الدكتور بوعديلة يكتب عن الديوان الجديد للشاعر عاشور بوكلوة

نصوص عن جماليات المحبوب وتجلياته

نصوص عن جماليات المحبوب وتجلياته
غلاف الديوان
  • القراءات: 687
لطيفة داريب لطيفة داريب

كتب الدكتور وليد بوعديلة من جامعة سكيكدة، عن إصدار الشاعر والكاتب الجزائري عاشور بوكلوة، مجموعته الشعرية خماسيات الوجد، عن منشورات المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بسكيكدة 2018، حيث يقترح على القارئ مقطوعات تحاور الحنين والوصل وجماليات الهوى.

أشار الدكتور وليد بوعديلة إلى تشكل الديوان من ثلاثة أجزاء، فالجزء الأول بعنوان: "خماسيات الوجد"، وهو قصيدة مطولة تتشكل من مقطوعات شعرية، كل مقطع من خماسيات، والجزء الثاني بعنوان "ثلاثيات الصبابة"، والجزء الثالث بعنوان ثنائيات الحلم".

وهكذا يرحل القارى في ما يمكن أن نطلق عليه "ملحمة المحبة وأهوالها"، وفيها الأحزان والأفراح ولحظات الألم والأمل، والسقوط والنهوض، ويظل الشاعر في كر وفر خلف محبوب لا يريد التواصل، فتتجلى تراكيب انزياحية وصور شعرية استعارية وكنائية، تراوغ اللغة والمعنى، وتمتع القراءة.

أضاف بوعديلة أن بوكلوة يكتب نص الوصل والشوق، ويعبر عن مأساوية الذات زمن الليل، كما يحاول أن يضع ـ أمام السالكين لطرق المحبين- ملامح طريق العشق، نقرأ:

يا نبض القلب ألا تجد

دربا للوصل كمن وجدوا

قد بات الليل يعذبني

والفجر يزيد، فلا يفدُ

والبدر يغيّر موعده

خوفا من بدر يتّقدُ

ويقول في سياق آخر:

حال العشاق كما وصفوا

ويل في قربه نرتعد

الوصل يعذب من وصلوا

والشوق يعذب من بعدوا

وتابع أنه حينما يسافر القارئ في طريق العشاق، وتأمل المقاطع الشعرية، سيلمح حضور الأسلوب القصصي وعناصر الحكي، لأن الشاعر مشغول بكتابة كل عناصر الحكاية والملحمة، ولا نجد ثنائية الذات/ المحب والآخر/ المحبوب فقط، بل هناك شخصيات كثيرة تشكل القصة الكبرى للمحبين، كما عرفناها في كتب الحب في التراث العربي، من قبيل قصص وأخبار المحبين في "طوق الحمامة" لابن حزم.

ومن المعاني التي وجدناها تتكرر في الخماسيات نذكر:

- معاني الانتقال من أوجاع الحب إلى أفراحه، مثل النص:

حسبت الحب جنات

بها حقل لأزهاري

فطار النبض نشوانا

سعيدا في السما ساري

يغني في الدجى لحني

يجاري صدق أشعاري

ـ معاني غياب النوم ليلا في ظل أرق الشوق، مثل النص:

أبيت الليل في شغف

أغنّي لحن أشواقي

وأحلامي التي خابت

تناجي رمش أحداقي

ـ معاني قسوة قلب المحبوب ونفوره وابتعاده المتواصل، مثل قول الشاعر:

أمسي أسائلك الغرام تذللا

وتمنعا صد الغرام زوابعي

حتى بلغت من القساوة حدّها

وغدوت للأحجار خير مقارع

وتابع مجددا أن هناك المعاني العديدة التي تقدم نبض الهوى ويوميات البحث عن الوصال، ونذكر منها: معنى ملامح العاذل، معنى الحب والجنون، معنى الفرح في الغد، فلسفة الحب، الموت والحياة...

وتطرق بوعديلة إلى عدم التزام المقاطع الشعرية للديوان بالقوافي والأوزان، بل هناك التعدد والتنوع، لتعدد همسات القلب ودلالات الهوى، ولتنوع العواطف والمشاعر، لكن مع براعة في الاستفادة من معاني الأصوات والاستعانة بالتكرار أحيانا، والاستفادة من الأسلوب القرآني (قصة مريم وهز جذع النخلة)، وتوظيف تقنية الحوار والحديث بين الأنا والمحبوب، مع عدم الاستعانة بالرموز التراثية والأسطورية، والاكتفاء بالرموز الطبيعية وتشكيل عوالم المقاطع بأسلوب ينتقل بين المجاز والوضوح...

لنتأمل صوت الحزن لحزن المعنى والدلالة في هذا النموذج:

أضعت الشهد من حلقي

أضعت الخمر من كاسي

وما من حجة عندي

سوى لهفي وإحساسي

وشكٌ ظل يعميني

وخوفٌ هدً أنفاسي

سريعا ينتهي حلمي

كئيبا دون أعراس

ومن جماليات النص الشعري البوكلوي (بوكلوة)، الارتقاء الأسلوبي والتصويري في لحظة الكشف عن جمال الأنثوي، فتلتقي كل الحروف والكلمات والتراكيب لإنجاز شعرية الوصف أو شعرية الجمال الأنثوي، فبحضورها يحضر الفرح الشعري والأمل الذاتي، وتنتقل نبضات الفؤاد من الألم إلى الأمل، نقرأ:

تزهو الحياة بوصل فاتنة، نما

في قلبها حب سقته منابعي

شهدٌ مذاق حضورها بمواسمي

وردٌ عبير مرورها بمزارعي

ويقول:

وتراقصت بوصالها أرواحنا

وتعلقت برضابها الأذواق

قد هام قلبي في الغرام بحسنها

وهفا بحضني حضنها المشتاق

تسقي شغاف الروح دون سقاية

فيغار حقل زاهر عبّاق

كما سار الشاعر بوكلوة في طريق شعراء الرومانسية العرب، عبر منح الحياة لعناصر الطبيعة وجعلها تتكلم وتتحرك وتقدم الأداء الإنساني المتعدد، وهنا نقرأ الصور الاستعارية والكنائية الجميلة. وكأننا نقرأ شعر جبران أو إيليا ابو ماضي...

واختتم الدكتور بوعديلة قراءته لديوان الشاعر بوكلوة بالقول، إنها تجربة شعرية أخرى تضاف للشاعر والناشط الثقافي عاشور بوكلوة، وقد سبقتها تجارب أخرى منها؛ الحشاش والحلازين 2002، جوازات سفر 2005، كسوف النبض والامنيات 2004، الشفاعات 2006، الرعود التي خاصمت برقها 2016، ومجموعات مشتركة بالمغرب وتونس، وقد تحصل على جوائز وطنية وعربية في الشعر، وأشرف على ملتقيات ومهرجانات ثقافية كثيرة بولاية سكيكدة، وهو من الأسماء الشعرية الهامة في الشعر الجزائري المعاصر.