الجمعيات الثقافية بالبليدة

نشاط وإصرار رغم قلة الدعم

نشاط وإصرار رغم قلة الدعم
  • القراءات: 1255
لطيفة داريب لطيفة داريب
للنشاط الثقافي الجمعوي حصة معتبرة في ولاية البليدة، رغم ما يعترض الجمعيات من قلّة الدعم المادي والتجاهل، وفي هذا السياق، التقت "المساء" برئيسي الجمعية الثقافية والترفيهية "سندس" بالشفة؛ السيد محمد عنون والجمعية الثقافية لنشاطات الشباب "بن بولعيد" بمدينة البليدة؛ السيد بلال بوشنافة، واستقصت عن عمل جمعيتيهما وفحوى الدعم الذي يتلقياه من مديرية الشباب والرياضة بصفة تكاد تكون حصرية، في غياب دعم مديرية الثقافة وعن نوادي جمعيتيهما ومشاريعهما.

عنون محمد (رئيس جمعية "سندس"):
هناك من يتلقى الدعم المتواصل وهناك  من يتعرض للتناسي
قبل تأسيس الجمعية الثقافية والترفيهية "سندس"، أوضح السيد عنون أنّه كان ضمن فرقة حرة خاصة بالفن الرابع تابعة لدار الشباب بشفة، كما كان الأمين البلدي للاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، بالتالي فتكوينه جمعوي، ومع ذلك يقول محدثنا "لم يرق لي أن أواصل في هذه المسيرة، باعتباري كنت أنشط في إطار سياسي وأنا عاشق للثقافة ومحب للنهل منها والتعبير عنها فنيا، فجاء قرار تأسيس جمعية ثقافية في 28 نوفمر 2011، وتحصّلنا على اعتماد للجمعية وبدأنا العمل في إطار قانوني يسمح لنا بالحصول على الميزانية، وكانت البداية مع المسرح، أي المجال الذي نتقنه أكثر".
ويتابع السيد عنون الحديث بالإشارة إلى تقديم مسرحية "المعذّبون في الأرض"، ثم مشروع ثان يتمثّل في عملية التبادل الشباني مع جمعية "أصالة" من غرداية، وبعض الرحلات إلى الجلفة، غرداية، ورقلة وتيميمون، وقال؛ "شبابنا متعدّد المواهب، فكان من اللازم فتح الأبواب لهم وعدم الاقتصار على المسرح، وهو ما كان عليه، حيث أسسنا في الجمعية عدة نواد، من بينها ناد خاص بالموسيقى، وهو ما سنطوّره في السنة الجديدة 2015، حيث قدّمنا لمديرية الشباب والرياضة، المدعم الأساسي للجمعية - عكس مديرية الثقافة التي لا تدعمنا في شيء- مشروعنا الموسيقي، بعد أن تحصّلنا على آلات موسيقية في انتظار المزيد".
وأوضح محدث "المساء" أنّ نادي الموسيقى يضم ثلاثة فروع خاصة بالموسيقى التراثية الشعبية الأندلسية والشبابية منها و«الروك" و«الهيب هوب"، ويمسّ نادي السياحة كلّ فئات المجتمع، حيث تنظم الجمعية رحلات إلى مختلف بقاع الوطن، أمّا الرحلات المنظمة لصالح الأطفال، فتخصّ المناطق القريبة من البليدة، مثل الشريعة والحامة خلال العطل المدرسية، كما تنظّم لصالحهم عروض مسرحية.
