وثائقي «تيغرمن نلوراس»

من ينقذ قرى منطقة الشاوية؟

من ينقذ قرى منطقة الشاوية؟
  • القراءات: 1305
س. زميحي س. زميحي

شاركت هندا شرفي الإعلامية وخريجة ماستر نقد سينمائي من ولاية باتنة، أول أمس الاثنين، في المهرجان الثقافي الوطني للفيلم الأمازيغي بعمل سينمائي وثائقي يحمل عنوان «تيغرمن نلوراس»، حيث يدور موضوع الفيلم حول قرى منطقة الأوراس التي أضحت مخازن للتراث تحكي عن عمق نمط حياة العائلات الأمازيغية، والتي باتت مهددة بالزوال والاندثار بسبب الإهمال والنسيان.

الفيلم الوثائقي الذي يترجم جمال الطبيعة والقرى القديمة بهندستها المعمارية التي تتوسط جبال الأوراس، تحكي عن البناء التقليدي الأمازيغي لسكان الشاوية، حيث غاصت الإعلامية هندا شرفي في العمق والخصائص التي تتصف بها عملية بناء المنازل التي تعتمد على الحجارة، الطين والأغصان، من مواد مصدرها طبيعي ما يؤكد علاقة الإنسان الأمازيغي بالطبيعة والأرض.

شيّد الإنسان الأمازيغي سكنات بقمم الجبال وسعى عبرها لجني لقمة عيشه بممارسة الزراعة والفلاحة، صور ومشاهد نقلت عمق التراث ونمط الحياة القديمة التي ترويها بقايا الجدران والأزقة، التي تستغيث في صمت وتناشد من ينقذها من الاندثار والزوال نظرا لأهميتها وأهمية ما تحوز عليه من خبايا التراث غير المادي الذي بحاجة لالتفاتة، ليكون مصدر ليس فقط لتطوير السينما عبر تصوير مقاطع ومشاهد بها، لكن أيضا نافذة لتطوير السياحة عبر ترويج صور لهذه القرى، بعد إخضاعها لترميم وجعلها قبلة لعشاق الطبيعة والهدوء والجمال خاصة وسط نمط تقليدي بحت.

وتوالت شهادات وتصريحات الباحثين المهتمين بالتراث والمؤرخين طيلة عمر هذا الفيلم الوثائقي، الذين تأسفوا للإهمال الذي طال هذه القرى التي تعتبر تراثا وموروثا حضاريا عميق بمنطقة الأوراس، فموضوع الفيلم يعتبر نوعا ما تعريفي لمن لا يعرف بوجود هذه القرى. ومن جهة أخرى لتسليط الضوء على الإهمال والنسيان اللذان طالا هذه القرى، والتي أصبحت مع مرور السنين قلاع فارغة مهددة بالزوال.

الفيلم الذي استغرق 13 دقيقة و48 ثانية هو بمثابة نداء وجهته الإعلامية للمسؤولين من سلطات محلية، القائمين على قطاع السياحة، والثقافة للتنسيق وتضافر الجهود لإعادة الاعتبار لهذه القرى، وبرمجة عمليات إعادة التهيئة ما يضمن حمايتها كتراث محمي.


ثلاثة أسئلة للمخرجة هندا شرفي

❊ كيف وقع اختيارك على هذا الموضوع لطرحه في فيلم وثائقي؟

❊❊ في الحقيقة توجد الكثير من القرى بولاية باتنة التي أضحت قلاع مهجورة وآيلة للزوال والاندثار، والتي يجب على كل إعلامي وسينمائي الاهتمام بها من خلال تناولها عبر أعمال سينمائية، وثائقية، مقالات وغيرها، وبصفتي إعلامية جلبت اهتمامي هذه القرى التي تعتبر معالم أثرية تاريخية غير مصنفة وآيلة للزوال والاندثار بفعل العوامل الطبيعية من جهة، ومن جهة أخرى الإهمال، النسيان، وعمدت عبر هذا الفيلم الاستعانة بالمؤرخين والمهتمين بالتراث الثقافي الذين أثروا هذا العمل في مدة 13 دقيقة و48 ثانية بشهادات وتصريحات حول البناء، التراث، قيمة هذه المداشر وغيرها، من أجل إطلاق نداء استغاثة من شأنه رد الاعتبار لهذه القرى والقلاع.

ولقد قمت بزيارة عدة قرى منها دشرة بوزينة، تاقوست الحمراء، دشرة منعة التي تحتضن مهرجان تافسوت، حيث تضم 400 منزل مبني من الطين، كما لها 5 أبواب تفتح في الصباح وتغلق في المساء، فهي عينات من العديد من القرى بمنطقة الأوراس التي تحتاج لالتفاتة وبرمجة أشغال إعادة التهيئة والترميم ليتم تسخيرها لخدمة السينما والسياحة، وضمان الحفاظ عليها كمورث ثقافي وتراث عريق من شأنه ترقية وتطوير السياحة وتحقيق مداخل لفائدة البلديات.

❊ ما هي رسالتك عبر هذا الفيلم الوثائقي؟

❊❊— أردت عبر هذا الفيلم الوثائقي توجيه رسالة ونداء للعاملين بالسينما والإعلام والتنبيه إلى ضرورة تناول هذا التراث والتطرق إليه عبر أفلام سينمائية، مقالات صحفية من أجل تثمين وترقية ما هو موجود، تناول مثل هذه المواضع من شأنها تنمية السينما عبر تطوير الصناعة السينمائية، حيث أن السينما تبقى بحاجة للدفع والتطوير أكثر، لاسيما وأن الدولة سخرت كل الإمكانيات كتنظيم مهرجانات لتشجيع المواهب الشابة من المخرجين والمنتجين للإنتاج السينمائي، ومن جهة أخرى رد الاعتبار لهذه المواقع بالتفاتة المسؤولين المحليين والاهتمام بالجانب السياحي، حيث هناك موروث متنوع وإعادة الاعتبار له يسمح بجلب السياح كما أن تناول مواضع الأفلام لهذه المواقع يجعلها معروفة ويجلب أنظار السياح إليها.

❊ ما رأيك في مهرجان الفيلم الأمازيغي؟

❊❊ تعتبر هذه المشاركة الأولى في المهرجان الثقافي الوطني للفيلم الأمازيغي، وصراحة استحسنت كثيرا هذه المشاركة لاسيما وأنه تم تسخير كل الإمكانيات التي وضعت تحت تصرف المخرجين، توفير قاعة للعرض، والاحتكاك بالجمهور الذي يشاهد وينقد الأعمال المشاركة التي تنصب كلها في مجال ترقية السينما الجزائرية بشتى مجالاتها أعمال سينمائية، وثائقية وغيرها، فالعمل شرط ضروري لتطوير السينما الجزائرية بإبراز جوانب مختلفة، لكن أود الإشارة إلى أنني قمت بعدة أعمال تناولت مواضيع مختلفة تراثية وثقافية، وأتمنى أن ينال الفيلم الوثائقي المشارك إعجاب لجنة التحكيم وأنال جائزة الزيتونة الذهبية.

حاورتها: س.زميحي