طباعة هذه الصفحة

أحمد عروة

مناضل ربط العلم بالإيمان

مناضل ربط العلم بالإيمان
  • القراءات: 757
مريم . ن مريم . ن

أحيا بعض المثقفين والناشطين مؤخرا، عبر صفحاتهم الإلكترونية، ذكرى ميلاد المناضل والمفكر والطبيب الجزائري الكبير أحمد عروة، الذي سخر حياته لخدمة الجزائر وتحريرها، ثم بنائها، كما اجتهد في جانب الفكر الإسلامي لربطه بالوسطية والتسامح، ويأتي هذا العرفان في إطار إحياء ذاكرة شهر ماي، مع الإشارة إلى أن الراحل عروة كان من المناضلين الذين سجنوا بعد أحداث 8 ماي 45.

توافق ذكرى ميلاد الراحل عروة الـ11 ماي 1926 بأمدوكال في ولاية باتنة عاصمة الأوراس، ليصبح واحدا من رجالات الجزائر الذين أبلوا البلاء الحسن، وسجلوا أسماءهم بحروف من ذهب، حيث درس الراحل في مرحلة الابتدائية بمدينة القليعة العريقة، حيث كان والده معلما، ثم أصبح إماما بمسجدها، وحين بلغ مستوى الثانوي، استقرت عائلته بشكل نهائي بحي بلوزداد العريق بالعاصمة (بلكور سابقا)، وفي سنة 1943، التحق الراحل عروة بلجنة الشبيبة التابعة لحزب الشعب، ثم بالكشافة الإسلامية، وكان مرشدا بفوج الأمير خالد.

يقول بعض رفقائه في النضال، أن الراحل عروة لازم المناضل الكبير محمد بلوزداد بحي بلكور، وكان مقربا منه، كدلالة على مكانته وعلو شأنه في النضال الوطني، وبعد أحداث ماي 1945، ألقي على الراحل عروة القبض وبقي لمدة في السجن مع رفقائه، وقبلها كان مطاردا من ”بوليس” الاحتلال، كما يذكر البعض أن والده الحاج محمد الصديق كان يلبس زيا تقليديا يشبه لباس الأمير (عبد القادر)، ويتجول به بشموخ في أحياء بلوزداد، مما يثير اشمئزاز الأقدام السوداء.

سنة 1946، يذهب عروة إلى فرنسا ويحصل فيها على شهادة الباكالوريا، ثم يدخل كلية الطب ويترأس جمعية الطلبة المسلمين من 52 حتى 53، ويعود إلى الجزائر ويشتغل بمستشفى البليدة، ويكتب روايته ”عندما تشرق الشمس” التي نشرت فيما بعد، أي سنة 1969، ويلتحق بالثورة ويدخل السجن من 57 إلى 59، حيث يلتقي هناك رفقاء نضاله القدامى.

بعد الاستقلال يفتح عيادته بحيه الشعبي في بلكور، ويتكفل بالعائلات المعوزة من خلال الكشف المجاني، ثم يصبح بروفيسورا مكونا في الصحة العمومية، كما كان عضوا في عدة جمعيات اجتماعية وثقافية، وعميدا لجامعة العلوم  الإسلامية بقسنطينة، إلى وفاته في 27 فيفري 1992، كما يذكره الجزائريون من خلال دروسه الدينية المتلفزة المتسمة بالحوار البناء والحجة الدامغة وربط الدين بالحياة.

كان الرجل متفتحا على الحوار، وكان يجمع بين الدين والعلم والإيمان ويقول ”الإنسان لا يفهم الكون إلا بالعلم، ولا يدير العالم إلا بالإيمان”، وأهم كتاباته ”ما الإسلام؟” و"الإسلام والديمقراطية” و"الإسلام والعلم” و"الإسلام والأخلاق الجنسية”. قدم هذا العالم جليل الأعمال التي تشكل دليلا على تنوع مواهبه، واتساع آفاق عطائه العلمي والفكري، علاوة على تميزه في النشاط الدعوي، مما جعل صيته يتجاوز ربوع الجزائر.