الدكتور لخضر منصوري يناقش واقعه وتحدياته:

مشكلة المسرح العربي في غياب هويته

مشكلة المسرح العربي في غياب هويته
الدكتور لخضر منصوري من جامعة وهران
  • القراءات: 440
مبعوثة "المساء" إلى سطيف:  دليلة مالك مبعوثة "المساء" إلى سطيف: دليلة مالك

قدّم الدكتور لخضر منصوري من جامعة وهران، يوم الجمعة الأخير، ضمن برنامج الأيام المسرحية العربية الثانية بسطيف، في دار الثقافة "هواري بومدين"، مقاربته في موضوع واقع المسرح العربي، والتحديات التي تواجهه؛ إذ يرى أن مزج العناصر التراثية العربية بالعناصر المسرحية الأوروبية، سيكون حلا وسطا بين الحفاظ على الهوية العربية، وبين مواكبة المدارس المسرحية الأوربية الحديثة.

قال منصوري: " ليس عيبا استخدام الشكل المسرحي الأوروبي بمضمون عربي، يعكس قضايانا العربية الملحّة. وهناك العديد من النماذج لكتّاب كبار تبنّوا هذه الفكرة، ومثلت أعمالهم علامة وقيمة فنية باقية إلى الآن "، مشيرا إلى أن المسرح العربي ضاع بين النخبوية والتقليد؛ ما أفقده بريقه، فتحوّل في بعض الدول العربية، إلى عمل تجاري مبتذَل. وأضاف أن إشكالية المسرح العربي تكمن في غياب الهوية؛ لأن الكثير من العروض المسرحية مستمَدة من قضايا غريبة، ونصوص لا علاقة لها بجوانب الحياة العربية.

الفن الرابع.."مشروع دولة"

دعا منصوري، في مداخلته، إلى أن يتجاوز المسرح مرحلة الهواية، وأن يرتبط بالجهات الثقافية والسياسية والتربوية. ويتم الاهتمام به بوصفه "مشروع دولة" . ويعتقد أن المسرح العربي مازال يبحث عن نفسه في ظل ما يقدَّم من قضايا عربية. وقال: " لا بدّ أن تكون المهنة المسرحية قائمة بذاتها، ولها دور أساسي في تنمية المجتمع "، مشيرا إلى اختفاء المسرح الجاد، الذي صُرف عن التركيز على قضايا مهمة في الساحة الخليجية مثلا، وأن "بعض الدول العربية التي لديها تاريخ مسرحي، تعاني، للأسف الشديد، إجهاضاً حقيقيا لحركة المسرح".

وعبّر عن أسفه لكون المسرح في وعينا الثقافي العربي، لم يتحول إلى نسق من أنساقنا الاجتماعية، ليصبح جزءاً من يومنا المعيش. وتابع: "المسرح بصورة عامة، لم يُعترف به بعد في المناهج التعليمية؛ بوصفة صنفا من صنوف الأدب؛ مثله مثل الشعر والقصة"، مشيرا في السياق، إلى أن المهرجانات المسرحية أصبحت دورية روتينية إعلامية سياحية، خاوية من المستوى والمحتوى. والأكثر من ذلك أن العروض المسرحية التجريبية المقدَّمة حاليا في الوطن العربي، تخريبية؛ لانتهاجها بعدا فلسفيا مبالغ فيه، وسريالية غير مقنعة.

بدايتان للمسرح العربي

في مستهل مداخلته، مهَّد الدكتور للموضوع بتقديم خلفية تاريخية. وأكد أن هناك القليل من المعلومات عن حركة المسرح العربي، وهي موجودة في بعض المراجع الأجنبية، وأن للمسرح العربي بدايتين؛ الأولى فطرية، والثانية قلّدت التجربة الأجنبية. وأشار منصوري إلى أنه لم يبدأ في العواصم، بل بدأ في المدن الداخلية الصغيرة؛ مثلا في العراق بدأ في الموصل، وانطلق من المقاهي كما في الجزائر وسوريا، وفي الكابريهات كما في العراق. وكان الممثل الأول هو كاتب النص، وهو المخرج. كما أوضح أن الفرق المصرية كان لها التأثير الفاعل في انتقاله إلى بقية الدول العربية. ويتميّز المسرح العربي بتشابه في موضوعاتها، وأزماتها.

وعاد الدكتور إلى تاريخ المسرح العربي، وقال إن له بدايتين؛ الأولى كانت على يد مارون النقاش، وهو تاجر من مدينة صيدا بلبنان، شاهد خلال رحلاته التجارية إلى إيطاليا، المسرح، فقرر نقله إلى بلاده، وبنى مسرحا أمام منزله؛ على غرار الذي رآه في أوروبا. وقدّم أول عمل مسرحي عنوانه "البخيل" لموليير سنة 1847.

أما البداية الثانية، حسب الدكتور منصوري، فهي الأكثر جدية رغم نشأتها، والتي جاءت مقلّدة للمسرح الأوربي في المضمون والشكل. ورغم أنها كانت نقلاً يكاد يكون حرفياً، إلا أن التلاقح مع نتاج الغرب لا يُعد انتقاصا؛ لأن ظاهرة المسرح في الوطن العربي ليست منقطعة عن التجربة العالمية في المسرح.

وذكر المحاضر أن مجموعة كبيرة من المؤرخين قسّم بداية المسرح العربي، إلى المراحل التالية: المرحلة الأولى، تمثلت في محاولات النقاش منذ عام 1847 حين اقتبس "البخيل" عن موليير. وقدّمها عام 1848م بنفس الاسم. والمرحلة الثانية كانت عبارة عن ترجمات؛ حيث نقل شبلي ملاط مسرحية "الذخيرة" عن الفرنسية، ومسرحية "شرق العواطف" .

وكذلك ترجم أديب إسحاق مسرحية "راسين" لآندرو ماك. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة بعث التأريخ الوطني العربي، التي خلالها كتب نجيب الحداد مسرحية "حمدان" ، والتي استمدها من حياة عبد الرحمن الداخل. ثم جاءت المرحلة الرابعة، وهي مرحلة الواقعية الاجتماعية. وتمثلت في كتابات جبران خليل جبران، الذي كتب مسرحية "إرم ذات العماد" ، ومسرحية "الآباء والبنون" التي كتبها ميخائيل نعيمة سنة 1917.