مدير مكتبة طامزة عبد المالك بغلاش لـ"المساء":

مشروع توثيق مأساة حرائق الأوراس يقدم في الفاتح من نوفمبر

مشروع توثيق مأساة حرائق الأوراس  يقدم في الفاتح من نوفمبر
  • القراءات: 841
حاورته: لطيفة داريب حاورته: لطيفة داريب

تحدث الأستاذ عبد المالك بغلاش، مدير المكتبة الوطنية للمطالعة ببلدية طامزة في خنشلة لـ"المساء"، عن مخلفات تنظيمه للملتقى الأول، عن منجز سعيد بوطاجين، وعن مشروع توثيق المأساة التي مست جبال الأوراس من الحرق، فكان هذا الحوار:

أعلنت بصفتك مديرا للمكتبة العمومية للمطالعة ببلدية طامزة، عن إطلاق مشروع توثيق المأساة التي مست جبال الأوراس من الحرق، حدثنا عنه؟

نحن نشتغل عليه رفقة المصور عابد يعقوب، ومع بعض المهتمين بمثل هذه المشاريع. هذا المشروع ستكون له رمزية تاريخية وجغرافية وإنسانية في نفوس أهل الأوراس تحديدا، وسنقدمه للجمهور بافتتاح رسمي وشعبي يوم الفاتح من نوفمبر 2021، إن تحسن الوضع الصحي بالبلد.

ماذا عن ظروف تنظيمكم للملتقى الأول عن المنجز سعيد بوطاجين ومخلفاته؟

قبل أن أحيط بظروف الملتقى، أود أن أقدم شكرا خاصا للسيد يوسف عوايجية، صاحب الفندق بالحامة، الذي تكرم علينا بثلاثة أيام مجانا باستقبال ضيوف الملتقى، بتوفير الإيواء والإطعام. وأيضا للسيد الأمين العام لبلدية وللأساتذة: أحمد وناسي وعزوز نواصري ونذير بيبي والدكتور أخميسي آدمي، هؤلاء هم مفاتيح نجاح الملتقى.

الظروف المادية والتنظيمية كانت توحي بالفشل الذريع للملتقى بامتياز. ملتقى وطني في طامزة وعن قامة إبداعية، مثل سعيد بوطاجين...؟؟. وأن تجمع أكثر من 15 محاضرا من مختلف الجامعات الجزائرية... أمر استثنائي جدا ونادر الحدوث. لكن بفضل مجهودات هؤلاء الذين ذكرتهم آنفا، وبعزيمة مسيري المكتبة، نجح الملتقى نجاحا باهرا باعتراف الجميع، فقد كان عفويا بعيدا عن الرسميات والشكليات.

لماذا اخترتم الدكتور بوطاجين تحديدا؟

اخترنا سعيد بوطاجين لعدة اعتبارات، منها: أنه قامة إبداعية ونقدية وأكاديمية، لها حضورها في المشهد الثقافي والإبداعي في الجزائر. وكان في اعتقادنا أنه يمثل المثقف الحقيقي الذي يمثل صورة الوطن، من خلال إبداعاته ومقالاته وقناعاته.. هذا مهم جدا لنا. هناك اعتبار أكثر أهمية: هذا التهميش الذي طال قامة أدبية وأكاديمية عالمية، لا أقول وطنية أو عربية، في بعض الجامعات الجزائرية، لسبب أو آخر، ليس ردا للاعتبار وإنما ليعرف المجتمع قيمة المبدع، وهي فرصة للكاتب، ليجدد نفسه ويسترجع أنفاسه، ربما ليتشكل من جديد، من طامزة المنكوبة مهد الثورة والأمجاد. فالكاتب منح لنا فرصة نادرة، فقد غامر باسمه وصورته وصحته، ولبى هذه الدعوة في ظل تلك الظروف التي أشرت إليها في بداية الحوار.

 هل لقي الملتقى تجاوبا من مثقفي المنطقة ومن سكانها؟

من مخلفات هذا الملتقى، التجاوب الكبير من مثقفي المنطقة الذين مسهم التهميش والإقصاء. فقد شكل تنظيم هذا الملتقى، فرصة للاكتشاف وإثبات الذات.. الآن إذا ذكرت طامزة: فبالثورة أو بسعيد بوطاجين.

