متحف المجاهد بسطيف يعرض تاريخ المقاومة

من ابن شهرة حتى معارك تحرير الجزائر

من ابن شهرة حتى معارك تحرير الجزائر
  • القراءات: 1613
مريم . ن مريم . ن

يحيي المتحف الولائي للمجاهد بسطيف، ذكرى مقاومة البطل ابن ناصر بن شهرة (5 سبتمبر 1851)؛ من خلال عرض تاريخ المقاومة الشعبية بالجنوب وبالأغواط تحديدا. ويتم بهذه المناسبة إطلاق أهم المحاضرات والأبحاث التي قدمتها مجموعة من أساتذة المجلس العلمي والتقني للمتحف، منها مداخلة للدكتور نزيم مسعودي رئيس نادي المقاومة الشعبية بالمتحف. كما يتم إحياء معركة المواجن الكبرى بسوق اهراس، ضمن برنامج تاريخي ثري على موقع المتحف الإلكتروني.

عُرضت، بالمناسبة، وثائق وملصقات تعرّف الجمهور بحياة الشهيد بن شهرة، وبالمقاومة الشعبية بهذه المنطقة الشاسعة من الجزائر. وتم التعريف بهذا البطل المغوار؛ أي ابن شهرة بن فرحات شيخ قبائل الأرباع بضواحي مدينة الأغواط، الذي دام كفاحه ضد فرنسا 24 سنة (1851- 1875)، البطل تربى على الفروسية والجود والكر والفر، متمسكا بحياة الصحراء، وبالطريقة القادرية. استهل جهاده منذ عام 1851، فاعتُقل بمعسكر قرب "بوغار"، وغادرها متخفيا في 05 سبتمبر 1851. والتحق بالشريف محمد بن عبد الله بالرويسات (ورقلة) وقام بالتنسيق معه. واستمات في الدفاع عن مدينة الأغواط وقصورها وكذا ورقلة. ولجأ إلى "نفطة"، وتوزر بالجريد التونسي. وفي تونس ربط علاقات عديدة باللاجئين الجزائريين، وأخذ من هناك يشن الغارات على الأعوان الفرنسيين. وعندما اندلعت مقاومة أولاد سيدي الشيخ عام 1864، عاد إلى الجزائر متخفيا، ودخل ورقلة واتصل بسي الأعلى يوم 6 أوت في طاقين، واشترك معه في عدة معارك. ورجع إلى ورقلة بصحبة سي الأعلى عام 1865، وبعدها إلى المنيعة وعين صالح لتجنيد الناس. وامتدت حركته إلى عين ماضي. وخلال كفاحه بالجزائر لم يقطع صلاته بتونس؛ حيث كان يتردد عليها لجمع الأنصار وتدبير الخطط وتوفير الذخائر والمؤن. وكان من المشاركين في مقاومة المقراني والحداد عام 1871، وكانت جبهة عمله الصحراء الشرقية. وبعد إلقاء القبض على بومزراق زعيم المقرانيين يوم 20 جانفي 1872 قرب الرويسات، أخذ ابن شهرة يواصل نشاطه من الجريد ونفزاوة.

ويُعد الناصر بن شهرة من أبرز وجوه المقاومة في الجزائر، لكن لم يُتناول بالدراسة والاهتمام الكافيين رغم أن فترة كفاحه تُعد الأطول من بين كل الثورات الشعبية في الجزائر بأكثر من 25 عاما من الجهاد المتواصل؛ فلقد شارك في ثورات شعبية عديدة؛ منها ثورة أولاد سيدي الشيخ بالبيّض، وثورة الشريف بن عبد الله في ورقلة ومتليلي، وثورة بوشوشة وثورة محيي الدين ابن الأمير عبد القادر، وثورة المقراني في بلاد القبائل، ولم يضع السلاح إلا بعدما انتهت كل الثورات الشعبية.

وبالمقابل يعرض متحف سطيف عبر موقعه الإلكتروني أيضا، محطات من تاريخ المقاومة الشعبية وصولا إلى حرب التحرير، من ذلك أم المعارك، وهي معركة سوق أهراس الكبرى التي وقعت منذ61 عاما، وهي من أكبر المعارك التي عرفتها ثورة التحرير الجزائرية من حيث عدد الجنود، والأسلحة والعتاد الذي استخدمه الاستعمار الفرنسي ضد المجاهدين.

وكانت الأسلحة التي استُخدمت في هذه المعركة التي وقعت وسط سلاسل جبلية كثيفة وأودية صعبة الاجتياز، ثقيلة ومتطورة. والمعركة تعادل واحدة من أضخم معارك الحرب العالمية الثانية؛ حيث إن المستعمر الفرنسي استخدم في هذه المعركة الفيلق 9 و14 للمظليين، والفيلق 8 و28 للمدفعية بعيدة المدى، والفيلق 26 و151 و152 مشاة ميكانيكية، علما أن هذه الوحدات لها تاريخ عسكري، ومن أشرس الفرق العسكرية الفرنسية التي شاركت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحرب الهند الصينية.

وتُعد المعركة أيضا "أم المعارك وأم الشهداء"؛ لأنها معركة المواجهة والتحدي والاصطدام مع العدو الفرنسي إلى درجة الالتحام؛ حيث كان المجاهد الواحد وقتها يواجه 10 عساكر فرنسيين مدججين بأحدث الأسلحة وترسانة الحلف الأطلسي في أراض سهلية، لا قلاع حصينة فيها تحمي المجاهدين، ولا صخور عظيمة تقيهم من شظايا القنابل وعبوات مدافع الميدان الجهنمية.

للإشارة، فإن المتحف وقف عند محطات أخرى لا تقل بطولة وتضحية، منها الذكرى 63 لمعركة سفرينة ببلدية جميلة بسطيف، والذكرى 61 لاستشهاد البطلة سكينة زيزة المدعوة مسيكة، والذكرى 165 لمقاومة الشريف المختار بن قويدر التطراوي ضد قوات الاحتلال الفرنسي.

وتمت إعادة جمجمة الشهيد "المختار بن قويدر التيطراوي" يوم 03 جويلية 2020، ودُفنت بمربع الشهداء بمقبرة العاليا.