الناشرون يأملون زيادة في نسبة المقروئية
نهاية أسبوع جماهيرية بصالون الكتاب
- 235
لطيفة داريب
يشهد قصر المعارض بالصنوبر البحري، حركية غير عادية مع توافد آلاف الزوّار يومياً إلى الطبعة الثامنة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، في مشهد ثقافي يبعث على الفخر والأمل. فمنذ الساعات الأولى لافتتاح الأبواب، امتلأت الممرات بالجمهور من كل الأعمار تلاميذ، طلبة، عائلات، ومثقفون جاءوا ليعيشوا أجواء العرس السنوي للكتاب. كما سعد الناشرون بالإقبال الجماهيري الغفير في الثلاثة أيام الأولى، وهو ما أثلج صدورهم وجعلهم يستبشرون بمصير بقية أيام هذا الحدث الثقافي الكبير الذي يشكّل بالفعل فاتحة الموسم الأدبي بالجزائر.
تحوّل المعرض إلى فضاء مفتوح للحوار والإبداع، حيث تتجاور دور نشر جزائرية وعربية وأجنبية تعرض أحدث الإصدارات في الأدب، التاريخ، والفكر. وفي أروقة المعرض، يتوقف الزائرون لالتقاط صور تذكارية أو توقيع كتاب جديد، بينما يتبادل الكتّاب ابتسامات اللقاء مع قرّائهم. وإلى جانب الأجنحة المزدحمة، تشهد القاعات المخصّصة للندوات والأمسيات الأدبية حضوراً لافتاً، حيث تُناقش قضايا فكرية معاصرة وتُكرّم أسماء بارزة في الأدب الجزائري والعربي.
بالمناسبة، تحدّث السيد فاضل زاكور المكلّف بالإصدارات الجديدة في المؤسّسة الوطنية للفنون المطبعية "إناغ" لـ"المساء" عن انبهاره بالإقبال الجماهيري الكبير جدا الذي توافد منذ الساعات الأولى على صالون الجزائر الدولي للكتاب، مؤكّدا أنّ هذا الأمر، مؤشّر على وجود مقروئية في الجزائر وتعلّق بالكتاب الذي يعتبر بحقّ أنيسا للإنسان حيثما حلّ وفي كلّ الأوقات عكس الأجهزة الالكترونية التي تتخلى عن صاحبها فور فراغ بطاريتها. أضاف زاكور أنّ الدكتور عمار طالبي مثلا باع كلّ نسخ كتابه حول الفلسفة في أوّل يوم من الصالون، وحتى قبل منتصف النهار، حيث توافد عدد كبير من الطلبة يبحثون عن كتابه ما دفع بـ"إناغ" إلى برمجة يوم ثان لعملية بيع بالتوقيع لكتاب الدكتور.
أما المستشار بالمؤسسة الوطنية للنشر والاتصال والاشهار "أناب"، السيد حسان غراب فعبرّ لـ"المساء" عن إعجابه بهذا الإقبال "الرهيب" للجمهور في اليوم الأوّل لمعرض الجزائر الدولي للكتاب، مطالبا بالتفرقة بين الزائر والقارئ. وتابع أنّه على دور النشر بذل المزيد من الجهد لتحويل هذا الزائر إلى قارئ وهو ما تقوم به المؤسسة الوطنية للنشر والاتصال والاشهار من خلال توفير نوعية جيّدة لغلاف الكتاب وورقه وكذا مضمونه، وحتى في سعره، وهكذا حينما يتصفّح زائر جناح "أناب" كتابا ما سيعجب بشكله ثم حينما يقلب بعض صفحاته سيروق له مضمونه ليجد في الأخير أنّ سعره مناسب فيقتنيه.
وتابع المتحدّث أنّ جناح "أناب" عرف زيارة العديد من القرّاء من بينهم المحنكون الذين يقبلون على الصالون وهم على دراية بما سيشترونه وآخرون قرّاء جدد يكتشفون الكتب ويعجبون بها فيشترونها، مضيفا أنّ اليوم الأوّل للصالون هو امتحان حقيقي لكلّ ناشر.
من جهته، قال الأستاذ سعيد سبعون ممثل دار "القصبة" لـ"المساء " إنّ إقبال الجمهور على الصالون في يومه الأوّل جيّد وقد تزامن مع العطلة الخريفية لتلاميذ المدارس، متمنيا مواصلة هذا الإقبال طيلة أيام الفعالية وكذا زيادة في المقروئية وشراء الكتب. وأضاف أنّه لاحظ أنّ هناك جسّا لنبض الكتب من طرف الزوّار في الأيام الأولى من المعرض أكثر من اقتناء الكتب وهو ما قد يتغيّر في باقي أيام "سيلا2025".
بالمقابل، عبرّ بعض زوّار الصالون لـ"المساء" عن وفائهم لهذه الفعالية والدليل قدومهم منذ اليوم الأوّل لها خاصة مع تزامنه بالعطلة الخريفية، رغم أنّ الكثير منهم لم يقتن الكتب بعد، فعبير الشابة لا تحبّذ شراء الكتب إلاّ بعد أن يتم تخفيض سعرها أي في الأيام الأخيرة للصالون، في حين قالت منال إنّها عكس ذلك تماما فهي تقتني الكتب مبكرا حتى لا تجد نفسها أمام معضلة "الفقدان" ونفاذ الكمية، أما حميد فقد أفصح لـ"المساء" عن زيارته للصالون فقط بغاية التجوال وأنّه في الحقيقة لا يحبّ القراءة، في حين أن جميلة ترى في "سيلا2025" فرصة لتحبيذ المطالعة لأطفالها وإبعادهم عن الهواتف النقّالة واللوحات الالكترونية.وشهدت الطبعة الثامنة والعشرون من صالون الجزائر الدولي للكتاب إقبالاً جماهيرياً واسعاً عكس تعطّش الجزائريين للثقافة والقراءة، ومكانة الكتاب كفضاء للتلاقي والتنوير.
فمنذ افتتاح المعرض، توافدت أعداد كبيرة من الزوار من مختلف الأعمار والولايات، في مشهد يعيد التأكيد على أنّ الكتاب لا يزال يحتفظ بسحره وسط التحولات الرقمية المتسارعة.ويرى كثير من الزوار أن صالون الكتاب لم يعد مجرّد فضاء تجاري لاقتناء الكتب، بل تحوّل إلى عيد وطني للثقافة وفرصة لتجديد الصلة بالمعرفة وتوسيع الآفاق الفكرية. أما بالنسبة لدور النشر والمبدعين، فالموعد يمثل نافذة للتواصل مع جمهور واسع وتبادل التجارب والأفكار. هكذا، أكّد الإقبال الجماهيري الكبير على هذه الدورة من صالون الجزائر الدولي للكتاب أن الكتاب لا يزال يحتفظ بمكانته في قلوب الجزائريين، وأن الثقافة تظلّ ركيزة أساسية في بناء مجتمع متوازن ومستنير، يعتزّ بتاريخه وينفتح على العالم.