ينظم هذا الأسبوع بالمتحف العمومي لسطيف
ملتقى وطني حول التحركات القبلية والتحولات الديمغرافية في الشرق الجزائري

- 1527

تنظم فرقة البحث "ريف الشرق الجزائري في العصر القديم والوسيط"، بالتنسيق مع قسم التاريخ والآثار – جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2، الملتقى الوطني الموسوم بـ: "التحركات القبلية والتحولات الديمغرافية في الشرق الجزائري القديم والوسيط، الظروف، المسارات، والانعكاسات" وهذا يوميّ الثلاثاء والاربعاء المقبلين، بالمتحف العمومي الوطني سطيف. جاء في إشكالية الملتقى أنه "طالما شكّلت التحركات القبلية معطى مهما على مستوى التركيبة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لبلاد المغرب عبر العصور، نظرا للظروف التاريخية التي تدفع إلى التحرك في اتجاهات مختلفة، خاصة وأن المنطقة كانت مجال استقطاب مهم، إذ عرف الشرق الجزائري عموما وريفه خصوصا، تعميرا بشريا باكرا، من خلال الانتشار الواسع لمواقع ما قبل التاريخ، والتي ارتقت لاحقا إلى تنظيمات صغيرة تحولت إلى تجمعات قبلية انتهت إلى تشكّل أولى الكيانات السياسية كمملكتي الماسيل ونوميديا الموحدة".
وورد فيها أيضا: "شهد ريف الشرق الجزائري خلال الفترة الرومانية تحركات قبلية نتيجةً للسياسات الرومانية التي استهدفت إخضاع ثم تفكيك القبيلة وتهجيرها. مما أثر على انتشارها الجغرافي ووعائها الديمغرافي، فانعكس ذلك على الجوانب السياسية من خلال تلك الثورات والتمردات التي عرفتها منطقة الشرق الجزائري بالإضافة إلى مجموعة من التأثيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية". أضاف المصدر: "في الفترة الوسيطة انعكس التواجد الإسلامي على الحراك القبلي في الريف الشرقي للمغرب الأوسط بداية بالمواجهة العسكرية للكاهنة وصولا إلى التواجد الهلالي، ناهيك عن الصراعات المذهبية التي كان لها دور في رسم تغيرات بارزة في التركيبة القبلية وديمغرافيتها. على مرّ هذه المراحل، أفرز الوضع القبلي العام، وفق نفس المصدر: "خلخلة ملحوظة تفاوت تأثيرها ومدى عمقها وفقا لجملة من الاعتبارات التي تتدخل في صناعة المآلات. وانطلاقا من هذا التوجيه يمكن ملاحقة عديد النماذج المرتبطة بالتحركات القبلية والتحولات السكانية والديمغرافية في بلاد المغرب في العصرين القديم والوسيط".
انطلاقا من هذا الطرح، يرنو الملتقى الوطني الموسوم: "التحركات القبلية والتحولات الديمغرافية في الشرق الجزائري القديم والوسيط – الظروف، المسارات والانعكاسات" إلى ملامسة جملة من الإشكاليات والتساؤلات المعرفية والمنهجية ذات العلاقة بالموضوع، على غرار: "ما الظروف التي جعلت من التحركات القبلية في المغرب خلال العصرين القديم والوسيط ملمحا بارزا في تاريخه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي؟" و"إلى أي مدى كانت هذه الظروف دافعا ومحفزا لها؟"." و"كيف نفهم المسارات التي اتخذتها التحركات القبلية وبأي معايير يمكن الحديث عن طبيعة التحولات الديمغرافية التي شهدتها المنطقة، سواء تلك المرتبطة بحركة القبيلة الطوعية والجبرية أو ما تعلق بظروف أخرى؟". أيضا، “كيف يمكن استدراج مفاهيم الديمغرافيا التاريخية وإخضاع المعطيات التاريخية المتعلقة ببلاد المغرب لها بغض النظر عن توافرها أو ندرتها؟". و"على أي مستوى يمكن تفسير الانعكاسات التي أفرزتها حركة القبيلة المحلية والوافدة في مجالات المغارب ضمن مفاهيم: الصراع، التحالف، التثاقف، الاكتساح، الغزو، الإغارة؟”، وكذا “إلى أي مدى يمكن الحديث عن تعميق المشهد البدوي في بلاد المغرب خلال العصرين القديم والوسيط في ظل عدم الاستقرار المجالي الذي اتسم بتحركات القبيلة واضطراب ديمغرافيا المنطقة؟".
