تنظّمها جامعة أدرار ويحتضنها مهرجان تيميمون
ندوة علمية عن "السينما في قلب الأقاليم"

- 180

تستعد مدينة تيميمون، ضمن برنامج المهرجان الدولي للفيلم القصير (13-18 نوفمبر 2025)، لاحتضان ندوة علمية حول علاقة السينما بالمجتمع والأقاليم، يوم 17 نوفمبر 2025. وتأتي هذه الندوة التي تنظّمها جامعة أدرار، بعد مرور أكثر من عقدين على اللقاء الأوّل الذي نُظّم في المدينة نفسها عام 2003، حيث شكّل آنذاك محطةً فكرية هامة لطرح تساؤلات عميقة حول صناعة الصورة، ودورها في ترسيخ السرد الوطني، بمشاركة أسماء وازنة في مجال السينما والفكر؛ مثل محمد بن صالح، ومحمد شويخ، ومالك شبل، وبنجامان ستورا وإيف بواسيه.
اللقاء سيجمع بين باحثين في العلوم الاجتماعية، ونقّاد سينمائيين، ومخرجين، ومخطّطين حضريين، وفاعلين في التنمية الترابية؛ في محاولة لفتح حوار متعدّد التخصّصات حول كيفية توظيف السينما كأداة لإعادة التفكير في المجال، ومرافقة ديناميكيات التغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في الأقاليم الجزائرية. فالسينما إلى جانب دورها الفني والتخييلي، يمكن أن تشكّل رافعة استراتيجية لإبراز القيمة الرمزية للفضاءات، وتثمين الثراء المحلي في سياق التنمية المستدامة.
اللقاء المرتقب يعود إلى الفضاء الرمزي نفسه، لكن برؤية جديدة تُعطي الأولوية للعلاقة المعقّدة بين السينما والمجتمع والفضاء. فالسينما الجزائرية التي طالما ارتبطت تاريخياً بالسرديات الثورية والاستعمارية والوطنية، أصبحت اليوم، مدعوة إلى مرافقة التحوّلات الاجتماعية، ورصد التغيّرات التي تشهدها الأقاليم، ليس فقط كمجرّد خلفيات تصوير، بل كفضاءات حيوية تُساهم في إنتاج المعنى، والمخيال الجمعي.
ويعتمد هذا التصوّر على أفكار عدد من المفكّرين البارزين؛ مثل هنري لوفيفر الذي أكّد أنّ الفضاء يُنتَج اجتماعياً ولا يمكن اعتباره محايداً، وميشال دو سرتو الذي أشار إلى البُعد الرمزي للمكان من خلال السرديات والممارسات اليومية. ومن هذا المنظور يمكن النظر إلى السينما كوسيلة قويّة للمشاركة في الإنتاج الرمزي للفضاء، عبر تكثيف الحضور البصري والعاطفي للمدن والمناطق في الذاكرة الجماعية.
وتمثّل تجربة فيلمي "وقائع سنين الجمر" (1975) و«الطاكسي المخفي" (1997)، نموذجاً حياً لهذه الدينامية؛ إذ رغم اختلافهما في الأسلوب والسياق إلا أنّ كليهما صُوّر في مدينة بوسعادة، التي شكّلت بفضل مناظرها المتنوّعة وعمارتها التقليدية، فضاءً غنياً بالإيحاءات الرمزية، والتمثيلات الاجتماعية. ويكشف هذا المثال عن قدرة السينما على تحويل الإقليم إلى عنصر فعّال في السرد، بل إلى مورد يمكن توظيفه في السياحة الثقافية، كما أشار إلى ذلك الباحث بيتون عام 2016.
لكن النقاش لا يتوقّف عند هذا الحدّ؛ إذ تطرح الندوة سؤالاً أوسع حول مدى قدرة الإنتاجات السمعية البصرية على بناء صورة متوازنة وشاملة لمختلف الأقاليم الجزائرية، في وقت ماتزال العديد من المناطق مهمّشة بصرياً، وغير ممثلة بما يكفي في السينما والمسلسلات. ورغم ما تختزنه هذه المناطق من تنوّع ثقافي واجتماعي وجمالي، إلاّ أنّ غيابها عن الشاشة يجعلها شبه غائبة عن المخيال الجماعي محلياً وعالمياً؛ ما يُضعف حضورها في التمثّلات العامة.