وعن الدعم، تأسّف السيد عنون لعدم فهمه القاعدة التي تطبّقها السلطات في هذا المجال الحسّاس، فهناك جمعيات تتلقى الدعم المتواصل والسخي وأخرى تتعرّض للتناسي، رغم أنها الأكثر نشاطا، كما أنّ مديرية الثقافة لا تهتم إطلاقا بالجمعيات، حيث تلقت الجمعية مرة واحدة فقط دعوة للمشاركة في الأسبوع الثقافي لتيبازة، ومع ذلك تواصل نشاطاتها بكلّ جدية وحب.
وفي هذا السياق، نظّمت الجمعية فعالية خاصة بغناء "الراب" بمشاركة ست ولايات و62 مغنيا، وكانت تظاهرة ناجحة وتجربة رائعة، ورغم نقص الإمكانيات إلاّ أنّ الشباب تفهّموا الأمر، خاصة أنّهم كانوا يشتكون دائما من "التهميش"، وتسعى "سندس" إلى تنظيم دورة ثانية وطنية، ولم لا مرسّمة.
نظّمت الجمعية أيضا معرضا للكتاب، وهو ما تقوم به على هامش الاحتفال بذكرى "معركة أهل الواد"، حينما استشهد ما لا يقل عن  52 قائدا عسكريا أثناء الاحتلال الفرنسي، خلال كل 16 أفريل، كما تنظّم أيضا مسابقة فكرية ولائية ومحاضرات وغيرها من الأنشطة.
أمّا نادي المواطنة، فالهدف منه زرع روح التضامن والمبادرة لدى الشباب من خلال حثّهم على الأعمال التطوعية، مثل تنظيف مقبرة الشهداء وقاعة المسرح وهكذا ـ حسب محدثنا - لن يعتمد المنخرط في الجمعية على الاتكالية وحسب، بل يقوم بأعمال الخير أيضا ويتحلى بروح المسؤولية، كما يقوم السيد عنون بتدريس الأطفال مبادئ الرسم ضمن ناد خاص بالفنون التشكيلية، علاوة على نادي الرقص العصري، ونادي السمعي البصري الذي يساهم في فك عقدة الأستوديو للفنانين الهواة.
في إطار آخر، تقوم الجمعية بدور همزة وصل بين الفنان والديوان الوطني لحقوق الفنان والحقوق المجاورة، حينما يكون الإنتاج شخصيا، أما الفضاء الذي تنشط فيه "سندس" فيتمثّل في المركز الثقافي "عبد القادر الوزري".
وعن نشاطات الجمعية خارج الجزائر، فقد تمت دعوتها إلى مرسيليا للقيام بجولة فنية ما تزال لم تتّضح معالمها بعد، في حين تحضّر الجمعية التي تضمّ 220 منخرطا في كلّ النوادي لمشروع جديد يتعلّق بعالم السينما، حيث اتّصلت بمخرج وطلبت منه أن يحدّد الوسائل اللازمة لإنجاز فيلم قصير، فقبل المساعدة وسيتم تحويل مسرحية "المعذبون في الأرض" إلى فيلم يتحدّث عن الهجرة غير الشرعية.
وفي الأخير، أكّد السيد عنون على دور الجمعيات في ترسيخ روح التضامن، خاصة بعد العشرية السوداء التي أعادت الجزائر سنوات إلى الوراء، فمثلا تقوم جمعية "سندس" على غرار تنظيم عمليات تطوعية، بتخصيص صندوق صغير للدعم لصالح كلّ عضو محتاج وتعتبر رسالة صغيرة عن أهمية أن نكون اليد في اليد ونشعر ببضعنا البعض.

