يشهـد انهيارات كبيرة

مسجد الباشا يتحرر وينتظر الحماية

مسجد الباشا يتحرر وينتظر الحماية
  • القراءات: 705
رضوان.ق رضوان.ق

يعيش مسجد الباشا بحي سيدي الهواري بوهران، على أمل الإنقاذ من الزوال بعد أن تعرّض لعدّة انهيارات واقتحامه من طرف عائلات لجأت إليه بعد أن وجدت نفسها هي الأخرى عرضة للموت تحت أنقاض بناية قديمة، انهار جزء منها على سقف المسجد متسبّبا في أضرار بليغة، وهي العائلات التي رحّلت منذ أيام فقط، فيما يبقى المسجد في انتظار من ينقذه من الزوال المحتوم.

تحرّر مسجد الباشا العتيق بقلب مدينة وهران، أخيرا، بعد سنوات من تواجد 14 عائلة داخله كانت تعاني هي الأخرى بسبب لجوئها للمعلم التاريخي واتّخاذه ملجأ، بعد أن وجدت نفسها في الشارع وتأخرت السلطات في التدخل وترحيلها مقابل تضرّر المسجد أكثر بسبب حركة العائلات وانهيار جزء من بناية قديمة فوق سطح المسجد، والذي سبق لـ المساء وأن تطرّقت له في عدّة مقالات، غير أنّ لا جديد طرأ على الملف الجديد القديم.

في هذا الصدد قامت المساء مجدّدا بزيارة المسجد العتيق المتضرّر بشكل شبه كلي، خاصة على مستوى أعمدة الدعم والأساسات الداخلية التي تعرضت لانهيارات جزئية، فيما لا زالت عدة كتب وقواميس ومصاحف قديمة موجودة ببهو المسجد القديم، دون أن تتحرّك المصالح المختصة من مديريتي الشؤون الدينية والأوقاف والثقافة، لتحويل هذا التراث التاريخي وحفظه من الزوال بوجود تسربات مائية وارتفاع نسبة الرطوبة داخل المسجد القديم، الذي كانت تعيش داخله العائلات الجحيم في ظلّ انعدام كلّ مقوّمات الحياة الكريمة وفي صمت مطبق للسلطات، طوال أشهر تواجدها بالمسجد قبل أن ترحل في آخر المطاف.

حسب متتبعين للملف من سكان الحي، فإنّ ترحيل العائلات كان يجب أن يتم خلال الأيام الأولى للانهيار، خاصة وأنّ التحقيقات الاجتماعية أكّدت أحقية 13 عائلة من السكنات ورحلت فعليا، وتساءل مواطنون عن سبب عدم تحرك السلطات لإنقاذ المعلم التاريخي الذي تعرض لأكبر تهديد بسقوط جزء من بناية قديمة فوق السطح الذي زارته المساء خلال انهياره مند أشهر ولا زال على حاله، حيث لم نتمكن خلال الزيارة الأخيرة من صعود إلى السطح المتضرّر، غير أننا كنا قد وقفنا على مشهد مرعب سابقا.  حيث انهار ما تبقى من البناية على الجهة الشمالية للسقف ما أدى لسقوط الردوم على إحدى القبب التي تضرّرت بالكامل، حيث بقيت الحجارة المنهارة على حالها فوق القبة الشمالية التي تعد إحدى قبب سطح البناية والبالغ عددها 8 قبب تاريخية إلى جانب القبة الكبيرة التي تتوسط سطح البناية والتي ظهر عليها تشققات كبيرة أدّت لتسرب المياه.

كما تسبّب الانهيار في ظهور تشققات كبيرة على الجدران الداعمة للبناية والتي كانت ظاهرة للعيان من فوق سطح البناية المتضرّرة، وبالنزول لداخل المسجد كان المشهد لا يختلف عن سطح البناية، حيث ظهرت عدة تشققات بالجدران والأعمدة التاريخية التي انهارت أجزاء منها، كما تطاير البلاط المزخرف للجدار الخارجي وأسفل الجدران في وقت أدّت فيه التسربات المائية لتضرّر السقف العلوي للبناية، وهو نفس ما تعيشه الجدران الخارجية للبهو التي بدت على أعمدتها مظاهر الانهيار.

وتبقى الجهة الخارجية للمعلم والواجهة الرئيسية عرضة للانهيارات هي الأخرى، حيث توسّعت رقعة التشقّقات على طول الجدار الخارجي للمعلم التاريخي، الذي شوه سابقا باستخدام أبواب حديدية فيما انهارت أجزاء من الزينة والفسيفساء القديمة التي كانت تزين الجدار ولم يتبق منها سوى أجزاء فيما توشك قبة الإمام على الانهيار وهي الواقعة أسفل الطريق الذي تعرض لانهيارات أرضية سابقا ما جعله يتضرّر بشكل كبير.

لا جديد ملموس في الاتفاقية مع الأتراك

بالمقابل لا زال الغموض يكتنف تنفيذ الاتفاقية الإطار التي وقّع عليها بمقر بلدية وهران، بحضور السفير التركي وجاءت في إطار التعاون الجزائري- التركي، حيث تبرّعت شركة توسيالي للحديد والصلب بإنجاز مشروع ترميم مسجد الباشا وقصر الباي كهبة.

وكان يفترض الشروع مباشرة في تنفيذ عمليات الترميم مطلع سنة 2015، غير أنّه وبمرور الوقت لم تجسّد الاتفاقية على أرض الواقع وسط تساؤلات من متتبعي الملف عن أسباب تخلّف الشركة التركية عن تنفيذ المشروع.

وللوقوف على المشكل كشف مدير الثقافة لولاية وهران قويدر بوزيان، في تصريح لـ"المساء عن أنّ المشروع سيتم إعادة تفعيله من جديد بإشراف وزيرة الثقافة، التي ستزور وهران، حيث قام وفد من الوزارة يوم الخميس المنقضي بزيارة للولاية وأهم المواقع التاريخية المعنية بالترميم، في انتظار ما سيتم إقراره من طرف الوزيرة خلال زيارتها.

للإشارة شيّد مسجد الباشا في عهد الباي محمد الكبير الحاكم حسن عام 1797، بأمر من بابا حسن باشا حاكم الجزائر العاصمة.