيرها من البلدان، مع الاعتراف بعمل الفنانين المغتربين وتقديره".

وكشفت آيت علي عن أن لقاءها مع ممثل وزارة الثقافة والفنون ميسوم لعروسي، كان إيجابيا، وأكد لها أنه سيطرح هذا الانشغال على الوزيرة صورية مولوجي، معبّرا عن رغبته في إنشاء وحدة أوروبية تهدف إلى جمع جميع الفنانين الجزائريين العاملين في الخارج، ومشيرة إلى أن هذه المبادرة تأتي ضمن سياسة الدولة التي تهدف إلى عدم فقدان الارتباط مع المهجر، وتشجيع تسهيل الدخول والاستثمار والعمل لأعضاء الجالية الجزائرية.

وبهذا الشأن قالت آيت علي: "بصفتي فنانة نشطة مع فرقتي، أطمح لمشاركة التجارب التي اكتسبتها في البلدان المتقدمة" . واسترسلت: "أنا ملتزمة بالعمل المجتمعي. وأعمل بالتعاون مع نساء من أحياء صعبة؛ من خلال ورشات العمل في المسرح والرقص، يكون هدفي توفير مساحة لهن؛ حيث يمكنهن الهروب مؤقتا من حياتهن اليومية".

وأكدت أيضا أن من الضروري الإشارة إلى أن الجمعيات تلعب دورا هاما في هذا السياق؛ إذ يمكن أن يمتد تأثيرها حتى المستوى السياسي؛ فعلى سبيل المثال، في بعض الحالات وخاصة خلال الانتخابات، يصبح التعاون مع الجمعيات المحلية أمرا حاسما بالنسبة للشخصيات السياسية؛ مثل رؤساء البلديات. وبهدف تحقيق الفوز في الانتخابات، غالبا ما يجب على رئيس البلدية أن يكسب دعم الجمعيات العاملة في مدينته.