أحمد راشدي يقدّم العرض الشرفي لفيلمه "كريم بلقاسم"
مسيرة رجل دوخ المحتل الفرنسي
- القراءات: 983
دليلة مالك
ينتهي الفيلم الروائي التاريخي "كريم بلقاسم" للمخرج أحمد راشدي، عند التوقيع على اتفاقية إيفيان، التي نصت صراحة على استقلال الجزائر في مارس 1962، لتنتهي معه كذلك قصة مسار المجاهد والقيادي الكبير الذي مدّ المقاومة الجزائرية بتضحيات عظيمة، ولم يخض العمل السينمائي في حياة كريم بلقاسم بعد الاستقلال، واكتفى بكتابة ثلاث جمل، هي أنّه عارض الحكم بعد الاستقلال، وحُكم عليه بالسجن غيابيا، وأنّه اغتيل في فرانكفورت الألمانية سنة 1970.
وبعد العرض الخاص بالصحافة، عرض الفيلم مساء نفس اليوم بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ونجلة كريم بلقاسم وعدة وزراء وشخصيات سياسية وثقافية وفنية.
يؤرّخ العمل السينمائي "كريم بلقاسم" (150 دقيقة) لحياة رجل متمرّد على قوانين فرنسا المحتلة، والمكافح باسم الشعب الجزائري كله، والمدافع عن حقوقه المشروعة، ويقترب المخرج أحمد راشدي بكاميراته من خصال الرجل الفذّ في مخطّطاته التي دوّخ بها المحتل، وعبر خيط رفيع تناول العديد من القضايا المرتبطة بوقائع تاريخية لاتزال تطرح علامات استفهام إلى غاية اليوم.
ويبدو أنّ الفيلم الروائي الذي عُرض شرفيا أوّل أمس بقاعة "الموقار" بالجزائر العاصمة، لم يتحصّل على معلومات كافية عن حياة كريم بلقاسم بعد الاستقلال، أو أنه تحاشى الوقائع التي حصلت وقتئذ بالنظر إلى حساسيتها، لكنه في الأخير قدّم عملا روائيا مبتورا عن حياة كريم بلقاسم، وصوّر فقط مساره النضالي منذ أن كان منتميا إلى حزب الشعب، فحركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم تداعيات المقاومة في منطقة القبائل التي كان يحرّكها مع عمر أوعمران إلى غاية تأسيس جبهة التحرير الوطني واندلاع ثورة أوّل نوفمبر وترؤّسه الوفد المفاوض في إيفيان السويسرية، وكان على الأرجح أن يغيّر عنوان فيلمه من "كريم بلقاسم" إلى "كريم بلقاسم والثورة" مثلا، فالعنوان الأوّل يوحي بشمولية أكبر لمسار الرجل.
من الناحية التاريخية، يستعرض الفيلم جملة من الخلافات التي وقع فيها عدد من قياديي الثورة والمقاومة ككل.
وبعيدا عن تقديس الثورة، التفت راشدي إلى بعض التوترات التي وقعت بين كريم بلقاسم ومصالي الحاج وكذا بين مبروك بوصوف وعبان رمضان، وأشدّها اختلاف عبان رمضان مع أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ التابعة لقيادة الثورة، والذي أدى إلى تركه الجلسة والتحاقه بصفوف المجاهدين في الجبال، وكلّ الاختلافات التي تمّ التطرّق إليها بإيجابية هدفها الحرية للشعب والاستقلال للوطن.
كما تطرّق الفيلم لقضية الضباط الجزائريين المجنَّدين في الجيش الفرنسي، الذين تمّ استدعاؤهم للانضمام إلى جيش التحرير الوطني. وبرز موقف كريم بلقاسم الصريح بجدوى الاستفادة من خبرة هؤلاء الضباط؛ إذ كان يشغل منصب وزير الدفاع والقوات المسلحة في الحكومة الجزائرية المؤقتة،
ولما وصل الفيلم إلى سرد مرحلة انعقاد مؤتمر الصومام وقع خلل مبهم، حيث يصوّر اجتماع القياديين الثوريين في إفري أوزلاغن، وما إن بدأوا في تقديم جدول الأعمال حتى سُمع صوت الرصاص والقنابل، فهلعوا لما سمعوه، ثم يلحقه مشهد معركة محتدمة بين المجاهدين والعسكر الفرنسي، ما يحيل بالمتلقي إلى فشل مؤتمر الصومام أو أنّ مشهدا من الفيلم قد تمّ إسقاطه، والتاريخ يفضي صراحة إلى أهمية المؤتمر، الذي أسفر عن نتائج مهمة غيّرت مسار الثورة نحو الأفضل، وسرّعت من استقلال الجزائر.
واعتمد المخرج أحمد راشدي على نوعين من المشاهد، الأول مشاهد قصيرة، والحوار فيه مقتضب، مما جعل الفيلم سريعا، متجاوزا بذلك الملل، خاصة أنّ مدة الفيلم ساعتان ونصف ساعة، كما تتّخذ أكثر من جهة لالتقاط الصور. أمّا النوع الثاني فهو مشاهد متحرّكة، بحيث تنتقل الكاميرا إلى أكثر من اتجاه في اللقطة الواحدة، ويبدو ذلك جليا في صور المعارك، لجعل الاحتدام بين الجيشين أكثر تأثيرا على المتلقي.
ووُفّق أحمد راشدي في اختيار ممثليه، وأدى دور البطولة سامي علام، وتمكّن من تقديم مردود جيد من خلال حضوره القوي على الشاشة، وتحكّمه في زمام شخصية كريم بلقاسم الثورية المحبة للوطن والمدافعة عن شعبه، كما ترك الممثل مصطفى لعريبي بصمته في الفيلم في أدائه لدور عبان رمضان، وأعطى إضافة حقيقية للعمل.
