الفنان ومدير الديكور وحيد دوايدي لـ «المساء»:

نحتاج ثورة فنية لتغيير الذهنيات

نحتاج ثورة فنية لتغيير الذهنيات
الفنان ومدير الديكور وحيد دوايدي
  • القراءات: 928
❊حاوره: رضوان.ق ❊حاوره: رضوان.ق

يُعدّ الفنان وحيد دوايدي أحد الفنانين الذين عرفتهم وهران والساحة الفنية الوطنية من خلال مجموعة أعمال موسيقية وفنية في مجال الديكور الفني لأفلام عالمية وأخرى ملحمية. وقد كان لـ «المساء» لقاء مع الفنان، الذي كشف من خلاله، عن مساره الفني، وأهم إنجازاته ومشاريعه المستقبلية.

❊❊ الكثيرون لا يعرفون الفنان وحيد دوايدي؟

أنا من مواليد الستينات؛ الفترة المعروفة بالانفتاح الموسيقي، خاصة بوهران التي عُرفت بالفن الوهراني الذي تطوّر خلال الفترة اللاحقة، وكنا نقيم بحي الكميل الشعبي الذي يُعد مسقط رأس عدد من الفنانين، على غرار بلاوي الهواري والشاب خالد، وكان والدي يمارس مهنة الخياطة بقلب مدينة وهران ومن الشخصيات المعروفة؛ نظرا لكونه «خياط الفنانين» ومشاهير الغرب الجزائري، حيث كان يزوره باستمرار بلاوي الهواري وبعض الفنانين قصد خياطة الألبسة للمناسبات. كما أن عمي الحاج خالد الدوايدي من المسرحيين، وكان المرحوم علولة من تلامذته إلى جانب بعض المسرحيين؛ ما شكّل لي فضاء داخل عائلة فنية ومحتكة بالفنانين.

وفي منتصف السبعينات، عرفت وهران ظاهرة «فن الغيوان»، حيث شكّلت فرقة «الذاكرون» التي كانت تقيم حفلات الأعراس بوهران، وهي الحفلات التي كانت المتنفس الوحيد للفرق، فكنا نلتقي من خلالها عدّة فنانين، على غرار الشاب خالد. ومع تواصل النشاط شاركت الفرقة في مسابقة مهرجان الأغنية والإبداع برياض الفتح بإدارة العقيد سنوسي، وتحصّلنا سنة 1986 على المرتبة الثالثة، ليتم تغيير تسمية الفرقة إلى «أهل البارود»، وحصلنا سنة 1987 على الجائزة الأولى في مهرجان أغنية وإبداع. كما تمكنت الفرقة من تقديم أغان من كلماتي وألحاني. واخترعت الفرقة آلة موسيقية إيقاعية جمعت بين الطبل والتومبا، لقيت إعجاب أعضاء لجنة التحكيم. كما كان الشاب خالد من المعجبين بالآلة؛ حيث كان يحضّر لألبوم رفقة الموسيقار صافي بوتلة بدعم من مؤسسة رياض الفتح، غير أنه مع بداية التسعينات توقفت الفرقة عن النشاط وعدت لممارسة مهنة الخياطة التي تعلمتها من والدي، واحتككت بعدة فنانين لصنع ملابسهم وخياطتها بعد أن اكتسبت شهرة في شارع العربي بن مهيدي بوهران، على غرار المرحومين الشاب حسني والشاب فتحي وحسين شريط.

❊❊ وكيف دخلت مجال ديكور الأفلام؟

  تعرفت على السيدة نورة عقوبي التي اقترحت عليّ دخول مجال السينما من خلال الديكور بعد أن شاهدت إبداعاتي في مجال الخياطة والتصميم، بالعمل إلى جانب بعض المخرجين بالعاصمة، وهو ما تمّ، حيث التقيتُ المخرج رشيد بن علال الذي كان بصدد تصوير فيلم قصير بعنوان «حافلة اختيارية»، فتفجّرت موهبتي في الديكور، ليتصل بي بعدها مسيّر شركة «لايت ميديا» من أجل الفيلم التاريخي «زبانة» للمخرج سعيد ولد خليفة، وكُلّفت بمهمة اختيار المواقع الخاصة بمشاهد الفيلم، ووقعنا في مشكل المنزل الذي عُقد فيه أول لقاء لمجموعة وهران الثورية، حيث تمّ هدم المنزل، وحُوّل إلى فيلا بحي مديوني، لكن بفضل معرفتي بمساكن وهران وعماراتها تنقلنا إلى مقر جريدة «الجمهورية» التي كان جدي يعمل فيها خلال الاستعمار، وكنت أملك صورة من داخل العمارة، ورأيت أنه يصلح لتصوير مشاهد من الفيلم، فقمنا باستغلال قاعة كبيرة بمقر الجريدة، تمّ تحويلها إلى منزل صوّرت فيه مشاهد أوّل لقاء جمع زبانة بعدد من ثوار المنطقة الخامسة. كما قمنا بتصوير مشاهد من مكتب المحامي زرطال، الذي تكفّل بالدفاع عن الشهيد زبانة. كما عملت في فيلم «الجزائر للأبد» للمخرج جون مارك ميليو، وهو فيلم عالمي، شارك فيه ألمع الفنانين الجزائريين  العالميين، وأشرفتُ على إدارة الديكور، ووجدنا صعوبات كبيرة؛ كونه الفيلم الأول من نوعه بالجزائر، ولم نكن نملك خبرة سابقة إلى جانب نقص الأماكن الخاصة بالتصوير، غير أنّنا رفعنا التحدي، وقدّمنا فيلما متكاملا عُرض بعدّة دول عبر العالم، وحقّق نجاحا.

