دعا الشباب للاحتكاك بالمهنيين واختيار النصوص القوية

مرزاق علواش.. من مقال صحفي إلى صانع سينما واقعية

مرزاق علواش.. من مقال صحفي إلى صانع سينما واقعية
المخرج الجزائري العالمي مرزاق علواش
  • 138
رضوان. ق رضوان. ق

❊ أعتبر نفسي حرفي سينما

❊ أعمل على النصوص والشخصيات والأماكن قبل التفكير في ردود فعل الجمهور

كشف المخرج الجزائري العالمي مرزاق علواش عن أنّ مساره الإبداعي في عالم السينما انطلق من رؤية واقعية وتشريح حقيقي للمجتمع الجزائري، مؤكّدا أنّ سرّ نجاح العمل السينمائي يكمن في قوّة النصّ والسيناريو، داعيا الجيل الجديد من المخرجين إلى الاستثمار في الكتابة والاحتكاك بالتجارب لصناعة أعمال قادرة على الوصول إلى الجمهور.

المخرج مرزاق علواش خلال ماستر كلاس نشطه أوّل أمس بالمسرح الجهوي “عبد القادر علولة”، ضمن فعاليات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، عاد بالذاكرة إلى سنة 1964، حين قرأ مقالا صحفيا عن فتح معهد للسينما بالعاصمة وهو الحدث الذي غيّر مسار حياته، إذ كان يعمل آنذاك في قطاع البريد قبل أن يقرّر رفقة مجموعة من زملائه التسجيل في معهد بن عكنون الذي كان يديره ثمانية إطارات من بولندا.

أشار علواش إلى أنّ المعهد كان يقع مقابل قاعة سينما تعرض فيها أفلام أجنبية تقدّمها السفارات المعتمدة بالجزائر، وهو ما ساعد الطلبة على التعرّف بالمدارس السينمائية العالمية، موضّحا أنّ مسيرة التكوين لم تكن سهلة، إذ واجه الطلبة تأخّرا في وصول التجهيزات التقنية ما دفعهم إلى إضراب عن الدراسة، ورغم تغيير المدير لم يتحقّق أيّ تحسّن، ليتم غلق المعهد بعد سنتين فقط. أمام هذا المشكل، يضيف علواش، استقبل مدير المعهد الفرنسي بالجزائر، الطلبة الجزائريين ودمجهم في أقسام مجهّزة بإشراف أساتذة مختصين، وواصلوا بعد ذلك تكوينهم في المعهد العالي للدراسات السينمائية بفرنسا، في دفعة من 15 طالبا جزائريا.

بعد عودته إلى الجزائر، حاول علواش الالتحاق بوزارة الثقافة، غير أنّه عاد إلى فرنسا لاستكمال تكوينه مدّة خمس سنوات أخرى، قبل أن يعود إلى الجزائر للمشاركة في حملة تصوير خاصة بالثورة الزراعية أشرف عليها مخرجون من الاتحاد السوفياتي وعمل مساعدا لمخرج الفيلم الوثائقي ضمن المشروع المعروف بـ"سيني بوس”.

بخصوص فيلمه الأشهر “عمر قاتلاتو”، قال علواش إنّ الوضعية الاجتماعية للشباب الجزائري في تلك الفترة، كانت أبرز دافع لإنجاز العمل، معتبرا أنّه شكّل منعطفا في تاريخ السينما الجزائرية الحديثة، لكونه ابتعد عن موضوع الثورة ولامس الواقع الشعبي اليومي، وقال “بعد انتهاء تصوير الفيلم، عرضناه أمام وزير الثقافة آنذاك الدكتور طالب الإبراهيمي الذي قال لي: هذه أول مرة أشاهد فيلما جزائريا لا يتحدّث عن الثورة”، وأوضح علواش أنّ عنوان “قاتلاتو” مستمد من تعبير شعبي كان متداولا بين الشباب ما منح الفيلم قربا من الجمهور ولقي العمل إشادة كبيرة بعد أن كتب عنه أحد الصحفيين مقالا وصل صداه إلى مهرجان “كان” السينمائي حيث فاز الفيلم بجائزة النقّاد.

أما عن مبدئه في مجال الإخراج، أكّد علواش أنّه يحرص على تصوير الواقع كما هو، دون ديكورات مصطنعة لأنّ الحفاظ على طبيعة المشهد يمنح الفيلم مصداقية ويعزّز ارتباط الجمهور به، وفي حديثه عن فيلمه “الرجل الذي كان ينظر إلى النافذة” أوضح أنّه كان ثالث أفلامه، تحت وصاية المركز الجزائري للسينما، واعتبره نقلة نوعية في مسيرته لكونه تزامن مع بداية التحوّلات الاجتماعية في الجزائر، رغم تعرّضه للكثير من النقد بسبب جرأة موضوعه. في ختام الماستر كلاس، أكّد علواش “أعتبر نفسي حرفيا في مجال السينما، أعمل على النصوص الشخصيات والأماكن قبل التفكير في ردود فعل الجمهور، وأعتمد على كتابة شخصية للسيناريوهات”.


الفيلم الجزائري “من أجل حفنة رمل”

تحد سينمائي ورحلة في عمق الهوية والخيال العلمي

عرض ضمن فعاليات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، أوّل أمس، الفيلم الجزائري الطويل “من أجل حفنة رمل” من إخراج ندير إيولاين المدرج في مسابقة الأفلام الطويلة.

