‘’ كاليدونيا” بمسرح ”محمود تريكي” بقالمة

معاناة المنفى وحنين إلى المنبت

معاناة المنفى وحنين إلى المنبت
  • القراءات: 769
وردة زرقين وردة زرقين

قدّم المسرح الجهوي ”محمود تريكي” بقالمة سهرة الخميس المنصرم بدار الثقافة ”عبد المجيد الشافعي”، عرضا فنيا ضخما، تمثل في مسرحية موجهة للكبار بعنوان ”كاليدونيا”، كتب نصه الدكتور جلال خشاب، وقام بإخراجه فنيا كريم بودشيش. وخضع العرض الشرفي للعمل الدرامي الملحمي التاريخي، لتقنيات فنية وجماليات العمل المتكامل والممتع على مدار ساعة و15 دقيقة، حيث لقي استحسان الحاضرين والنقاد.

«كاليدونيا” بمثابة لوحات فنية سايرت تلك الفترات الحالكة التي عايشها المجتمع الجزائري إبان القرن العشرين، وقاربت المسرحية معاناة المقاومين الجزائريين في بعد رمزي ينسحب على كل بقاع الوطن؛ تأكيدا على شمولية المقاومة الشعبية ورمزية البطل ”عبد الله” الشخصية الرئيسة الذي ترك زوجته حبلى، وأُجبر على مغادرة الأرض والأهل إلى حيث لا رجعة، لكنه ظل متشبثا بالأرض والوطن والهوية رغم المسافات البعيدة. كما تحاكي المسرحية معاناة هؤلاء الأبطال في سفينة أبحرت لأشهر طوال، إذ أخذ منهم الزمن والمعاناة الكثير، ورغم ذلك لم يسلبهم العزم والإصرار رغم تردي الأوضاع وموت الرفاق منهم بعيدا عن الأهل والديار. وبعد رحلة الموت ترسو السفينة بشاطئ جزيرة غريبة الأرض والشجر والطير وتنقطع بهم سبل العودة. وتشاء الأقدار أن يتعرف البطل ”عبد الله” على الفتاة ”روز” مثلما يتعرّف رفاقه على أخريات رمت بهم الأقدار والأحوال في الجزيرة، فيتزوج عبد الله ”روز” ويحتويها بدون أن يتنازل عن كل ما يوحي إلى هويته من حيث تسمية الأبناء بأسماء من موطنه الأصلي، ويظل شديد الحنين إلى المنبت في إرسال بواعث فؤاده وهواجسه في خطابات داخل قارورات بدون أن يتسرب الملل إلى عزيمته، مما يثير استغراب ”روز” وإعجابها به.

وتنتهي المسرحية بصورة القارورة المتضمنة الخطاب في شيء من الإيحاء الرامز إلى انفتاح الإبداع على مرحلة حاسمة من الذاكرة الجماعية.