نحو سوق حقيقي للفيلم القصير
مناقشة توزيع وعرض الأفلام الافريقية دوليا
- 166
تيميمون: نوال جاوت
خُصّصت المائدة المستديرة الثانية المبرمجة ضمن المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون، لمسألة "توزيع وعرض الأفلام الافريقية دوليا، نحو سوق حقيقي للفيلم القصير"، بمشاركة صانعي أفلام ومحترفين من السنغال والكونغو ومصر، إضافة إلى الجزائر، وبدأ النقاش بتسليط الضوء على حقيقة متفق عليها أنّه غالبًا ما يُنظر إلى الفيلم القصير على أنه تمرين أو مرحلة انتقالية نحو الفيلم الطويل، في حين أنه، بالنسبة للمهنيين، شكل سينمائي قائم بذاته ذو قيمة فنية وتجارية حقيقية.
في المستهل أشارت نيان ديانغ (مؤسسة مشاركة لشركة توزيع أفلام) من السنغال أهمية التوزيع في منح الأفلام القصيرة حياة وعرضًا في بلادهم، إذ غالبًا ما يقتصر ظهور هذه الأفلام على المهرجانات والقنوات التلفزيونية. وشاركت تجربتها الشخصية في عرض الأفلام القصيرة في القاعات السينمائية، وهي تجربة غير مسبوقة أعادت إحياء اهتمام الجمهور بالسينما المحلية، مشيرة إلى أن السنغال، مهد السينما الأفريقية، بحاجة لاستعادة فضاءات العرض وثقافة السينما لدعم مخرجيها المحليين.
من جهته، تحدث سافاري سنغايري عن فقدان قاعات السينما في الكونغو بسبب الحروب والأزمات، ما ترك جيلًا بدون وصول إلى السينما. وأوضح أنّ صنّاع الأفلام الشباب اضطروا لإنشاء منصات تعاونية لإنتاج وعرض الأفلام القصيرة، غالبًا عبر المهرجانات. وشدّد على أنّ الفيلم القصير كان وما زال نقطة الانطلاق الأساسية للسينما الكونغولية، رغم تزايد حضور الفيلم الطويل تدريجيًا.
فيما أكد محمد جمال صبحي أن الفيلم القصير في مصر غالبًا ما يُنظر إليه كمنتج مخصّص للمهرجانات فقط، غير مدفوع الأجر وغير موجّه للجمهور العام. وقارن الفيلم القصير بالنموذج الأوّلي في صناعة السيارات، أداة للابتكار والتجريب والتدريب السينمائي، تتيح خلق جماليّات جديدة وفتح مسارات نحو الفيلم الطويل وأشكال سردية مبتكرة. كما تطرّق إلى الوسائط الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها فرصة للترويج، لكنها تحمل مخاطر القرصنة ونشر المحتوى دون إذن.
أضاف إلياس تركي (الناقد السينمائي والمنتج الجزائري)، أن السؤال حول مستقبل الفيلم القصير يجب أن يُفهم في سياق تطور الجمهور العربي والأفريقي. وأوضح أن الفيلم القصير ليس مجرد نموذج أولي، بل يمثل "قاعدة للتجريب السينمائي وإعادة التربية البصرية للجمهور" خصوصًا في البلدان التي مرت بفقدان قاعات العرض التقليدية. وشدّد على أهمية تعليم الجمهور منذ الصغر على القراءة السينمائية للفيلم القصير، باعتباره شكلًا مستقلًا له لغته وتجربته، مؤكّدًا أنّ "التقنيات الرقمية الحديثة يمكن أن تكون أداة تعليمية قوية إذا استُخدمت بشكل صحيح". كما دعا إلى إعادة تعريف الفيلم القصير بعيدًا عن فكرة كونه مجرد مرحلة انتقالية، وإلى إدماجه في برامج التوزيع والتسويق السينمائي.
اتفق المشاركون على أن الفيلم القصير يجب أن يُنظر إليه كشكل سينمائي مستقل، ليس مجرّد تمرين أو وسيلة للانتقال إلى الفيلم الطويل. وأكّدوا أهمية تعزيز التوزيع، والتثقيف البصري، واستغلال المنصات الرقمية بحذر، لإعادة الجمهور إلى الصالات وتوسيع دائرة المشاهدة. وكما قالت نيان ديغان "الفيلم القصير ليس فيلمًا صغيرًا، إنه فيلم قائم بذاته".