من تنظيم جامعة سكيكدة

ملتقى وطني حول دور وسائل الإعلام في التنمية الثقافية

ملتقى وطني حول دور وسائل الإعلام في التنمية الثقافية
جامعة سكيكدة
  • القراءات: 730
لطيفة داريب لطيفة داريب

ينظم مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية لجامعة "20 أوت 1955" بسكيكدة، بالتنسيق مع قصر الثقافة "مالك شبل"، ملتقى وطنيا حول "دور وسائل الإعلام في التنمية الثقافية في مناطق الظل"، يومي 6 و7 أفريل المقبل بقصر الثقافة.

جاء في ديباجة الملتقى، أن منطقة الظل تمثل وحدة سوسيوإيكولوجية من وحدات المجتمع المحلي الأوسع، وقد عرفت هذه المنطقة بأسماء عديدة، يطلق عليها في بعض الأحيان اسم "المنطقة المهمشة"، وأحيانا أخرى اسم "المنطقة المعزولة المحرومة"، وتعرف أحيانا أخرى بـ"المنطقة المتخلفة والمتأخرة"، وهكذا.

مع أننا نستطيع أن نتلمس في أعمال المهتمين بهذه المنطقة، من اتفاق على دراسة معاناة سكانها وتشخيص أوضاعهم الواقعية المتسمة بالبؤس والحرمان، بسبب غياب أو تدني البنى التحتية المتمثلة في شبكة الطرقات، وسائل النقل، الكهرباء، الغاز، نقص المياه الصالحة للشرب أو انعدامها، عدم الوفاء بالاحتياجات الأساسية من صحة وتعليم وتغذية وثقافة وإسكان، إلا أننا نستطيع أن نلتمس أيضا مدى اختلاف هؤلاء الباحثين حول بنيتها الطبقية، نسقها القيمي، انخراطها في النسيج المجتمعي، دورها التنموي، عناصر ومكونات بنائها الاجتماعي الإيكولوجي، التوزيع المساحي والجغرافي للسكان والأنشطة والخدمات، ثقافاتها الفرعية، الأنماط المعيشية السائدة وآليات التكيف الاجتماعي.

من الطبيعي أن تنعكس اختلافات السياق الاجتماعي والاقتصادي لمناطق الظل على مظاهر نموها، ومدى اعتمادها على الروابط والنظم القرابية والتمسك بالعادات والأعراف التقليدية.

اتجاهات نظرية كثيرة حول تخلف مناطق الظل

على هذا النحو، يلاحظ مدى تكاثر الاتجاهات النظرية المفسرة لتخلف مناطق الظل، بداية بنظريات العصرنة والحداثة، البنائية الوظيفية، مرورا بنظريات التهميش والعزل الاجتماعي، وانتهاء بالاتجاهات الراديكالية  التبعية، وغيرها من الإسهامات التي تنظر إلى هذه المناطق باعتبارها انعكاسا لبنية اجتماعية متخلفة، تقوم على القهر والاستغلال واللامساواة، فضلا عن انعدام التوازن المنطقي وما يصاحبه من تعتيم إعلامي وسياسي، حيث يحاول المسيطرون على الأجندة السياسية تعبئة التحيز، الأمر الذي يترتب عليه حرمان هذه المناطق، وحجب المسائل الأساسية ذات الصلة بأوضاعها المتردية من الظهور على المسرح السياسي.

لذا، يركز الباحثون والسياسيون على أهمية تبني مفهوم التنمية في أبعادها الشاملة، لتحرير سكان مناطق الظل من الفقر والتهميش، وتمكينهم من الارتقاء والتقدم، واكتسابهم القدرات والمهارات التي تساعدهم على إطلاق طاقات الإبداع الكامنة، والاستغلال الأمثل لموارد بيئتهم.

إن تمكين سكان هذه المناطق من تحسين نوعية حياتهم على تحو مطرد، وترتيب البيت من الداخل، كفيل بتحريرهم من القيود التي تحرمهم المشاركة في صنع القرارات التي تمس شؤون حياتهم، فالتاريخ يعلمنا أن التخلف ليس حالة أبدية، وأنه ليس قدرا لا فكاك منه، بل هو حالة يمكن التخلص منها والتحرر من براثنها.

