معرض جماعي بمركز التسلية العلمية مصطفى كاتب

مشوار التجارب والأبحاث

مشوار التجارب والأبحاث
  • القراءات: 863
مريم.ن مريم.ن

يختصر المعرض التشكيلي الجماعي المقام بمركز التسلية العلمية مصطفى كاتب بالعاصمة إلى غاية 12 أوت الجاري، تجارب فنية ثرية، تبرز مستوى البحث والتكوين العالي في مجال الفن التشكيلي بكل أطيافه وتياراته، ليجد الجمهور نفسه وسط عوالم من الألوان والأشكال التي تأخذ بيده نحو مسارات يكتشف عبر دروبها الجمال والبهاء ويتنسم عبق الفل والريحان.

الفنان كزاز ياسين حضر بـ 20 لوحة من توقيعه، زاوج فيها بين أساليب متنوعة ليلبي كل الأذواق ويعبّر بكل لغات التشكيل، بدأها بالتراث الجزائري الزاخر خاصة فيما تعلق بالديكور، مستعملا ألوانا زيتية بذوق الأسلاف منها الأخضر والأزرق الفيروزي والأصفر الذهبي، ونثر تلك الألوان على مختلف القطع كالإبريق المطليّ بماء الذهب وقطيفة الستائر ذات الأحمر العنابي وغيرها، مع تركيز أكبر على توضيح مكانة التنقيط بالذهب لإعطاء إيحاء بغنى هذا التراث الوطني العريق الذي عُرفت به «الدزاير القديمة».

اشتغل الفنان كثيرا على اللوحات الضخمة التي تكاد تكون بحجم الجداريات؛ حيث رصّعها بالألوان وبالحركات والهمسات التي تكاد تنطق من فرط الاتقان. ويكاد الجمهور يسمع وشوشات النسوة القبائليات وهن يجلسن وسط الدار لكلٍّ مهامها، فمنهن التي تطهو والتي ترتّب، ومنهن الأم التي تحمل صغيرها لتبدو العائلة في انسجام وتكامل. كما ركز الفنان على ديكور البيت القبائلي البسيط المزركش بالألوان الطبيعية وبقطع الفخار الملوّن.

يمتد هذا التأثر ببيئة الريف القبائلي إلى اللوحة المجاورة؛ حيث تعرض نموذجا من الأواني الفخارية الجميلة بإنارة مستمدة من أنوار الشمس الدافئة وملفوفة بشق من قطعة قماش مخططة، هي عبارة عن الفوطة التي ترتديها النسوة القرويات. والفنان هنا حريص على اللمسة الأمازيغية وعلى الألوان النقية وعلى الطبيعة العذراء. واستطاع بذكاء أن يزاوج بين اللمسة العصرية وبين التراث الأصيل، وتمكن من أن يعطي نفسا لأسلوب الوشام المستوحى من الفلكلور.

غير بعيد تسود العتمة في لوحات بلون أحمر داكن يشبه الأضواء الصناعية مرسومة فوقها بعض الآلات الموسيقية، منها البيانو والكمان والساكسفون، وبجانبها نوتات موسيقية وأوتار. كما أن هناك لوحة أخرى تميزها تقنية التنقيط بها رموز وأشكال مستوحاة من التراث الصحراوي القديم.

لا تخرج لوحة أخرى عن الفضاء الصحراوي لتصور مدينة غرداية مبسوطة على فضاء مزركش يشبه الزربية، وبها ألوان نحاسية جميلة، وبيوتها عبارة عن مربعات متناسقة وتحتها أقواس.

لوحات أخرى تضمنت نماذج من العمارة والزخرفة الإسلامية، وكذا لوحات رصت بها الورود على اختلاف ألوانها. كما حضرت لوحات في الأسلوب الكلاسيكي، أبرزت قيمة الحايك العاصمي، وديكور البيت الجزائري ويوميات أهل بوسعادة.

أما الفنان عبد الرحمن خالدي فاختار القصبة ليتجول عبر لوحاته في أزقتها وحاراتها، ثم ينتقل إلى الموانئ وإلى بحر الجزائر شديد الزرقة، ويقف على بعض القطع التي تعكس «أيام زمان» منها رحى القهوة، والشمعدان ذو الرأس الواحدة الذي تفنن في تصميمها عبر عدة لوحات متسلسلة.

الفنان بن عبد الرحمن فاروق التزم الأسلوب التجريدي وبالألوان الداكنة التي توحي بظلمة الليل الداكن، لتتداخل في عتمته الخطوط والأطياف والشهب، وتظهر منعرجات وممرات نحو عوالم مختلفة.

الفنان أحمد شاوش صبحي التزم بدوره الأسلوب التجريدي لكن بألوان فاتحة تبعث على الحياة والانطلاق، منها البرتقالي والأصفر والأخضر. وتوالت اللوحات تسرد قصصا وأفكارا أطلقها أصحابها بلغة الألوان.

بالمناسبة، التقت «المساء» الفنان فاروق الذي أكد أن المعرض يضم مختلف الحركات من خلال 4 فنانين، وهو معرض صيفي يُعتبر انطلاقة لموسم فني يستمر نحو معارض أخرى في الخريف والشتاء المقبلين ضمن رزنامة فنية متنوعة. المعرض ـ حسب المتحدث ـ تشكيلة من مختلف المدارس الفنية بطابع جديد يعد إبداعا يستحق أن يشاهده الجمهور الزائر.

شارك الفنان فاروق بلوحتين في التجريدي والانطباعي بدون عنوان، وكانتا حركتين تكملان بعضهما، وهذا النوع من الفن يعالج قضية ما ويقدمها بطريقة غير مباشرة للجمهور مع الاحتفاظ باللمسات الشخصية والفردية ذات الهوية الخاصة بالفنان.

أما الفنان خالدي فاعتمد القصبة كموضوع، وقال إنه فضّل هذا الحي العريق إضافة إلى الطبيعة الصامتة. كما حاول من خلال لوحاته تقديم تصاميم هندسية مستوحاة من الزخرفة الإسلامية، الهدف منها إعطاء لمسة عصرية وإدخال نوع من التطور عليها. كما أشار إلى أنه غاب عن المعارض بسبب انشغاله بالبحث في مجال الزخرفة وبإنجازه تصميمات خاصة بالديكور. وقد شارك عبد الرحمن خالدي بـ 14 لوحة، وكزاز بـ 20 لوحة.