وإلى جانب المشاهد الفنية الجميلة في الفيلم وعكست جمال طبيعة الجزائر، صوّر الفيلم كذلك همجية المحتل في القتل والتدمير، والمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري في منطقة القبائل على وجه الخصوص، وأنّها كغيرها من المناطق، عرفت الويلات من يد المحتل الغاصب.
وبعد العرض الخاص بالصحافة، عرض الفيلم مساء نفس اليوم بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ونجلة كريم بلقاسم وعدة وزراء وشخصيات سياسية وثقافية وفنية.
يؤرّخ العمل السينمائي "كريم بلقاسم" (150 دقيقة) لحياة رجل متمرّد على قوانين فرنسا المحتلة، والمكافح باسم الشعب الجزائري كله، والمدافع عن حقوقه المشروعة، ويقترب المخرج أحمد راشدي بكاميراته من خصال الرجل الفذّ في مخطّطاته التي دوّخ بها المحتل، وعبر خيط رفيع تناول العديد من القضايا المرتبطة بوقائع تاريخية لاتزال تطرح علامات استفهام إلى غاية اليوم.
ويبدو أنّ الفيلم الروائي الذي عُرض شرفيا أوّل أمس بقاعة "الموقار" بالجزائر العاصمة، لم يتحصّل على معلومات كافية عن حياة كريم بلقاسم بعد الاستقلال، أو أنه تحاشى الوقائع التي حصلت وقتئذ بالنظر إلى حساسيتها، لكنه في الأخير قدّم عملا روائيا مبتورا عن حياة كريم بلقاسم، وصوّر فقط مساره النضالي منذ أن كان منتميا إلى حزب الشعب، فحركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم تداعيات المقاومة في منطقة القبائل التي كان يحرّكها مع عمر أوعمران إلى غاية تأسيس جبهة التحرير الوطني واندلاع ثورة أوّل نوفمبر وترؤّسه الوفد المفاوض في إيفيان السويسرية، وكان على الأرجح أن يغيّر عنوان فيلمه من "كريم بلقاسم" إلى "كريم بلقاسم والثورة" مثلا، فالعنوان الأوّل يوحي بشمولية أكبر لمسار الرجل.
من الناحية التاريخية، يستعرض الفيلم جملة من الخلافات التي وقع فيها عدد من قياديي الثورة والمقاومة ككل.
وبعيدا عن تقديس الثورة، التفت راشدي إلى بعض التوترات التي وقعت بين كريم بلقاسم ومصالي الحاج وكذا بين مبروك بوصوف وعبان رمضان، وأشدّها اختلاف عبان رمضان مع أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ التابعة لقيادة الثورة، والذي أدى إلى تركه الجلسة والتحاقه بصفوف المجاهدين في الجبال، وكلّ الاختلافات التي تمّ التطرّق إليها بإيجابية هدفها الحرية للشعب والاستقلال للوطن.
كما تطرّق الفيلم لقضية الضباط الجزائريين المجنَّدين في الجيش الفرنسي، الذين تمّ استدعاؤهم للانضمام إلى جيش التحرير الوطني. وبرز موقف كريم بلقاسم الصريح بجدوى الاستفادة من خبرة هؤلاء الضباط؛ إذ كان يشغل منصب وزير الدفاع والقوات المسلحة في الحكومة الجزائرية المؤقتة،
ولما وصل الفيلم إلى سرد مرحلة انعقاد مؤتمر الصومام وقع خلل مبهم، حيث يصوّر اجتماع القياديين الثوريين في إفري أوزلاغن، وما إن بدأوا في تقديم جدول الأعمال حتى سُمع صوت الرصاص والقنابل، فهلعوا لما سمعوه، ثم يلحقه مشهد معركة محتدمة بين المجاهدين والعسكر الفرنسي، ما يحيل بالمتلقي إلى فشل مؤتمر الصومام أو أنّ مشهدا من الفيلم قد تمّ إسقاطه، والتاريخ يفضي صراحة إلى أهمية المؤتمر، الذي أسفر عن نتائج مهمة غيّرت مسار الثورة نحو الأفضل، وسرّعت من استقلال الجزائر.
واعتمد المخرج أحمد راشدي على نوعين من المشاهد، الأول مشاهد قصيرة، والحوار فيه مقتضب، مما جعل الفيلم سريعا، متجاوزا بذلك الملل، خاصة أنّ مدة الفيلم ساعتان ونصف ساعة، كما تتّخذ أكثر من جهة لالتقاط الصور. أمّا النوع الثاني فهو مشاهد متحرّكة، بحيث تنتقل الكاميرا إلى أكثر من اتجاه في اللقطة الواحدة، ويبدو ذلك جليا في صور المعارك، لجعل الاحتدام بين الجيشين أكثر تأثيرا على المتلقي.
ووُفّق أحمد راشدي في اختيار ممثليه، وأدى دور البطولة سامي علام، وتمكّن من تقديم مردود جيد من خلال حضوره القوي على الشاشة، وتحكّمه في زمام شخصية كريم بلقاسم الثورية المحبة للوطن والمدافعة عن شعبه، كما ترك الممثل مصطفى لعريبي بصمته في الفيلم في أدائه لدور عبان رمضان، وأعطى إضافة حقيقية للعمل.
وإلى جانب المشاهد الفنية الجميلة في الفيلم وعكست جمال طبيعة الجزائر، صوّر الفيلم كذلك همجية المحتل في القتل والتدمير، والمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري في منطقة القبائل على وجه الخصوص، وأنّها كغيرها من المناطق، عرفت الويلات من يد المحتل الغاصب.