انطلاق الدورة الأولى لأيام المسرح الأمازيغي

ميزان العدالة في ”الطابق السابع”

ميزان العدالة في ”الطابق السابع”
  • القراءات: 779
دليلة مالك دليلة مالك

دخلت مسرحية الطابق السابع للمخرج ماسينيسا حدبي، ونص محمد موهوبي، وإنتاج مسرح كاتب ياسين الجهوي بتيزي وزو، أطوار عروض أيام المسرح الأمازيغي الذي ينظّمه المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي مساء الأربعاء المنصرم، وهو عمل يتطرّق لمواضيع الحقيقة والعدالة، معرّجا على الفساد عندما يحاكم في محاكمة خيالية مجنونة.

تروي قصة مسرحية الطابق السابع لقاء خمس شخصيات في محكمة، كل واحد وقضيته، هذه الشخصيات تمثل نماذج لعدد من قضايا الحياة تلتقي قصصهم في مبنى درامي تتطوّر أحداثه شيئا فشيئا، وهم يصعدون إلى الطابق السابع حيث مكتب القاضي، يقطع التيار الكهربائي في الطابق الرابع، ويتّضح أنّ شخصية الحاج هي وراء انحراف شخصية المتمرد الذي أصبح لصا، وشراء ذمم الناس من أجل تعتيم حقيقة سرقته لأموال القرية وتعديه على منافعها لصالحه، وفي تلك الأثناء تم ارتكاب جريمة قتل اللص، الذي كان بمثابة صوت الحقيقة والذي عرى جرائم الشيخ الحاج، ثم سرعان ما عاد التيار الكهربائي، وبدأت إقامة عدالة مجنونة من نوع آخر بعدما عرفت حقيقة من وراء مقتل اللص.

المسرحية تضم ثلاث لوحات تجمع بين عالمين منطقي والأخر خيالي، لذلك يحمل الكثير من صور الفانتازيا ومنها من أقرب للكاريكاتور، ويمكن اعتبار هذا العمل ضمن ما يعرف بالمسرح الثرثار، فالحوار مكثف جدا، قد يعود لنوع النص الذي يتسم بالأدب أكثر، وظهر على العمل الخطابات المباشرة التي جاءت في قوالب جاهزة متعارف عليها.   

النقاش الذي دار في قاعة امحمد بن قطاف، أشرف عليه المسرحي عمر فطموش، الذي أكد أنه سعيد برؤية مخرجين شباب ينطلقون في مغامرة أو في إبداع فنّي.

من جهته قال المخرج الشاب ماسينيسا حدبي إنّ الطابق السابع الذي كتبه محمد موهوبي، وهو أستاذ بجامعة تيزي وزو، يقوم على نص يتناول عدة مواضيع الأكثر إثارة للاهتمام هو أننا لم نعثر على قصة في البداية، بل كان هناك لقاء مكون من خمس شخصيات قاموا بإطلاق قصة واستفزازها، والتي أثارت مسائل كثيرة على غرار التضليل الإعلامي والفساد والظلم، وأضاف المخرج لقد عملنا على هذا النص في فريق، وتمكنا من بناء عرض، وليس الوضع هو المهم ولكن تألق الفكرة ولا يهم أن تخرج الفكرة من المخرج أو الممثل ولكن المهم هو أن الفكرة منطقية.

  ... ثاني عروض الأيام الوطنية للمسرح الأمازيغي

ذكرى تدعو لمحاربة النسيان

استقبل المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، أوّل أمس الخميس، ثاني عروض الأيام الوطنية للمسرح الأمازيغي، وهي مسرحية ذكرى تأليف وإخراج حمزة بوقير، وإنتاج جمعية ثاغرما اغيل ناصر من بجاية، وتتناول موضوع الإنسان ونقد الذات، وتحدث عن نسيان الذاكرة ورجالها وأحداثها، إذ دعا المخرج في عمله هذا للعودة إلى التاريخ والاستفادة من الأخطاء، ومحاربة النسيان.

خلال ساعة من الزمن طرح المخرج حمزة بوقير تصوّره بخصوص موضوع يتّسم بعمق كبير، يتعلّق بالنسيان، وفي المسرحية يحيل بالمتلقي إلى نتائجه مباشرة على خشبة تعكس حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع، الذي لم يرجع لخلفياته التاريخية ومرجعياته الاجتماعية، وأصبح الوضع كمن يعيش في بلده منفيا وسط مجتمع منفي كذلك.

اختار المخرج أربع شخصيات حساسة في المجتمع، لتكون محور الحديث وتناول المشاكل الاجتماعية في الحياة اليومية، وهم كيميائي وصحفية وطبيب وفنان، يقيمون في مستشفى بسبب إصابتهم بفقدان الذاكرة، ثم ما يسترجعونها، ثم ينسون مرة ثانية، وهكذا دواليك، وهنا يعطي المخرج الأولوية في استرجاع الذاكرة للفنان، إذ يرى أن الفن من أهم المجالات التي يجب الاهتمام بها، إذ تطور يطور المجتمع الذي نحن فيه، وكذلك المجالات الأخرى التي يمثلها الشخصيات، الإعلام والطب والعلوم الدقيقة.

من الناحية الشكلية، من الواضح أنّ أحداث المسرحية تقع في مستشفى والشخصيات كلّها مريضة، وأنها الفوضى العارمة التي ظهرت على السينوغرافيا  لم تكن بالتوازن نفسه مع مضمون حديثهم الذي لا يعكس جنونهم، كلامهم يضم أشعارا وحديث عقال، ثم إن الشكل وأداء الممثلين لم يستدع الإشارة صراحة إلى أنهم مرضى.

واعتمد المخرج على الشعر كلون أدبي في هذه المسرحية، فبالنسبة له الشعر دعامة لعمله كما هي في الحياة، على حدّ قوله، وتأثّره واضح بالأشعار القديمة لسي محند أو محند، ولونيس آيت منقلات وغيرهما، ويبرّر استعماله للأشعار وكذلك الحكم والأمثال الشعبية، على أنها نوع من تكريم لأصحابها، وحتى لا ننسى الكلمات الجميلة والهادفة ذات المعنى العميق.

وأكّد بوقير خلال نقاش عرضه المسرحي، أنّ المسرح الأمازيغي يعمل ليجد لنفسه مكانة في المسرح الجزائري، وهو في الطريق الصحيح، وهدفه الخروج من الفلكلور والنهوض بالمسرح الجزائري والأمازيغي بالخصوص، بإعطاء فرص للشباب، والعمل كله إبداع لم يأخذ من أيّ عمل آخر، و«ذكرى أو شفاوى بالأمازيغية هو أيضا أول نص يؤلفه حمزة بوقير، بعد تجارب سابقة في اقتباس العديد من الكلاسيكيات قبل وصوله للنص التعبيري وله عدة أعمال أخرجها.