الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي:

نؤمن بالنجاح من الحضور القوي للشباب في الحراك

نؤمن بالنجاح من الحضور القوي للشباب في الحراك
الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي
  • القراءات: 687
ل.د ل.د

ألقى الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، مؤخرا، بالمركز الثقافي «العربي بن مهيدي»، محاضرة بعنوان «الحراك الشعبي ودولة المواطنة» من تنظيم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، التي كتبت في صفحتها على الفايسبوك أن الجزائر تشهد منذ 22 فيفري 2019، ثورة المواطنة، وهي الثورة الثانية في تاريخها المعاصر بعد ثورة التحرير (1954)، الثورة الأولى.

جاء في بيان الجمعية: «إنّنا أمام ثورتين ومفهومين؛ الثورة الأولى يحكمها مفهوم «الوَطَنِيّ»؛ أي «من يحبّ وطنه ويُخلص له ويُضحي من أجله ويعمل على نُصرته ويدعو إلى استقلال بلاده»، (ثورة في اتجاه ما هو برّاني)،  أمّا الثورة الثانية فيحكمها مفهوم آخر، هو مفهوم «المُواطن»، والذي يعني ذلك الشخص «الذي يتمتّع بالحقوق التي يتمتّع بها أبناء دولته أو وطنه» (ثورة في اتجاه ما هو جوّاني)، ومنه جاء مفهوم المواطنة الذي قد يُحَدُّ بتحديدات مختلفة، أهمّها ممارسة الحقوق السياسية، المتمثلة في الاقتراع مثلا، وتأدية الواجبات تجاه الدولة؛ كالضرائب والخدمة العسكريّة»...

وطرح البيان عدة أسئلة، من بينها: هل ما يصدر عن الجزائريين في الحَراك من تعبيرات عن طريق الفم (هتافات، أغان، أهازيج...) هو مجرّد تصويت فموي وأصوات تعبّر عن السعادة والألم؛ أم هو لغة ترقى إلى تعريف الإنسان بالحيوان السياسي؛ لغة تعبّر عن النافع والضار، وبالتالي العدل واللاعدل؟ وتساءل أيضا: «هل الحَراكيّون هم مجرّد «غاشي» يخرجون كلّ يوم جمعة للترويح عن أنفسهم؛ أم هم فعلا مواطنون يدركون حقوقهم وواجباتهم؟».

هذه الأسئلة وغيرها دفعت فرع العاصمة للجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، إلى تنظيم ندوة فكريّة عنوانها «الحراك الشعبي ودولة المواطنة» نشّطها الأستاذ ناصر جابي الأكاديمي وأستاذ علم الاجتماع السياسي صاحب عدّة أعمال، من بينها «الجزائر تتحرّك، دراسة سوسيوسياسية للإضرابات العمّالية» (دار الحكمة، 1995)، و»الانتخابات: الدولة والمجتمع» (دار القصبة للنشر، 1998)، و»مواطنة من دون استئذان» (منشورات شهاب، 2006)، و»الدولة والنخب» (منشورات شهاب، 2008)، و»لماذا تأخر الربيع الجزائري؟» (منشورات شهاب، 2012)، و»الحركات الأمازيغيّة في شمال إفريقيا» (دراسة أشرف عليها د. جابي منشورات الشهاب.)

وانطلق الأستاذ جابي من صورتين شدّتا انتباهه، أولا صورة الحَراك في أوّل جمعة من رمضان وخروج المصلّين بأعداد كبيرة من المساجد من فضاءات دينية، بشعارات سياسية غير دينية ليُمارسوا مواطنتهم، وصورة النقاشات الفكريّة والسياسيّة المتعدّدة والمنتشرة في كلّ مكان. واستنتج أنّنا أمام مواطن يظهر، وطلب للمواطنة يعبّر عنها المواطنون فرديا وجماعيا، وبالتالي وجود شروط تحقيق المواطنة.

وميّز المحاضر بين نوعين من المواطنة؛ مواطنة سياسية وأخلاقية، ومواطنة اجتماعية واقتصادية، فالحَراك منذ 22 فبراير 2019 هو لحظة سياسية وأخلاقيّة، فالجزائريون يطالبون بالحرية والمساواة والعدل. أمّا في السابق فلقد كانوا يطالبون بمواطنة تتعلّق بالاجتماعي والاقتصادي، فكان يطلب من الدولة سكنا أو رفع الأجور، وبالتالي فالجزائر تشهد اليوم نقلة وتحوّلا في اتجاه المواطنة السياسية الأخلاقية.

وتساءل المتحدّث عن كيفيّة حصول هذا التحوّل من الجزائري اللامواطن أو الجزائري الذي كان يعيش مواطنة ناقصة ومبتورة إلى الجزائري المواطن؟ فراح يحلّل هدف وقصد الحَراك كما يعيشه الجزائريّون كلّ جمعة، بل كلّ أيّام الأسبوع، وقال إنّ الحراك طلب مواطنة تعدّدية مع احترام التعدّد، لأنّه لا يمكن تحقيق حراك موحّد متجانس؛ «في البداية، كان الحراك شفهيّاً، ومع الوقت أصبح الحراك كتابيّاً متعدّد اللغات واللهجات؛ أشكال تعبيريّة متعدّدة، وبالتالي فهي مواطنة تعدّدية، تمارس مستويات مختلفة للهويّات؛ نحن أمام هويّات متعدّدة ولكنّها هويّات تريد أن تندمج أكثر».

كما أثار الأستاذ جابي دور الشباب والمرأة في هذا الحراك، فالشباب يريدون دولة وطنيّة أكثر انفتاحا، فيما لاحظ أنّها سجلت حضورها بقوّة في هذا الحراك؛ لأنّها تريد مواطَنة كاملة غير منقوصة. وتساءل المحاضر أيضا عن كيفية قبول التنوّع والتعدّد في ظلّ الوحدة، فبيّن أنّ تحقيق المواطنة لا يعني المساواتيّة الغبيّة. كما تساءل المحاضر في النهاية عن مدى نجاح الحراك، هل سننجح؟ هل نملك شروط تحقيق هذه المواطَنة؟ هل سننجح لتحقيق انتخابات نزيهة؟ وأجاب المحاضر: «نحن نؤمن بشروط النجاح؛ لأنّ حضور الشباب قويّ في هذا الحراك، ولأنّ لهذا الشباب معرفة بالسياسة يمكن البناء عليه»، منهيا محاضرته قائلا: «النظام السابق سيّرنا من خلال نقاط ضعفنا؛ بينما الحَراك يستند إلى نقاط القوّة، وعليه سننجح حتما».