واسيني الأعرج:

نحن على حافة عصر نجهل وجهته

نحن على حافة عصر نجهل وجهته
الروائي الجزائري واسيني الأعرج
  • 826
وكالات وكالات

"ميراثنا ليس قدرا.. بل هو ثقافة يمكن أن نتأملها"..

هكذا علّق الروائي الجزائري واسيني الأعرج، موجزا موقفه من قضايا كثيرة تناولتها أعماله الروائية، منها مشكلة التسلط والاستحواذ وعلاقته بالمفاهيم الذكورية المترسخة في الوعي العربي. حوار شائق يواصل فيه الكاتب الجزائري صاحب "أصابع لوليتا"، و"أنثى السراب" على موقع شبكة "زووم" برعاية مؤسسة عبد الحميد شومان، وأدار اللقاء هزاع البراري.

  الحوار مع واسيني، اختص بروايته "نساء كازانوفا" متخذا منها نقطة انطلاق لعدد من التساؤلات تطال صدق العمل الأدبي ومدى ارتهانه للسائد من التيارات والمقولات الشائعة، مثل الانهمام بالنزعة النسوية وقضايا المرأة والجندر، من أجل كسب التعاطف المسبق مع العمل وترويجه، كما اتصل النقاش الذي شارك فيه متابعو الندوة بتاريخ الاستبداد في عالمنا العربي، وتجسيده أدبيا، والتفاعل مع قضايا الواقع.

ردا على سؤال حول ما إذا كانت رواية "نساء كازانوفا" نوعا من المحاكمة التاريخية لكل الإرث الذكوري تجاه المرأة الشرقية، قال واسيني، إن الميراث الذكوري جزء من تكويننا، لكننا نحتاج إلى إعادة تكوين وإلى ثقافة أخرى لأننا نملك أيضا التبصر وإمكان المراجعة.

وعارض واسيني، الرؤية السائدة حول شهرزاد باعتبارها نوعا من الانتقام للأنوثة المهدورة، مشيرا إلى أن شهرزاد نفسها تجسد وعيا ذكوريا فهي تتحدث ضمن هذه المنظومة لا خارجها، فهي تفكر بالمنطق نفسه، وهو منطق أنثوي في مظهره فقط. وقال واسيني، إن الذي صاغ هذا النص هو رجل حافظ على منظومة ثقافية تخدمه.

أما فيما يتعلق باجتراحه لهذا الموضوع في عمله الروائي، موضوع الندوة، فقد نفى واسيني، أن يكون قد تطرق إليه رغبة في أن تترجم الرواية، فأعماله الروائية ـ وفق قوله ـ تترجم بالفعل وتنشر بالفرنسية من دون حاجة إلى مغازلة ثقافة أخرى وإرضاء الآخر.

وقال واسيني، إننا نعيش وفق ميزان قوى عالمي غير متكافئ وضعنا العربي فيه ضعيف. وتابع واسيني "حين كتابتي للنص وقعت في منعطف.. إما أن أنتهي بالأشياء إلى مداها أو أتوقف عن الكتابة، وكان يهمني ما سأقوله عن هذه المنظومة الصعبة رغم أنه كان ثمة احتمال أن أتعرض بسبب الكتابة للسجن. لقد حملت إرثا ثوريا من والدي من أجل البلاد، وأعتبر نفسي حارسا على قيم النبل والثورة والحداثة، وهذا لا يعني أن على المجتمعات أن تمزق كل شيء من أجل التوجه إلى العصر.. فنحن على حافة عصر لا نعرف إلى أين نتجه، وخريطة الوطن العربي ممزقة بشكل مأساوي".

وأكد واسيني، أن رهانه هو رهان إنساني يلتقي مع الغرب المتنور وليس مع الغرب الاستعماري. كازانوفا الحداثي فيما يتعلق باسم الرواية وبطلها «كازانوفا» قال واسيني إن ثمة تصورا سطحيا عن «كازانوفا» في وعينا، وأنه اطلع على كتاب مهم لكازانوفا يخاطب فيه المفكر الفرنسي الراحل جان جاك روسو، محذرا إياه من أن أي تغيير للمجتمع دون تغيير العلاقة بين الرجل والمرأة لن ينتج إلا حداثة مبتورة، وهكذا، وفق واسيني، بدا بطل رواية «نساء كازانوفا» فهو رجل له مظهر الحداثة لكنه يتسم بالأنانية، وهو نفسه ضحية للشراسة التي يراها خالدة.

هل يمكن للكاتب أن يحاكم عصره أو شخصية عامة؟ وهل تعد "نساء كازانوفا" شكلا من أشكال هذه المحاكمة؟ يرى واسيني أن ما يسم الشخصية الروائية هو عمق التناول، منبها إلى أن الأدب لا يحاكِم، لكنه يتعامل مع شخصيات كان لها حضورها التاريخي وظروفها الاجتماعية والثقافية، فالكتابة ليست دار قضاء، بل يجب أن يشتغل الكاتب على نموذجه ليظهر أبعاده التاريخية، وتابع "نحن لا نحاكم، بل القارئ هو الذي يحاكمنا". الرواية و"فيسبوك" عن موقع الرواية الآن وما إذا كان جمهور "فيسبوك" ومواقع التواصل عموما يهدد وضعية القراءة والكتاب، قال واسيني إن هذه الوسائط موجودة أيضا في الغرب لكنها لم تمنع من انتشار الكتاب، مشيرا إلى أن فرنسا، خلال عام واحد، صدر فيها أكثر من 500 رواية، على الرغم من وجود الفضائيات والوسائط المختلفة، وكثير من الروايات تحقق مبيعات هائلة، وميزة الرواية برأي واسيني، أنها تمثل مجتمعا ذهنيا مصغرا.