في الوقت الذي فسرت ظاهرة مناطق الظل في ضوء التخلف المجتمعي العام وفشل سياسات التنمية، حاول فريق من الباحثين لفت الأنظار إلى تناقضات البناء الاجتماعي، التي تتطلب تعريته وكشف مظاهر التحكم والاستغلال الكامنة فيه، على اعتبار أن هذه المناطق ليست أمرا معزولا عن مجمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع، بل هي من أبرز الأعراض التي تدل على تناقضات البناء الاجتماعي، وعجزه في الاستجابة عن تلبية الاحتياجات الأساسية لأفراده، وهذا ما ينعكس في تفاوت معدلات التنمية، حيث تعاني الكثير من المناطق من الإهمال والتهميش.

دور وسائل الإعلام في التعريف بمناطق الظل

الجدير بالذكر، أن وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة أصبحت تلعب دورا في التعريف بهذه المناطق، وتبيان ما تعانيه من حرمان وبؤس، وقد ارتبط تزايد تسليط الضوء على أوضاع هذه المناطق، بسن السياسات الملائمة لإدماجها في حركية التنمية، ناهيك عن ظهور هيئات متخصصة تعنى بها، وتقدم التقارير الدورية التي تساعد على وضع البرامج لإخراجها من براثن التخلف والفقر.

اللافت للنظر، أن الجزائر من بين الدول التي تبنت في سياستها التنموية مفهوم مناطق الظل، للنهوض بها وتقليل تدفق الهجرة نحو المراكز الحضرية، وتجسيد سياسة التوازن الجهوي والنهوض بكل القطاعات الراكدة.

تشير إحصائيات رسمية إلى وجود ما يربو عن 15 ألف منطقة ظل في الجزائر، يقطنها حوالي ثمانية ملايين ونصف المليون من السكان، كما تبرز هذه الإحصائيات إطلاق 2200 مشروع تنموي لفائدة هذه المناطق، خلال الأشهر الأخيرة، إذ أصبحت هذه المناطق من أولويات التنمية في الجزائر.

وقد صاحب هذا الاهتمام المتزايد بمناطق الظل، اهتماما إعلاميا مكثفا، للتعريف بهذه المناطق وتشخيص أوضاعها، انطلاقا من قناعة راسخة مفادها أن تنمية مناطق الظل، تمر عبر ترقية مواطنيها والوسط الذي يعيشون فيه، من أجل توفير حياة كريمة لسكانها، والعمل على تثبيتهم في مناطقهم وتقييم حاجاتهم، خاصة متطلبات الحياة اليومية ونشر المعرفة وتحسين التعليم، وخلق المراكز الثقافية، المكتبات، النوادي الرياضية والجمعيات، بما في ذلك دور السينما والمسارح، الصحف والمجلات، تكنلوجيا الاتصالات وغيرها.

وقد لعبت وسائل الإعلام دورا في هذا التحول الذي تشهده مناطق الظل، بما في ذلك الكشف عن الطاقات البشرية والمواهب التي تزخر بها، باعتبارها جزء لا يتجزأ من الشخصية الوطنية، وتعبيرا عن هويتها واستمرارها القائم على العدالة، وضمان العيش الكريم لكل المواطنين في كنف التنمية المستدامة والعمل المشترك.

في المقابل، سيناقش المحاضرون في الملتقى المحاور الآتية: معضلة المفاهيم: منطقة الظل بين التنظير والسياسة. التوزيع الجغرافي لمناطق الظل في الجزائر تشريح وضعيات، إجراء مقارنات. السياسات الموجهة لتنمية وترقية مناطق الظل بين الواقع و المأمول. دور وسائل الإعلام في تسليط الضوء على الأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية لمناطق الظل. الحرمان والتهميش في مناطق الظل وقضايا المواطنة، الهوية، الانتماء، الحقوق والواجبات.مناطق الظل ومسألة الهجرة: الأبعاد والدلالات. البنية التقليدية لمناطق الظل ومسألة التطور والتحضر. مؤشرات التخلف/ التنمية في مناطق الظل. آليات التعبير عن الانشغالات الحياتية لدى سكان مناطق الظل. وتغير وتحول مناطق الظل: رؤية واقعية ومستقبلية.