مدارس بوجدور الفنية في مخيمات اللاجئين

نافذة الشباب الصحراوي على السينما والموسيقى والفنون التشكيلية

نافذة الشباب الصحراوي على السينما والموسيقى والفنون التشكيلية�
  • القراءات: 618
 ق.ث� ق.ث

  على بعد 30 كلم عن مدينة تندوف، وفي قلب مخيم «بوجدور» للاجئين الصحراويين، تبرز ثلاث مدارس متفرّدة تجمع بين الفن والالتزام وتمثّل نافذة للشباب الصحراوي على السينما والموسيقى والفنون التشكيلية، وبعيدا عن أجواء السياسيين وفي بيوت صغيرة متواضعة لا يضم معظمها أية وسائل تبريد ولا ورشات ولا حتى مكتبات، تتميز هذه المدارس الداخلية بكونها الفضاء الثقافي الوحيد الذي تلتقى فيه آمال شباب المخيمات بهدف الحصول على تكوين في أحد مجالات الفنون، خصوصا بالنسبة للعنصر النسوي.

مدرسة السينما الصحراوية «الشهيد عابدين القائد صالح» - التي افتتحت عام 2010 من طرف جمعية «إدارة السينما» الإسبانية ومقرها مدريد-، تعتبر أهمّ هذه المدارس، رغم أنّها لا تضم سوى ثمانية طلاب، خصوصا أنها تقدم دورات تكوينية دورية في الفن السابع على طول العام، ورغم أنّها لا تحوي سوى استوديو صغير وقسم للمونتاج وبضع صالات للتدريس فقط، إلاّ أنّها تتميّز أساسا بأساتذتها القادمين من إسبانيا الذين يمنحون تعليما عصريا وتواصلا مستمرا للشباب مع أوروبا والعالم.

ومن مميّزاتها أيضا أنّ طلبتها عادة ما يشاركون في المهرجان العالمي للسينما في الصحراء الغربية «فهي مركز ثقافي مهم للتعريف بقضايا الشعب الصحراوي ونضاله الطويل في سبيل الاستقلال»، حيث يحضره سنويا سينمائيون وحقوقيون من دول العالم أجمع، بالإضافة إلى مناضلين صحراويين من مختلف مدن الأراضي المحتلة، ويقول الطالب في المدرسة صدام أحمد؛ «إنّ السينما وسيلة أساسية لإيصال صوت الشعب الصحراوي المضطهد إلى العالم» منوّها في نفس الوقت بالدور الذي تلعبه مدرسته وأساتذتها القادمون من إسبانيا في تعريف الطلبة بمختلف فنون السينما وتطوّرها وعلاقتها بحقوق الإنسان.

وغير بعيد عن هذا المركز، تبرز مدرسة الفنون الجميلة «الشهيد السالك مولود سي عبد الله» التي تأسّست في نوفمبر 2013 من طرف «جمعية الصداقة مع الشعب الصحراوي» - ومقرها في إشبيلية -، حيث تدرس مختلف الفنون التشكيلية والزخرفة والخط العربي والنحت، إلى جانب اللغة الإسبانية. 

وتضمّ هذه المدرسة التي تأسّست خلال الطبعة الـ6 للمهرجان الثقافي «آرتي فارتي» سنة 2012، بدعم من وزارة الثقافة الصحراوية، سبعة أساتذة صحراويين، كما أنّها دائما ما تنظّم دورات تكوينية لطلبتها بحضور أساتذة ومؤطرين من الجزائر والمكسيك وإسبانيا.                              

ورغم الظروف الطبيعية الصعبة والإمكانيات القليلة، تبقى المدرسة على بساطتها مكانا لا غنى عنه في تكوين شباب المخيمات، وفي هذا تقول خديجة عبد الله الطالبة بفرع السيراميك، بأنّ المدرسة «قدمت لسكان المخيمات فرصة للإبداع والحصول على تكوينات في مختلف مجالات الفنون». 

المدرسة الوطنية للموسيقى الصحراوية «الشهيد أحمد سالم مولاي لحسن» هي أيضا مؤسّسة مهمة في مخيم «بوجدور»، تأسّست سنة 2010 من طرف حكومة مقاطعة إستورياس الإسبانية وتمّ تجهيزها من قبل وزارة الثقافة الجزائرية، وهي تمنح تكوينا لمدة عام أو أكثر في مبادئ الموسيقى العالمية والموسيقى الشعبية الحسانية كما تقدّم دروسا في الشعر الحساني.

ترمي هذه المدرسة -التي يدرس فيها 15 طالبا- إلى «المساهمة في تشكيل الثقافة الحسانية وترقية الهوية الصحراوية ككلّ والتعريف بها» غير أنّها تعاني من «نقص في الدعم المالي»، وفقا لمديرها الزعيم علال الداف، ومن أجل فتح آفاق أوسع خارج مخيمات «بوجدور»، يسهر القائمون على هذا المركز على إقامة العديد من علاقات التعاون مع المؤسّسات الثقافية الجزائرية، على غرار مؤسسة الفنون الجميلة لتيبازة التي تمنح تكوينا للعديد من طلبته وفرصة المشاركة في عدة إقامات إبداعية.