بالمقابل، تم تحديد أهداف الملتقى وهي: "التعريف بتاريخ منطقة الشرق الجزائري عموما وريفها خصوصا خلال الفترتين القديمة والوسيطة والاطلاع على أهم الحركات السكانية والتطورات الديمغرافية التي شهدها ريف الشرق الجزائري وكذا الكشف عن أهم العوامل والظروف التي تحكمت في نشاط الحركة السكانية ومساراتها بالشرق الجزائري مع إبراز الانعكاسات (التطورات والتحولات) التي أفرزتها الحركات السكانية على الصعيد الحضار". بالمقابل تشمل محاور الملتقى النقاط الآتية: "الإطار المفاهيمي والمنهجي” و«العمق التاريخي والحضاري لريف الشرق الجزائري من خلال المصادر الكلاسيكية والاثرية" و"الطبيعة والتضاريس ودورهما في تحديد مسارات الحركة السكانية في الشرق الجزائري” و«التحركات القبلية في بلاد المغرب عامة وفي ريف الشرق الجزائري خلال العصرين القديم والوسيط” و«الهجرات الخارجية الوافدة وتأثيرها على حركة و تمركز القبائل بالشرق الجزائري".
إضافة إلى مواضيع أخرى وهي “القبيلة وديمغرافيا بلاد المغرب، قراءات في طبيعة العلاقة ومنحى الصعود والتراجع" و"الظروف الاقتصادية والثقافية وتأثيرها في التحولات الديموغرافية بريف الشرق الجزائري" و"الصراعات الدينية والمذهبية ودورها في نشاط الحركة السكانية" و"الانعكاسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للتحركات القبلية في بلاد المغرب" و"الحركة السكانية الداخلية بين الجنوب والشمال وبين المدينة والريف". للإشارة، سيترأس الملتقى الأستاذة شادية خلف الله، مديرة المتحف العمومي الوطني بسطيف، أما رئيس اللجنة العلمية فهو الدكتور عبد المالك بكاي، ورئيس اللجنة التنظيمية الدكتور عبد الحفيظ بوعبد الله.
هناك أيضا العديد من الأنشطة الثقافية المتنوعة بمناسبة شهر التراث عبر أجنحة المتحف العمومي الوطني بسطيف، والعديد من المؤسسات الثقافية بالولاية، انطلقت فعالياتها في الثامن عشر من شهر أفريل المنقضي، ويدوم بعضها إلى غاية الثامن عشر من الشهر الجاري، وقد سطرت إدارة المتحف برنامجا ثقافيا متنوعا يشمل معارض فنية وندوات علمية بمساهمة العديد من الشركاء ممثلين عن مختلف القطاعات بما فيها الأسلاك الأمنية. وحسب مديرة المتحف، السيدة شادية خلف الله، فإنه لتزامن التظاهرة هذه السنة مع شهر رمضان الكريم، فقد سطر لها برنامج ثقافي متنوع تضمن إقامة تسعة معارض منها معرض متحف ومواقع سطيف، وآخر لمتحف وموقع جميلة الأثري، بالإضافة إلى معرضي دار الثقافة وطلبة مدرسة الفنون الجميلة، وأخرى لسلكي الجمارك والشرطة إلى جانب معارض للحرف والصناعات والأكلات الشعبية الخاصة بمنطقة سطيف.
يتضمن برنامج التظاهرة، حسب ذات المتحدثة، ندوات علمية حول مساهمة التراث اللامادي في المحافظة على أصالة وهوية منطقة سطيف، من خلال إلقاء محاضرات لأخصائيين وباحثين في المجال، منها "الموروث اللامادي الجزائري، الهوية الثقافية والانتماء المحلي"، للدكتورة شادية خلف الله، و«الوجه الثقافي واللساني للهوية الأمازيغية من خلال الموروث اللامادي"، للأستاذة نوال لعرابة، بالإضافة إلى ندوة بعنوان “الممارسات والتصورات الاجتماعية والثقافية لدى المجتمعات من خلال محطات الفن الصخري" للأستاذة نوال بن صغير، و"دور الديوان الوطني لحماية واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية في حماية وتسويق التراث الثقافي"، من تقديم الأستاذ خليل عزوني.
وتتخلل طيلة أيام الفعاليات ليال تراثية حكواتية وسهرات ليلية لفائدة العائلات تقدم فيها أناشيد دينية وحفلات موسيقية أندلسية، مع تنظيم خرجات ميدانية سياحية لفائدة عمال وموظفي قطاع الثقافة إلى الموقع الأثري هيبون بمدينة عنابة، ومتحف تيبازة، بالإضافة إلى أنشطة ثقافية بيداغوجية للأطفال، وورشات تطبيقية وتكوينية حول تسير المجموعات المتحفية، السينوغرافيا، الزيارات الافتراضية والوسائط الإلكترونية، الرقمنة والإعلام والاتصال، ومسابقات لأحسن فيديو حول التراث الثقافي اللامادي، على أن تختتم التظاهرة بتنظيم الطبعة الثانية من لقاء المتاحف بمشاركة المتاحف الوطنية، متاحف المواقع الأثرية، الحظائر الثقافية الوطنية، المراكز الوطنية في يوم دراسي إعلامي حول الرؤية المستقبلية للمتاحف بعد جائحة كورونا.