ثم قدّمت عملا من نوع «سيت كوم» بعنوان «الفندق» من إنتاج التلفزيون الجزائري وإخراج علي عيساوي. كما عملت إلى جانب المخرج العالمي رشيد بوشارب في فيلم «شارع داعش» الذي صُوّر بمدينة تلمسان سنة 2016 وعُرض دوليا وحصل على أهم جوائز مهرجان فرانكفورت الدولي.

❊❊ انتقلت إلى الإنتاج الخاص، كيف جاءت الفكرة؟

  جاءتني فكرة تقديم أعمال خاصة مع مجموعة شباب من وهران، حيث كان يساورني الشعور بالعودة إلى النشاط الفني، وأنشأت مجموعة أطلقت عليها «المدرسة»، وقدّمت أول عمل حمل عنوان «البطاطا» الذي يدخل ضمن الأعمال المسرحية الهزلية، إلى جانب عمل آخر حمل عنوان «البلاد»، وهو عبارة عن أوبيرا قصيرة من تقديم مجموعة شباب، تحكي عن الثورة الجزائرية بمشاهد تاريخية وبلباس من الثورة الجزائرية، ولقي العمل التنويه وأصبح مطلوبا. وكان المرحوم بلاوي الهواري شاهد العمل الأخير وقال لي بالحرف الواحد: «أنت زعيم؛ لأنك قدّمت عملا يحكي عن أبطال الجزائر على غرار زدور إبراهيم وبن علة والسي موسى وبوشعيب». وأضاف المرحوم بلاوي أنه غنى عن زبانة وتبعه عدد كبير من الفنانين في أدائه بدون التفكير في تكريم باقي الشهداء والمجاهدين، وهو ما جعلني أفتخر بهذا الثناء من أحد أعمدة الفن بالجزائر.

وقمت بتصوير أغنية موسيقية هزلية في شكل فيلم قصير حملت عنوان «يأكلك الحوت» بالدارجة للوصول مباشرة إلى الشباب. وتحكي عن ظاهرة الحرقة والمصير المأساوي، وهو عمل اخترته بهذه الطريقة لأقدم صورة عن بشاعة الحرقة بطريقة هزلية في رسالة للشباب بعيدا عن الأغاني التي تقدم صورة وكلمات حزينة عن الحرقة، ومثل هذه الأغاني يُدخل اليأس إلى قلوب الشباب.

❊❊ وماذا عن أغنية «مين جاك هذا خويا؟» التي تزامن صدورها والحراك الشعبي؟

في الحقيقة، الأغنية كانت جاهزة منذ 5 سنوات وصوّرتها، غير أنني لم أتمكن وقتها من إصدارها بسبب مخاوف في حال صدورها، خاصة أنها تحكي عن مجموعة أشخاص تحوّلوا إلى أثرياء في وقت وجيز، ولم يكونوا معروفين، وتحوّلوا إلى سياسيين بدون معرفتهم بالسياسة.

❊❊ قمت خلال الحراك الشعبي بالإعلان عن ميلاد حركة شعبية بوهران، ماذا تريدون من وراء هذا التنظيم؟

في الحقيقة، فكرة الحركة كانت موجودة منذ مدة، ومكّن الحراك الشعبي من بلورتها على أرض الواقع وذلك بالتعاون مع الدكتور نور الدين قفايتي ومجموعة من الشخصيات بوهران، وهي مبادرة تهدف إلى المطالبة والمساواة بين الفنانين وكل فئات المجتمع بالنسبة للحق في الاستفادة من خدمات المحطة الجهوية للتلفزيون بوهران، حيث يعاني الفنانون وكل فئات المجتمع من التهميش. وفي حال وجود مداخلة مصورة لا تُعرض أو تُحذف، وتبرير المسؤولين يكون دائما بأن القرار من الإدارة العامة بالعاصمة، وهو ما نرفضه، ونطالب باستعادة المحطة لصالح المواطنين. وسنقوم بتوسيع الحركة لتشمل محطة قسنطينة الجهوية التي يعاني فيها مواطنو قسنطينة وكل الشرق، من نفس المشاكل. ونطالب بتغيير الذهنيات للوصول بالمجتمع ليكون في مستوى التطلعات بعيدا عن المزايدات والجهوية وكل ما لا يخدم التنمية الفكرية والحضرية بالجزائر.