وهيبة بضياف وإيمان مطري برواق راسم

منمنمات وزخرفات في غاية الألق والبهاء

منمنمات وزخرفات في غاية الألق والبهاء
  • القراءات: 669
لطيفة داريب لطيفة داريب

نور لامع عمّ رواق راسم، مصدره لوحات وهيبة بضياف التي تبدو في غاية البريق والبهاء، تقابلها لوحات لا تقل قيمة للفنانة إيمان مطري، تعرض جميعها إلى غاية آخر يوم من الشهر الجاري.

حينما يدخل الزائر لرواق محمد راسم، يقف منبهرا بلوحات اشتد لمعانها لجمالها وبهاء مواضيعها التي تنصب أغلبها في التراث الجزائري.. لوحات الفنانة المتخصصة في المنمنمات والزخرفة ابنة قسنطينة، وهيبة بضياف التي تعرض لوحات مشكلة من الزجاج الملون ورسومات متقنة في إطار لامع يبرز موهبة أستاذة الفنون الجميلة، التي تقضي أحيانا ساعات لإنجاز لوحة واحدة لما يتطلب فن المنمنمات والزخرفة من صبر ودقة في الإنجاز.

اهتمام وهيبة بالفنون الإسلامية ليس وليد الساعة بل يعود إلى سنوات خلت، كما أن حبها لتاريخ الألبسة التقليدية والعمران، واضح للعيان، فهي خريجة المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، تخصص المنمنمات والزخرفة عام 2008. كما أن علاقتها بقسنطينة، وطيدة إلى درجة رسم أعلامها وبنيانها وتراثها العريق، مثل لوحات "ابن باديس" و«القسنطينية" و«رحبة الصوف" و«الملايا" و«حي السويقة".

أما حبها للفن الإسلامي فليس له حدود، وقد ترجمته  في لوحات كتبت فيها بخط عربي أصيل سور قرآنية مثل لوحة "سورة الفاتحة" و«سورة الفلق" و«سورة الإخلاص"، إضافة إلى لوحات أخرى مثل "اللهم صل على محمد "و"الحي القيوم" و«باسم الله" و«محمد" و«الله". حقا هي لوحات لامعة وحاضنة لآيات من الذكر الحكيم، فهل النور الذي يشع منها هو من صنع وهيبة أم أنه يعود الى هذه الآيات الكريمة؟.

وتعرض وهيبة أيضا لوحات من تخصصها في فن الزخرفة، فنجد لوحات "مزهرية مزخرفة" و«القرنفلة". بالمقابل تهتم الفنانة بالتراث العالمي وقد ظهر ذلك في لوحتها "رموز مصرية".

وعكفت وهيبة على رسم لوحات من الحياة اليومية بارزة من خلالها اللباس التقليدي العريق وكذا العمران التقليدي وكالعادة أضفت عليها إضاءة رائعة وألوانا مكثفة ولامعة، فهي تحبذ كثيرا استعمال الألوان الساخنة والحيوية في لوحات زجاجية ملونة، محققة بذلك تناغما حكيما لكل هذه العناصر لتكون النتيجة مبهرة فعلا.

براعة وهيبة في إتحافنا بلوحات رائعة، ليس في ذلك شك، كيف لا وهي التي تزين أعمالها بظلال صفراء تلمع مثل الذهب، كاعتراف منها بجمال كل ما وجد نفسه موضوعا للوحاتها، لتكرمه أولا ومن ثم تعرضه ثانيا وهو في أبهى حلة أمام الجمهور.

واحتلت المرأة صدارة أعمال وهيبة، خاصة أن جمالها يزيد عن بهاء اللباس التقليدي الذي ترتديه، أما عن مشاركتها في المشاهد اليومية فلا شك في ذلك وهي التي تقضي أغلب أوقاتها في البيوت الجميلة التي تحتوي الكثير منها على فناء واسع خلاب. كما رسمت وهيبة أيضا الطبيعة الصامتة، وهو دليل على قدرتها في التحكم في عدة تقنيات في الرسم، وهو ما برز في لوحاتها 52 التي تعرضها برواق محمد راسم، علما أنها تهتم بتكوين الأطفال والكبار في الرسم الذي تستعمله أيضا كعلاج لأدران عديدة.

من جهتها، تشارك الفنانة إيمان مطري ابنة تلمسان بـ41 لوحة في هذا المعرض، وهي فنانة وخريجة مدرسة الفنون الجميلة، تخصص منمنمات، تحاول من خلال تخصصها إبراز التراث الجزائري عموما والتلمساني خصوصا.

وتهتم إيمان بتدوين المشهد الجزائري بكل تفاصيله، مؤكدة على الهوية المحلية، وذلك من خلال أعمال بصرية مؤثرة، كما أن حبها للتجديد دفعها للعمل في ورشة "فوزين" أو الانصهار والتي تعنى بصهر مقصوصات زجاجية تحمل أشكالا ورسومات تتحول إلى تحفة مميزة قد تجد نفسها وبدون شك على حائط بيت مرموق أو حتى فندق خمس نجوم.

ترسم إيمان الحرف العربي والأمازيغي على القماش وعلى دعائم مختلفة مثل خشب الصنوبر وخشب شجرة الزيتون، ثم تراقص حروفها فيما بينهما وهو ما يظهر جليا في لوحاتها 15 التي عنونتها بـ«حروفيات".

كما لم تستثن إيمان في معرضها هذا عرض لوحات رسمت فيها على الزجاج، التراث الجزائري العريق مثل لوحات "حايك عاصمي" و"حايك تلمساني" و«زجاجيات شاوي".

ورسمت الفنانة الأمير عبد القادر في لوحة زيتية جميلة فعلا، أكدت فيها اعجابه ببسالة ونبل هذه الشخصية القيادية. بالمقابل تعرض الفنانة التي تشرف على تكوين الأطفال والبالغين في مركز الشباب بتلمسان، عدة لوحات بعنوان: "زخرفة" برهنت فيها اتقانها لفن الزخرفة أيضا مثل هو حالها مع فن المنمنمات.