وتهدف الندوة إلى تجاوز الرؤية الاختزالية للسينما؛ باعتبارها مرآة للواقع أو أداة للترويج السياحي، نحو مساءلة أعمق للتشابك القائم بين الممارسات الاجتماعية، والتمثلات الجماعية، والسينما كوسيلة رمزية، قادرة على التأثير في تشكيل الهويات والتصوّرات. وتطرح أسئلة جوهرية من قبيل: كيف تواكب السينما التحوّلات العميقة التي يعرفها المجتمع الجزائري؟ وكيف تساهم في إنتاج أو إعادة تشكيل أو حتى استباق هذه التحولات؟ وأيّ صور للذات والوطن والعالم يتم تداولها أو إنكارها أو طمسها من خلال السينما؟ وهي أسئلة تستند إلى مساهمات فكرية لافتة؛ مثل ما قدّمه ستيوارت هول وهومي بهابها حول دور التمثيل في تشكيل الهوية والصراع حول المعنى في السياقات ما بعد الاستعمارية.
* د. مالك
المهرجان الوطني للمسرح المحترف الـ18
دورة فلسطين بشعار "المسرح مقاومة"
ستحتضن ولاية أدرار من 1 إلى 7 ديسمبر 2025 فعاليات المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء، في دورة مهداة إلى فلسطين وتحمل اسم الراحل أحمد حمومي، بشعار "المسرح مقاومة"، بمشاركة 30 دولة، إضافة إلى العروض، والمسابقات، والورش، والملتقيات العلمية والتكريمات.
يتضمّن البرنامج 19 عرضا في المسابقات الرسمية من 17 دولة، منها ثلاثة عروض جزائرية، إضافة إلى 15 عملا على الهامش. وترتكز المنافسات على ثلاثة محاور، منها عروض القاعة مع كل من الجزائر، والصين، والسعودية، وسلطنة عمان، وسوريا، وتونس. وتشمل "ما قبل المسرح" من الجزائر، و«مكبث" من الصين، و«كونتينر" من السعودية، و«السفينة تغرق" من سلطنة عمان، و«970×970 " من سوريا، و«رأس الفتلة" من تونس.
وبفضاءات الصحراء سيتم عرض "الهشيم" من الجزائر، و "أنتيجون" من كازاخستان، و«ديلول حكيم الصحراء" من موريتانيا، و«الألعاب النارية" من إسبانيا، و«قمرة حمراء" من تونس، و«كريغ" من مقدونيا الشمالية. هناك أيضا العديد من العروض في المونودراما، منها عرض "زعفران" من الجزائر، و«قوم يابا" من لبنان، و«نسرين" من ألمانيا، و«أرصفة" من العراق، و«صرخة في الظلام" من البرازيل، و«يوميات ممثل مهزوم" من مصر، و«أنا هاملت" من الدنمارك.
وفي ما يتعلّق بالبرنامج التكويني فستشهد الدورة تنظيم سبع ورشات، منها "السينوغرافيا" بإشراف التونسي حافظ خليفة، و«الإخراج" مع محمد شرشال من الجزائر، و«المسرح والجسد" مع تاتيانا أزمان من سلوفينيا وجلاديس أجيلاس من جنوب إفريقيا، وفي "الكتابة الدرامية" مع العماني أسامة زايد، وفي "طاقة الممثل" مع الجزائري مختار حسين، وفن المهرج مع الدنماركي ديني دينيس.
كما يستقبل المهرجان نقّادا وأكاديميين لتنشيط ندوات فكرية، منهم الدكتورة ليلى بن عائشة، والأساتذة رابح هوادف، وأنور اسم الله. أما لجنة التحكيم فتضمّ الدكتور عبد القادر رواحي، والأستاذ عقيدي محمد، والأستاذ هورو سليمان. للإشارة، ضيف شرف هذه الدورة هو جنوب إفريقيا، التي ستنظم يوما مفتوحا بمناسبة ذكرى رحيل المناضل نيلسون مانديلا، في 5 ديسمبر، تتضمّن محاضرة حول المسرح جنوب إفريقي، وورشة تكوينية، وعرضا مسرحيا، يعكس التجربة الإفريقية في بعدها النضالي والتحرري.ووضعت هذه الدورة، أيضا، برنامجا خاصا بمسرح الطفل، يتضمّن ورشات تكوينية، وعروضا للأطفال، وماستر كلاس مع إشراك تلاميذ المدارس في الفعالية. كما سيتم تقديم عرض أوبرالي ضخم من الصين يضم 29 فنانا.
ويبقى مهرجان مسرح الصحراء موعدا فنيا ثقافيا سنويا، تضبط أدرار عقاربها على نشاطاته المختلفة. ويتفاعل أهل المنطقة مع هذا الموسم للتعريف بمقومات الولاية المعروفة بطابعها السياحي والثقافي العريق.
* مريم. ن