تكريماً لمسيرة فنية تجاوزت 60 عاما

معرض للتشكيلي مصطفى عدان بقصر الرياس

معرض للتشكيلي مصطفى عدان بقصر الرياس
  • 224
لطيفة داريب لطيفة داريب

في لفتة وفاء وتقدير لفنان مخضرم على قيد الحياة، ينظم مركز الفنون والثقافة في قصر رؤساء البحر الى غاية 29 أوت المقبل، معرضا للفنان التشكيلي مصطفى عدان صاحب 92 ربيعا، يضم مجموعة من أعماله الراقية والمتنوعة.

بالمناسبة، قالت مديرة قصر الرياس، السيدة فايزة رياش في حديثها أمام الصحافة الحاضرة لتغطية النشاط، إنها أرادت تكريم التشكيلي المخضرم مصطفى عدان وهو على قيد الحياة، مضيفة أنه سيكون حاضرا خلال حفل التكريم، الذي سيحدَّد موعده لاحقا، والذي سيتزامن مع عرض فيلم عنه من توقيع مخرج شاب.

من جهته، أكد السيد علي قريد، المفتش الثقافي والفني ورئيس قسم التبادل بمركز الفنون والثقافة لقصر رياس البحر، أن الفنان مصطفى عدان الذي غاب عن افتتاح معرضه، يتميز بمسيرة فنية متميزة فعلا. درس الفن في ألمانيا لخمسة أعوام ابتداء من عام 1960 بعد أن كان عضوا في اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين في فترة الاستعمار الفرنسي بالجزائر. وحينما عاد الى أرض الديار، درّس في المدرسة العليا للفنون الجميلة.

كما شغل عدة مناصب، من بينها: رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الجزائريين، والمدير الفني بالمؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار. وتابع أن عدان الذي وُلد بالقصبة عام 1933، صمم عددا كبيرا من ملصقات المعارض الدولية، والمهرجانات. وأنجز جداريات في مختلف ولايات الوطن. كما ساهم في ترميم عدة معالم تاريخية. وكان من بين مؤسسي مجموعة "أوشام" ، مشيرا الى أن أبرز أعماله الجدارية موجودة في مطار هواري بومدين القديم، وحديقة صوفيا. 

وقدّم علي قريد تفاصيل عن أعمال عدان، فقال إنه يتميز باستخدام النحاس المطلي بمادة المينا المستعملة، عادة، في السيراميك. كما أنجز العديد من اللوحات بتقنيات مختلفة ومنحوتات، مؤكدا أن تنظيم مثل هذا المعرض المقام في فترة عطلة الصيف، بهدف تعريف الجمهور الواسع بهذا الفنان، وأعماله، واكتشاف إحدى القامات الفنية الجزائرية.

وفي إطار آخر، يعرض الفنان مصطفى عدان في معرضه "جذور وألوان" ، مجموعة من اللوحات مختلفة التقنيات والأساليب، تغرس جذورها في الأصالة، وتتقاطر رمزية، من بينها لوحة لشكل دائري باللونين الأسود والأبيض، يظهر كأنه متاهة؛ من يدخلها يستحيل أن يخرج منها ناجيا، تتفرع منها خطوط ربما تكون مسلكا للنجاة. 

ولوحة ثانية حول نفس الموضوع، وهذه المرة بالألوان، تتفرع منها خطوط بشكل كثيف، تاركة المجال أمام التساؤل إن كانت المتاهة تحولت الى عالم ملوّن فيه الطالح والصالح؟.

ورسم عدان لوحة رمز فيها الى تأسيسه لحركة لوشام رفقة فنانين آخرين، أغطسها في اللون البرتقالي المحمر. ورسم فيها فيضا من الرموز الأمازيغية المتراصة. 

وفي لوحة أخرى رسم وجهين بأعين كبيرة باكية، ورموز أمازيغية، وأشكال هندسية، بينما في لوحة أخرى رسم وجه امرأة بشعر برتقالي تحدق فينا بكل قوة، ودون أدنى شعور بالخوف أو التردد.

واختار الفنان أن يعبّر عن ألمه لما يحدث لغزة ليس في الوقت الحالي وحسب، بل منذ زمن طويل، مستعملا في ذلك القلم الرصاص. ورسم في نفس اللوحة مشهدا من مجزرة بن طلحة، ومجازر أخرى حدثت في عدة دول، تؤكد توحش الإنسان الذي تجرد من إنسانيته.

كما رسم عدان لوحة عنه؛ أي رسم بورتري له، اختار أن يكون بالقلم الرصاص إلا أن خلفية اللوحة جاءت بالألوان. ورسم، كذلك، بوتريه للشهيد مصطفى فروخي، والعديد من الأعمال الأخرى التي ترجم فيها إبداعه، ورؤيته لما يحيط به سواء في فترة الاحتلال، أو بعد الاستقلال.

ويقدم الفنان أيضا في هذا المعرض، مجموعة من منحوتاته، تأتي في مقدمتها منحوتة تتوسط الطابق الأول لقصر الرياس، تتشكل من مجموعة من صفائح دائرية موضوعة بشكل متناسق، قد ترمز الى العدالة التي تغيب عن عالمنا، أو الى الظلم الذي اركبته المستعمر الفرنسي في حق الجزائريين.

منحوتة أخرى وهذه المرة لرمز أمازيغي زيّنها برموز أمازيغية أخرى. ومنحوتة ثالثة تمثل مهدا، وأخرى كرسيا، وكلها تعبرّ عن قدرة الفنان في التنقل من فن الى فن بكل سهولة، كيف لا وهو المعلّم الذي تجاوزت مسيرته الفنية 66 سنة كاملة.