تدور أحداث الفيلم حول الشاب “سفيان” (الممثل خالد بن عيسى) الذي يسعى لاكتشاف جزء معنوي مفقود من ذاته بعد وصية والدته، حيث يسافر من فرنسا إلى الصحراء، ليكتشف أنّه الناجي الوحيد من قبيلة أبادها المستعمر، وكانت تملك رمالا ثمينة ذات قيمة أسطورية، وخلال رحلته في أفق بعيد يعيش البطل تجربة مزدوجة بين الواقع الصحراوي القاسي والعالم الافتراضي الغامض، قبل أن يلتقي بعصابة تحاول استغلال قدرته الخارقة لفتح سرداب سري موجود وسط الرمال حيث يتم حقنه بمخدر والتواصل معه عن طريق “نظارات ثلاثية الأبعاد” ما شكّل رؤية جديدة للجمهور الذي شاهد أول عرض خيالي من نوعه ينتج بالجزائر بطريقة أفلام “الماتريكس”.

أوضح المنتج سامي تيغرغر أنّ فكرة الفيلم تتمحور حول البحث عن الهوية من خلال قصة شاب جزائري يعيش في فرنسا، يجد نفسه ممزّقا بين أصوله الجزائرية وجنسيته الفرنسية، ليقرّر خوض رحلة في عمق الصحراء الجزائرية بحثا عن ذاته المفقودة، وأضاف أنّ العمل جاء بأسلوب مختلف عن المعتاد حيث تمّ توظيف عناصر الخيال العلمي والخرافة والحركة، معتبرا ذلك تحديا باعتباره سينمائيا. وكشف المنتج عن أنّ الفيلم صُوّر بعدّة مناطق من الوطن انطلاقا من العاصمة، بشار، وتاغيت وتيميمون ليدخل غمار منافسات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي.


كشفت عن حجم المأساة.. مشهراوي:

أفلام "المسافة صفر" صنعت وعيا عالميا

عاش الجمهور الوهراني وعشّاق السينما وضيوف مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، سهرة أوّل أمس، أجواء خاصة ومميّزة امتزجت بشعور التضامن والفقد والأمل والبقاء، وذلك بعرض سلسلة أفلام “المسافة صفر” التي تحضر للعام الثاني على التوالي فعاليات المهرجان.

 الأفلام التي عرضت بقاعة "السعادة" بقلب مدينة وهران، شهدت كالعادة، حضورا جماهيريا كبيرا، لمتابعة ما ينقله مبدعون شباب من فلسطين ومن قلب المعاناة والمقاومة ومن شوارع الدمار والنار، شباب أبدعوا بوسائل تصوير بسيطة ليقدّموا حقيقة واقعة يعيشها شعب يرفض الاستسلام والانسحاب، وهو ما جاء ضمن الأفلام الثلاثة المعروضة “أحلام صغيرة جدا” للمبدعة اعتماد وشاح و"من غزة إلى الأوسكار" لعلاء دامو و"حكايات غير مكتملة" للمخرج نضال دامو، وهي الأفلام القصيرة التي عرضت خلال 74 دقيقة صورة حية من واقع يومي للفلسطينيين تحت وطأة القصف والجوع ومختلف المشاكل التي لم تقف أمام إصرار الشعب الفلسطيني في المقاومة ورفض الموت والبقاء تطلّعا لفلسطين حرة.

بالمناسبة، أكّد المخرج والمنتج الفلسطيني رشيد مشهراوي بعد نهاية العروض داخل القاعة، أنّ الإنتاجات السينمائية الفلسطينية الحالية ليست تجارية، بل هي صرخة وصورة يقدّم من خلالها مبدعون شباب حكاية فلسطين للعالم، مضيفا أنّ السينما الفلسطينية، من خلال إنتاجاتها لا تقدّم الشعب الفلسطيني كـ"ضحية”، بل كبطل في مواجهة الاحتلال عبر مخرجين ومبدعين شباب، موضّحا أنّ السينما رسالة للعالم، و"نحن في فلسطين لا ننتظر أن تكون هناك ردود أفعال سريعة من خلال رسالة السينما، خاصة أمام الجرائم والمأساة التي لا تتوقّف".

 أبرز مشهراوي أنّ زيادة عدد الإنتاجات من الأفلام السينمائية الفلسطينية خاصة الوثائقية حول الواقع الفلسطيني، ستصنع بمرور الوقت وعيا حول العالم ولدى الشعوب خاصة، مضيفا أنّ “ضغط الشعوب على حكّامها من خلال تأثير الأفلام يمكن أن يعطي نتيجة لمناصرة القضية الفلسطينية"، كما أكّد أنّ الأفلام الفلسطينية، خاصة التي صوّرت خلال مرحلة العدوان الأخير ساهمت في صنع وعي عالمي حول الوضعية الإنسانية بفلسطين وظروف الحياة والإبادة، موضّحا أنّ أفلام “المسافة صفر "استطاعت تقديم صورة  الفلسطيني الإنسان بثقافته وتقاليده وهويته، الذي يحق له العيش كالبشر وأنّ “الفن والثقافة ساهما في الحفاظ على وجود الفلسطينيين".