محور ندوة تاريخية بقالمة

هجومات الشمال القسنطيني انطلاقة ثانية للثورة التحريرية

هجومات الشمال القسنطيني انطلاقة ثانية للثورة التحريرية
  • القراءات: 4309
❊ وردة زرقين ❊ وردة زرقين

نظمت جمعية التاريخ والمعالم الأثرية لولاية قالمة بالاشتراك مع مديرية الثقافة للولاية وجمعية الثقافة والتاريخ للمعارك الكبرى للثورة التحريرية وبالتنسيق مع المنظمة الولائية للمجاهدين بقالمة، ندوة تاريخية تحت شعار هجومات الشمال القسنطيني، انطلاقة ثانية للثورة التحريرية، بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة ليوم المجاهد وهجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 55 ومؤتمر الصومام 56.

الندوة التاريخية التي احتضنها مقر ديوان السياحة المحلي بمدينة قالمة السبت المنقضي، عرفت عدة مداخلات ومحاضرات حول هجومات 20 أوت ونتائجها على الثورة التحريرية وتاريخ الجزائر، إلى جانب شهادات حية لمجاهدين ومواطنين ممن شاركوا وعايشوا الحدث التاريخي الكبير.

وبهذه المناسبة تطرق أستاذ التاريخ بجامعة 08 ماي 45 بقالمة عبد الغني بوصنوبرة في مداخلته، لنقطتين، الأولى متعلقة بـ 20 أوت، والثانية حول دور الإعلام في الماضي والحاضر. وقد ركز في الجزء الأول من محاضرته، على أهمية ما جاء في كتاب لمؤرخة فرنسية كلار موس، وهو كتاب خاص بـ 20 أوت 1955، يعتمد على شهادات حية من 279 صفحة، تمت طباعته في 2011، ركزت فيه الكاتبة على التمرد، ثم ما صاحب من أفعال فرنسية قمعية، والمجازر المرتكبة في حق الجزائريين. وقد قامت بجمع شهادات المجاهدين الفرنسيين الاحتياطيين، من بينها شاهدة تقول إن حرب الجزائر (1954- 1962) كانت عارا بالنسبة للفرنسيين.

وأوضح بوصنوبرة في مقارنة ما قاله المجاهدون الفرنسيون والمجاهدون الجزائريون، إنه لأول مرة تركز مؤرخة فرنسية على ما قام به الفرنسيون في حق الجزائريين ابتداء من 22 أوت 55، مشيرا إلى أن أهم ما جاء في الكتاب، أسماء الضحايا الجزائريين مع بعض الصور، حيث إن الكتابات الفرنسية كانت تركز على الضحايا الأوروبيين. أما ما جاء في الشهادات فهو ردم الضحايا الجزائريين في أحد الوديان؛ ما يتراوح ما بين 100 و200 ضحية.

وفي ما يخص قالمة، اعتمدت كلار موس على 03 شهادات، حيث تعرضت الثكنة لهجوم 21 أوت في الفصل الأخير من الكتاب، حسب الشهادات. أما الجزء الثاني من المداخلة فقد خصه لدور الصور التي لم تتجاوز 15 ثانية، للتعريف بالقضية الجزائرية، وفضح الممارسات الفرنسية. وذكّر بزيارة جاك سوستال إلى قسنطينة برفقته 06 صحفيين، منهم المصور جورج صاشال الذي قام بتصوير المشاهد وإرسالها إلى الشركة التي يعمل لها فوكس، حيث أثارت الصور شكوكا كثيرة، وتزامنت مع اقتراب الدورة العاشرة للأمم المتحدة. وبقيت تلك الأفعال عالقة إلى حد الآن، وساهمت في التعريف بالقضية الجزائرية. 

من جهته، تطرق الأستاذ إسماعيل سامعي (أستاذ بجامعة قسنطينة سابقا) في مداخلته، لعدة نقاط خاصة بالثورة وهجومات 20 أوت. وقال إن الإعلام له دور كبير في كافة المجالات سواء العسكرية أو الحربية أو المدنية أو التنموية أو الاقتصادية أو غيرها، وذكّر بمقولة الرئيس الراحل هواري بومدين عندما تكلم عن عيسى مسعودي وقال: إذا كان نجاح الثورة يمثل 50 بالمائة فإن عيسى مسعودي يمثل 50 بالمائة. كما تحدّث في مداخلته عن الشباب والشيوخ الذين التحقوا بالثورة وكانوا يطالبون بحمل السلاح، مذكرا بالمقولة المنسوبة للشهيد العربي بن مهيدي”: اُلقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب؛ إذ إن ما يقارب 60 مجاهدا حاملي السلاح ما بين أول نوفمبر و20 أوت، كما ذكّر بدور الجندارمة الفرنسيين التابعين للجيش والمواجهين للشعب الفقير في الأرياف.   

أما الشاعر والمؤرخ محمد برقطان فقد قدّم في مداخلته، شهادات في تقارير لمجاهدين في عدة ملتقيات خاصة بكتابة تاريخ الثورة المجيدة في ولاية قالمة. وقال إن الثورة تعرضت لصعوبات ومشاكل فرضها العدو، من بينها نزاعات وصراعات على عدة مناطق لاسيما المنطقة الأولى، بالإضافة إلى الخطر الذي شكله جاك سوستال، الذي جاء بمشروع خطير ضد الثورة، وفتح حوارا مع عدة أحزاب. وأمام هذا الوضع تقرر تنظيم هجوم على الشمال القسنطيني في لقاء جمع ما يقارب 100 مجاهد، من بينهم صالح بوبنيدر وعمار شطيبي من قالمة. أما الأماكن التي تمت فيها عمليات يوم 20 أوت في منطقة قالمة، فكانت في الباردة بناحية هوارة وهيليوبوليس، وكان الهجوم بقيادة صالح الحروشي وبوعاتي محمود والفجوج، فيما تأخر الهجوم إلى 21 أوت في عين العربي ومدينة قالمة وحمام الدباغ وعين الرقادة ووادي الزناتي والنشماية والركنية وبلخير، مضيفا أن الهجومات مست 51 نقطة في الشمال القسنطيني، وأعطت صدى إعلاميا كبيرا في المحافل الدولية، منها في مؤتمر باندوغ الذي طالب بإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الأمم المتحدة، وتم تسجيلها في جدول الأعمال، وبالتالي كانت هجومات 20 أوت انطلاقة ثانية للثورة التحريرية.