 هل تحضرون لملتقى عن منجز مثقف جزائري آخر؟

نعم، إن شاء الله، نخطط لثاني ملتقى دولي عن الكاتب سعيد بوطاجين، في شهر مارس أو أفريل من العام المقبل. هناك فكرة عن ملتقى وطني عن الكاتب عز الدين جلاوجي، على حسب مقدرتنا المادية، لكن الفكرة تبقى قائمة. فظروف المكتبة سيئة جدا، لا نملك ميزانية مستقلة، أو ممولا، فقط نشتغل من مواردنا الخاصة. هناك أيضا كتاب ومبدعين من خنشلة يستحقون التفاتة جدية، سنرى ما يحصل.

 هل من مشروع جديد لبغلاش؟

المشاريع باسم المكتبة وليست باسمي، أنا أشتغل مع مجموعة من الإطارات الجامعية الطيبة والمجتهدة، سنحاول أن نجسدها العام المقبل، وهي كالآتي: جائزة وطنية باسم الكاتب  سعيد بوطاجين، جائزة باسم محمد البشير الإبراهيمي، موجهة لتلاميذ المؤسسات التعليمية التابعة لبلدية طامزة، مشروع خاص موجه لتلاميذ المدارس النائية في البلدية، لغرس ثقافة المطالعة وتوفير البيئة المحفزة لها، ندوة ميدانية عن واقع الصحة المدرسية في الجزائر موجهة لكل المؤسسات التربوية في البلدية، إطلاق مشروع ضخم لتوثيق التاريخ الثوري لبلدية طامزة.

  هل لك أن تقدم لنا تفاصيل عن مشروع إعادة رسم خارطة طامزة التاريخية والثقافية؟

نعم .. من أهداف المكتبة، أن تعيد رسم خارطة طامزة التاريخية والثقافية.. والتأسيس لعمل ثقافي محترم، وترميم ذاكرة المنطقة، من خلال متحف يجمع كل ما له علاقة بالثورة المجيدة، فمن غير المعقول أن تكون طامزة بلا ذاكرة مكتوبة وموثقة.. أو أن نعرف تاريخها من أسماء المؤسسات التعليمية.. إن شاء الله، سيكون للمكتبة العمومية دور فعال في رسم صورة طامزة الحقيقية، من خلال هذا المشروع.

ما واقع الثقافة في بلدية طامزة؟

واقع مزر جدا على كل المستويات. ليس الثقافي فقط، فالثقافة لا تجد لها أثرا أو إحساسا، أو صورة يمكن أن ترتكز عليها المكتبة، أو تبني عليها مشاريع هادفة. عدا تلك الخاصة بالمناسبات التي لا تقدم شيئا للفكر والعقل. هذا الخراب انعكس سلبا، خاصة على واقع التعليم ونتائجه الكارثية في بلدية طامزة، وقد أشرت إلى ذلك في مقالاتي الأخيرة "طامزة... على هامش النكبة". فالواقع الثقافي في البلدية أسس لدمار كبير مس العقل والأخلاق.

الثقافة بمفهومها الواسع والمتشعب، يمكن من خلالها الارتكاز على الاجراء السلوكي والتصحيحي لمعالجة هذه المخلفات والصدمات المرعبة، قد لا يحقق الفرد أو المجتمع منفعة مادية من هذا الإجراء، لكنه يؤدي إلى بلوغ حالة من الراحة النفسية، من خلال تعلم سلوك معتمد لمواجهة المخاطر، مثل الحرائق. هناك ثقافة صون سبل معيشة الإنسان. يكمن العلاج أيضا في الصورة أو اللوحة الزيتية، أو القصيدة أو الرواية، أو على خشبة المسرح... هذه مشارب مهمة جدا لاحتواء الأزمة وآثارها. فنجاح هذه العملية لا يمكن أن يتحقق ما لم تتضمن بعدا ثقافيا، وهذا يشمل ثقافة الأفراد، فضلا عن إعادة النظر في ثقافة المنظمات التي تشتغل في هذا الباب.