بلال بوشنافة (رئيس الجمعية الثقافية لنشاطات الشباب بن بولعيد):
أبواب الجمعية مفتوحة لاقتراحات الغير
"المساء" التقت أيضا بالسيد بلال بوشنافة، رئيس الجمعية الثقافية لنشاطات الشباب "بن بولعيد"، حيث أوضح أنها تأسست في 19جانفي2007، والحقيقة أنها كانت موجودة قبل هذا التاريخ لكن بتسمية مختلفة، مؤكّدا أنّها مبادرة لمجموعة من الشباب معدل عمرهم 24 سنة، آمنوا بالعمل الجمعوي الذي كانوا يقومون به في دار الشباب "بن بولعيد"، وقال؛ "بداية عملنا كان من المسرح، إذ كنا بحاجة إلى ممارسة هذا الفن وفي نفس الوقت الحصول على الإمكانيات التي تمكّننا من إبراز مواهبنا على أحسن وجه، وهكذا تمّ تأسيس الجمعية بأهداف أخرى تتمثّل في تشجيع روح المبادرة لدى الشباب وتوجيهنا له، لننتقل من ناد واحد إلى سبعة نواد تهتم بالموسيقى العصرية وموسيقى الشعبي وموسيقي القناوي والرسم والأشغال اليدوية والرقص الإيقاعي ونشاطات النساء، علاوة على ناديين؛ واحد لمسرح الكبار والثاني للصغار، كما نهتم كثيرا بفئة الطفولة من خلال تنظيم نشاط "القرمزة" (الكرماس) وهو تخصيص فضاء أو مساحة للعب الأطفال، أي توفير ألعاب تربوية وترفيهية لهم، وهو النشاط الذي لا نقوم به داخل المقر، بل في مساحات واسعة".
وتبقى أبواب الجمعية مفتوحة لاقتراحات الغير، حيث أشار السيد بوشنافة إلى تأسيس ناد للشعر بعد طلب من ممارسي هذا الجنس من الأدب وناد لموسيقى الشعبي، وتفتح الجمعية أبوابها لكلّ موهوب وتوفّر له الوسائل والفضاء ليعبّر عن مكنوناته، وفي هذا تعتمد على تمويل مديرية الشباب والرياضة عن طريق دار الشباب وحتى من شركات خاصة بفضل العلاقات التي أسّستها الجمعية معهم، كما تتعامل أيضا مع ديوان مؤسّسة الشباب، وأضاف "أما مديرية الثقافة فتتعامل فقط مع بضع جمعيات لا غير، والأمرّ من ذلك أنها تدعم نفس الأسماء ولا نفهم سبب ذلك.. أذكر أنّ مديرية الثقافة دعتنا مرة واحدة للمشاركة في تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007"، وكان ذلك في شهر رمضان، إذ تركتنا بدون فطور، ولم تهتم بنا إطلاقا، كما شاركنا في عملية واحدة للتبادل الثقافي في عين الدفلى، رغم أنّنا نشارك في كلّ النشاطات التي تنظمها مديرية الشباب والرياضة وتحصّلنا على جوائز كثيرة، من بينها جوائز في الموسيقى العصرية والمسرح و«البراك دانس" (الرقص الإيقاعي)".
وواصل رئيس الجمعية حديثه بالإشارة إلى أنّها تملك قاعة كبيرة للمسرح وأخرى أصغر للموسيقى، كما أنّ لكلّ ناد برنامجه الذي يطبّقه بعد الساعة الرابعة زوالا، أي بعد أن ينهي الأعضاء أشغالهم سواء المتعلقة بالدراسة أو العمل لأنّهم جمعيهم متطوّعون، علاوة على تنظيم خرجات ترفيهية بدون أن يدفع المنخرط دينارا واحدا، أمّا عن كيفية الحصول على الدعم المادي فيكون عبر تقديم مشروع مفصّل إلى مديرية الشباب والرياضة وفي العادة كلّ الجمعيات تطلب ميزانية أكبر مما تحتاجه، لأنّها تعلم أنّها لن تحصل على المبلغ الذي طلبته.
في المقابل، تنظّم الجمعية تظاهرة "قرمزة" في 15 بلدية من ولاية البليدة في عطلة الربيع، وفي هذا يقول السيد بوشنافة؛ "عموما نتمكّن من تجسيد مشاريعنا لأنّنا نملك الإمكانيات لذلك، وفي حال شعرنا بوجود ضائقة مالية يقوم أعضاء المكتب بتغطية العجز، وهكذا تهتم الجمعية بمشاغل أعضائها الـ145 حتى أنّها تعمل على جذب المزيد والمزيد من الشباب، فمثلا اتصل بنا شاب يغني الراي وطلب منا الانضمام إلى الجمعية، فقبلنا طلبه بشرط أن يقدم أغاني خالية من الكلمات الهابطة، كما نتبادل الخبرات مع عدة جمعيات أخرى، مثل الرابطة العلمية الثقافية ورابطة نشاطات هواء الطلق والترفيه وتبادل الشباب في بونعامة وكذا مع جمعية علوم وآفاق بونعامة وجمعية الوفاء لمديرية الشباب أولاد يعيش".
مشاريع الجمعية تتمثّل في مسرحيتين، واحدة للصغار والثانية للكبار، وتسعى إلى تنظيم جولة لهما بمساعدة من المسرح الوطني الجزائري، كما برمجت رحلات إلى تكجدة وتيميمون في عطلة الربيع.
في سياق آخر، أوضح السيد بوشنافة أنّه يترأس الجمعية منذ  تأسيسها (كان يبلغ من العمر 26 سنة)، وحينما ينهي عمله في شركة عمومية، يلتحق بالجمعية ويهتم بشؤونها، ومؤخّرا اتصلت به مديرية النشاط الاجتماعي وطلبت من  ترشيح أعضاء من الجمعية للعمل كملحقين مقابل راتب، كما يصبو إلى تنشيط عمل مقر الجمعية الثاني الذي يقع بمنطقة بني مراد.
وعن المسرح، تقوم الجمعية عادة بالإخراج الجماعي للمسرحيات، فمثلا في المونولوغ الذي فازت به بالجائزة الثانية في إحدى الفعاليات الثقافية، اقترح السيد بوشنافة موضوعه على الممثلة وكان حول شابة أنهت دراستها وتحاول أن تجد عملا، وتمّ رفقة الممثل وطاس عرض العديد من الأفكار، ثمّ صيغت على شكل نص مسرحي قام بإخراجه.


