معرض تشكيلي جماعي برواق باية

مقدس وأوزاني يحملان الأمل ونور الألوان

مقدس وأوزاني يحملان الأمل ونور الألوان
الفنانان نور الدين مقدس
  • القراءات: 932
مريم .ن مريم .ن

يحتضن رواق باية بقصر الثقافة مفدي زكريا إلى غاية 16 أكتوبر الجاري، معرضا تشكيليا جماعيا يضم 40 فنانا من مختلف أرجاء الوطن، منهم الفنانان نور الدين مقدس وشافة أوزاني؛ حيث خرج مقدس إلى جمهوره بأعماله الرائعة التي تحمل بصمة إبداع، وحسا مرهفا يختلج بين أصابع الريشة الملونة، التي لا ترسم سوى الجمال والبهاء وحسن المنظر، مع الكثير من الروح الجزائرية الراسخة في التراث والأصالة. وقدّم شافة عصارة قناعاته الفكرية في أساليب فنية معاصرة، تكشف الذات الإنسانية في المقام الأول.

يعرض مقدس أعماله الراقية التي لا تحتاج لأي شرح أو تسويق، ويقف، ككل مرة بصدر رحب، وسط معرضه، يستقبل الزملاء الفنانين والنقاد والجمهور، وأكثرهم موجودون على صفحته الإلكترونية؛ فهذا الفنان تجاوزت تجربته ثلاثة عقود، أثمرت أسلوبا فنيا متميزا خاصا به. ويضم المعرض عدة لوحات، أغلبها من الحجم الكبير، انفجرت فيها الألوان والأضواء لتسود فيها الخبرة، ويطغى سخاء الأشكال والألوان، وينطفئ فيها الاستسهال والتكرار الممل. وحمل هذا الفنان المحترف معه تقنيته الخاصة، وهي وحدة الصورة الرقمية، وتحويلها إلى عمل تشكيلي بالألوان الزيتية، يرصد عبرها واقع الحياة، وجمال الكون. وتتميز هذه التقنية بتفكيك الصورة إلى مربعات صغيرة جدا، مثل حجر الحصى الصغير، وبالتالي فإنها تعطي لمسة خاصة للعمل، وبعدا جماليا راقيا. والأسلوب الفني الذي يمارسه ينتمي إلى الأسلوب الانطباعي، الذي حوّله إلى بيكسال. وتعني هذه الكلمة الوحدة الرقمية، التي تكون الصورة الرقمية؛ فقد حاول إسقاط هذا الأمر على لوحاته.

وكعادته، بقي الفنان مقدس وفيا للمرأة، منها العاصمية الحضرية التي تتجول في أزقة حي القصبة العتيق، تبحث عبر المسالك ما كان من مجد، وأصالة لا زالت هي محتفظة بها في الحايك والكراكو. كما بقي الفنان وفيا للريف القبائلي الصافي بسمائه، والنقي بأرضه، والأصيل بالقبائليات، اللواتي رسمهن في المنبع والوادي، وفي أشغالهن المنزلية، وأحضر هذه المرة لوحته التي لاقت نجاحا كبيرا، وهي الأختان، التي تعكس الطفلتين الأختين بابتسامتهما البريئة، ولباسهما المزركش. ويعتمد الفنان على الأسلوب الانطباعي في الألوان؛ بمعنى أنه يعتمد على الألوان النقية التي تعكس الطبيعة، كما أنه يفضل في كثير من الأحيان، اللوحات الكبيرة؛ لأنها تعطيه المساحة الكافية للانطلاق والتعبير بدون أن تعرقله الحدود. نور الدين مقدس من مواليد 1960 بسيدي بلعباس. وفي عام 1979 توجه إلى مدرسة الفنون الجميلة بوهران. وفي سنة 1982 قام بتكوين بالمعهد البيداغوجي لسيدي بلعباس، وتخرج منه أستاذا في مادة التربية التشكيلية.

وبالنسبة للفنان شافة أوزاني فقد شارك بعمل جديد بعنوان تسامي. كما حرص على أن يكون حضوره فرصة لبعث الأمل والطمأنينة. وكعادته، يبرز لدى هذا الفنان مستوى التكوين الأكاديمي، وهو على اعتبار أنه مهندس معماري فإنه يتعامل مع اللوحة كمشروع بناء ينطلق من فكرة، ثم يتحول إلى هيكل ملموس. وفي أعماله التشكيلية ذات الأسلوب التجريدي يحاول أن تكون كل لوحة محطة للنقاش، منها تسامي، التي تعكس سمو الإنسان، وضرورة ترفّعه عن الابتذال والانحطاط.

ويواصل الفنان تشبّثه بالأسلوب التجريدي؛ فهو الأكثر حرية، والأكثر انفعالا، والأكثر صعوبة، وغالبا ما يكون التعبير في هذا الأسلوب من خلال الألوان؛ باعتبارها الأقدر على تقديم الفكرة، وترجمة معاني الرسم، الذي هو عملية داخلية وجدانية قبل أن تكون مجرد فعل ميكانيكي عادي. والتجريدي مرتبط أكثر بالحياة العصرية، يهدف إلى تحريك الأحاسيس الإنسانية السامية، كما يبدو جليا تأثر شافة بالراحل خدة. وللإشارة، يحمل المعرض شعار نفس الفن. وتشارك فيه العديد من الأسماء الفنية، منها إسماعيل أوشان ونادية شراق ونور الدين شقران وعبد الحليم كبياش، وغيرهم كثيرون.