جامعة سوق أهراس

ملتقى وطني حول "مادور مركز الإشعاع العلمي والثقافي والحضاري"

ملتقى وطني حول "مادور مركز الإشعاع العلمي والثقافي والحضاري"
  • 805
لطيفة داريب لطيفة داريب

تنظم جامعة محمد الشريف مساعدية بسوق أهراس بالتنسيق مع كرسي الألسكو لدراسة المجتمعات العربية، الملتقى الوطني الموسوم بـ«مادور مركز الإشعاع العلمي والثقافي والحضاري"، في التاسع من نوفمبر المقبل.

جاء في ديباجة الملتقى، أن مساحة المعرفة الإنسانية وامتدادها تعود لما قبل معرفة الكتابة؛ أي إلى التاريخ السحيق الذي يحمل كمّاً من الألغاز المعقدة؛ لذا فإن علم الآثار علم يقوم على علم تاريخ الأفكار، ونموّ نظريات المعرفة لدى الإنسانية، والطرق التي تبحث عن الماضي، فبنية علم الآثار لا تعتمد فقط على الآثار، بل على مجموعة من التساؤلات تدور حول الأثر ذاته؛ كونه منتجا لمجتمعات إنسانية تطرح حولها أسئلة مثل: من هؤلاء؟ وما الأشياء التي كانت تستهويهم؟ وما الظروف التي عاشوا فيها؟ وماذا كانوا يأكلون؟ كيف تطورت حياتهم؟ مما يؤدي إلى بناء معرفي معقول عن هذه العصور، يشكل لنا إطارا مرجعيا لأسلافنا.

ومنطقة سوق أهراس، التي تُعد مدينة مادور جزءا من مجالها الجغرافي، كانت منذ القديم "قلب نوميديا النابض حضاريا"؛ حيث توفرت فيها شروط الحضارة كالنظم السياسية، والموارد الاقتصادية، والتقاليد، والعلوم والفنون؛ لأنه متى أمن الإنسان على نفسه تحررت فيه بواعث الإبداع والفن؛ فكان من الطبيعي أن تعرف نهضة فكرية؛ لأن الإنتاج العلمي هو محصلة طبيعية للشروط السابقة؛ ولذلك سجل المكلفون بالأداء الإداري من عسكريين ومدنيين خلال فترة الاحتلال الفرنسي للمنطقة منذ سنة 1843، في تقاريرهم التي رفعوها إلى سلطاتهم العليا حول منطقة سوق أهراس، أهمية الرصيد الحضاري للمنطقة، وقدرتها على فتح للاستيطان الفرنسي في المنطقة، آفاق كبيرة، ولذلك دوّنوا كل صغيرة وكبيرة من آثار المنطقة، وسجلوا ذلـــك ضــــمن ما أطلقــــوا علـــــيه "خرجات أثرية" ( Sorties Archeologiques )، وهي وصف للآثار المنتشرة في المنطقة.

وأمام هذا الزخم الحضاري الكبير، ركز المحتل الفرنسي على أهمية إحياء المشروع الاستيطاني الروماني القديم؛ لإعطاء مبرر " تاريخي" بأن الوجود الفرنسي في الجزائر إنما هو امتداد للوجود الروماني"، ومن هنا كان التفكير في كشف آثار مدينة مادور، ورصيدها الحضاري، وإقامة مركز استيطاني فرنسي قربها، حمل اسم "مونتيسكيو (Montesqieu )، كان ذلك سنة 1900، وكذا اقتطاع مساحات كبيرة من أراضي دوار مداوروش، وفرقة أولاد سباع، وتحديدا لإقامة هذا المركز الاستيطاني الفرنسي.

وبناء على هذا التصور عن الموقع الأثري مادور، هل المدينة الرومانية "مادوروس" المحملة بروح التاريخ والحضارة، تسير، اليوم، بخطى متفائلة نحو التطور والتفتح، محافظة في ذلك على خصوصياتها المنفردة، ونحو تثمين تراثها المادي والثقافي؛ لما لها من خصوصيات تميزها عن باقي المواقع؛ قصد الترويج والاستغلال العلمي والبيداغوجي والاقتصادي لها. وهل هناك استراتيجية تراثية تواكب المتغيرات الدولية، وتجعلنا نسبق الآخر في تفكيره؛ على اعتبار طبيعة ورؤية المجتمع للتراث ومفهومه؟

وبالمقابل، ينظَّم الملتقى وفق الأهداف التالية: تحسين تمثيل ممتلكات التراث المادي واللامادي الجزائري، على قائمة التراث العالمي، وكذا إنشاء شبكة من الخبراء المحليين والإقليميين في المنطقة والجزائر والعالم؛ لتبادل الخبرات العلمية والعملية؛ من خلال السعي لجمع أكبر قدر ممكن من المادة المعرفية المنجزة من طرف الباحثين المشاركين في المؤتمر الدولي، بالإضافة إلى حشد الدعم المالي الوطني والإقليمي، لصون ممتلكات التراث.

وجاء في قائمة الأهداف أيضا: نشر وتحسين الوعي بالتراث العالمي في الجزائر. ونشر المعلومات، وإطلاق المبادرات والبرامج المعنية باتفاقية التراث المحلية والعالمية. وتعزيز تنفيذ اتفاقية التراث العالمي في المنطقة؛ من خلال تقديم المعلومات والمعارف والمشورة، علاوة على تقديم المساعدة الفنية لتعريف القيمة العالمية الاستثنائية المحتملة لموقع مدينة مادور. والسعي لتحقيق الانفتاح الأكاديمي والعلمي ما بين المؤسسات المهتمة بالتراث المادي واللامادي مهما كان مجالها وطبيعتها؛ مخابر، أو مراكز بحث، أو جمعيات، أو مديريات.

أما محاور الملتقى فهي: تاريخ مدينة مادور من النشأة إلى اليوم. والنشاط الاقتصادي لمدينة مادور وخصائصها العمرانية والبشرية. وجامعة مادور، وإشعاعها الفكري والمعرفي، وتأثيراتها الحضارية. والتراث الفكري لأعلام مدينة مادور الأثرية؛ القديس أوغسطين (354م-430م) وفلسفة التعايش مع الآخر، التثاقف وقبول الآخر في رواية أبوليوس. والسبل التي ستمكن من إعادة قراءة التاريخ العلمي والثقافي والحضاري لمدينة مادور الأثرية. ودور المؤسسات الناشئة في دعم القطاع السياحي، وتثمين الإرث المادي، وتعزيز التنمية المحلية المستدامة، والحفاظ على الوحدة الوطنية.