الكلمة للمنخرطين ..
عبد الوهاب بن عيسى "متادور":
ظفرت بالمرتبة الأولى في تظاهرة الراب التي نظّمتها جمعية "سندس" المشكورة جدا على هذه الالتفاتة التي لم نجدها في أي فضاء آخر بالجزائر، فالراب طابع غنائي لا يلقى أيّ تشجيع ونحن لا نبتغي الكثير إلاّ أن تفتح أمامنا الفضاءات وتساعدنا السلطات ولو بواحد بالمائة، لأنّ الشباب محتاج إلى التعبير عما في أعماقه، وأنا سعيد بكوني عضوا في جمعية أشعر بالراحة بين أرجائها وأنسى كلّ الهموم، وأريد أن أؤكّد على أن الراب ليس فنا هابطا، بل يتحدّث عن مشاغل الشباب.

أمينة زغيمي (المكلّفة بالنشاطات النسوية بالجمعية):
اهتم بفئة النساء في الجمعية، وبالضبط ممارسات فن مكرامي وتزيين ديكور غرف العرائس وكذا الحلاقة، وفي كل 8 مارس، أنظم أسبوعا خاصا بالنشاطات النسوية، يضمّ معرضا للصناعة التقليدية وكلّ ما يهم المرأة، خاصة الماكثة في البيت، مثل الطبخ والحلويات والخياطة والطرز، وأقوم أيضا بإقناع أولياء الفتيات بمزاولة حرفة ما وهن لا يبرحن المنزل.

فيفطار (مغني):
انضممت إلى الجمعية من وقت قريب مع أعضاء فرقتي "فري مايند"(العقل الحر)، بحثا عن فضاء يحتضننا ويساعدنا في وجهتنا الفنية، وهو ما تحقّق مع جمعية "سندس"، حيث وجدنا ما كنا نبحث عنه، حتى الآلات الموسيقية التي نعزف عليها، وفي هذا السياق، نقوم بتقديم الطبوع العصرية والكنتري والريقي من "ربيرتوارنا" الخاص، أي أننا لا نعيد أغاني الآخرين، كما أنني عضو في فرقة ثانية تؤدي الروك، وحاليا أغني وأعزف على القيثار وأدرس في جامعة العفرون.

رفيق زروخي (رئيس فرع الموسيقى بالجمعية):
بحكم إدارتي لنادي الموسيقى وكوني عضو الكورال الوطني، أدير مجموعة كورال بالجمعية ونقدّم في أداء جماعي للأغاني الوطنية والتراثية الجزائرية، كما أنشط في مجال الأغنية العصرية باعتبار أنني أؤدي هذا الطابع وصدر لي ألبوم وقدمت أغنية عن الفريق الوطني التي بثت في أكثر من قناة، وحاليا أحضر لحفل عصري بمناسبة عيد الاستقلال للسنة الجارية، في المقابل أكتب وأؤلف الأغاني بنفسي، في انتظار الاعتماد على الغير مستقبلا، ومؤخرا شاركت في تصفيات لبرنامج غنائي عربي بتونس، إلا أنني لم أفز لأن اللجنة كانت قد اختارت جزائريين اثنين وكفى، لكنني لن أيأس وسأشارك في كل البرامج الغنائية الأخرى.

بوراس عبد الناصر (مسؤول نادي السمعي البصري):
أسسنا هذا النادي رفقة خير الدين براهيمي منذ مدة قصيرة، وأحضرنا كل الأجهزة الخاصة بأستوديو سمعي بصري، أما الجمعية فقد وفرّت لنا المقر، وهكذا نهتم بتركيب الصور والموسيقى وصنع فيديوهات، كما نهتم بنشاطات الجمعية من تظاهرة الراب والمسرحيات.

بوعلام رميساء (رياضية):
أنا عضو بالجمعية وأشارك في نشاطاتها، مثل المسرح والموسيقى، وفي نفس السياق أحاول أن أوفق بين هذه النشاطات وممارستي للملاكمة، فأنا بطلة الجزائر أربعة مرات في صنف الملاكمة الإنجليزية وكذا بطلة إفريقيا وشاركت مؤخرا في بطولة العالم، علاوة على مزاولتي لدراستي بالجامعة.

محمد وطاس (ممثل مسرحي):
انضممت إلى الجمعية سنة 2013، وكنت سابقا عضوا في فرقة "النجوم" وبعد تعرفي على بلال، انضممت إلى الجمعية، ومن خلالها مثلت في عدة أعمال وهي "دم الحرية" في أول نوفمبر 2013 بقاعة الولاية، ومسرحية "مقيدش" الأطفال.