"الربيع الشاهد" بفضاء منتدى الكتاب

نموذج من منشورات الستينية

نموذج من منشورات الستينية
الكاتب محند النذير صخري
  • القراءات: 472
مريم. ن مريم. ن

استقبل "منتدى الكتاب" بالمكتبة الوطنية، أول أمس، الأدب الأمازيغي ممثلا في الرواية التاريخية التي قدّمها الكاتب محند النذير صخري، بكل إبداع وتميّز، مستغلا الأحداث الواقعية لنسج تفاصيل الرواية. 

قدّم الكاتب صخري ضمن هذه الندوة التي حملت عنوان "الأدب الأمازيغي في منشورات الستينية"، روايته "الربيع الشاهد" المستوحاة من أحداث وقعت أثناء الثورة. وقد صرح لـ"المساء" قائلا: "صدرت هذه الرواية عن دار امتداد سنة 2021. ثم أعادت وزارة الثقافة والفنون طبعها في ألف نسخة، وهي مستوحاة من الواقع. وتعود أحداثها إلى ربيع سنة 1958 أثناء الثورة التحريرية بإحدى قرى بني ورثيلان. وقد اعتمدت فيها على شهادات خاصة من السيدة "نّا زوينة" ، التي شهدت الأحداث بالقرية، وكان عمرها آنذاك، 18 سنة. ولاتزال تحفظ قصيدة أعطتني إياها، كانت نسوة القرية يردّدنها بعد خروج المجاهدين، ثم استشهاد 11 من أبناء المنطقة، كن يمدحن جهادهم".

وبالمناسبة، قرأ الكاتب هذه القصيدة بالأمازيغية، ثم أعادها بالعربية، وكانت مؤثرة جدا. وقد برزت فيها إضافة إلى تاريخ الثورة، معالم من البيئة القبائلية، علما أن الكاتب أوضح أنه قسّم روايته إلى جزءين، أولهما خاص بأحداث الثورة، والآخر يحوي قيما وخصوصيات قبائلية؛ منها العادات والتقاليد، خاصة التي كانت عند الأجداد. وبدا الكاتب صخري متأثرا بالميراث الثوري والأدبي للراحل مولود معمري؛ حيث استشهد ببعض مقولاته؛ منها: "حينما يلوي الجوع الأحشاء، وحينما تُكتم أحلام كثيرة، تنفجر الحال، وينفجر الفرن ويشتعل؛ ذلك أن قبسا متواضعا يحمله شخص بسيط، سيشعل نارا عظيمة". وتوقف الكاتب عند شخصيات روايته، وأغلبها حقيقية، منها أسماء قادة في الثورة، وأسماء بعض الأهالي، وأسماء الشهداء، مشيرا إلى أنه قام بتغيير الأسماء إلى أخرى تبقى رمزية؛ منها مثلا "الموستاش" إضافة إلى اسم الخائن (الحركي) عليلوش.

كما تحدّث الكاتب عن عملية "العصفور الأزرق" الذي أطلقته فرنسا لضرب الثورة، وسعيها لفرض ثورة مضادة تقضي على الثوار، لكنها فشلت في الأخير. وفي هذا المضمون تأتي الرواية التي تروي 11 سجينا جزائريا من قرية "آث شبالة" ، اقترحت عليهم السلطات الفرنسية الإفراج مقابل التعاون معها لضرب المجاهدين، وأعطتهم السلاح.

وفور خروجهم التحقوا بالجبال، وانضموا لجيش التحرير إلى أن سقطوا في ميدان الشرف. بعدها قرّرت فرنسا إبادة القرية، لكنها تراجعت، واكتفت باعتقال الكثير من رجالها. وقدّم ضيف المنتدى أيضا، بعض عناوين الروايات في الأدب الأمازيغي التي تناولت الثورة؛ منها، مثلا، " ثماقيت" لوليد ساحلي، و"باية" لبلعيد بوكشن التي تحكي عن فاطمة التي عملت مترجمة عند السلطات الاستعمارية، وكان أهل القرية ينظرون إليها على أنها عميلة، لكنها استطاعت أن تجلب السلاح للمجاهدين، ثم أصيبت، ليقرر المسؤولون في جيش التحرير إرسالها إلى تونس، ثم ماتت، وبقيت ابنتها باية تبحث عن تفاصيل جهادها.

كتّاب آخرون سردهم المحاضر، منهم اعمر مزداد، وشيخ زايد، واعمر أوعمارة، وطاوس إبلعيدن، وفضيلة أولبصير وغيرهم. وعرفت المناقشة ثراء وتنوعا. وشارك فيها البروفيسور منير بهادي مدير المكتبة الوطنية، الذي أشار إلى أن الأدب الأمازيغي متميز بجمالية النص، واللغة، وتجاوز المجاز كي لا يكون على حساب الموضوع، مثمنا رواية "الربيع الشاهد" التي وظفت باقتدار، الأحداث التاريخية، ودمجتها مع الأدب بتناسق. كما أكد بعض المتدخلين على التوفيق في استحضار الشخوص، وفي الحوار، وفي اللغة الراقية الأقرب إلى الشعر، مع التمني للرواية باللغة الأمازيغية، البروز، والانتشار.