الخربة ببني ولبان (ولاية سكيكدة)

مدينة أثرية بامتياز بحاجة إلى التفاتة المسؤولين

مدينة أثرية بامتياز بحاجة إلى التفاتة المسؤولين
  • القراءات: 1769
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تعد المدينة الأثرية الخربة الواقعة بمنطقة لمرابع، ببلدية بني ولبان، غرب سكيكدة، من بين أهم المواقع الأثرية بالولاية، وحسب المصادر التاريخية، فإن هذه الأخيرة التي تعد من بين أهم المدن الرومانية قديما، والتي كانت تسمى "سالتينيا"، أصبحت تسمى عند دخول العرب الفاتحين إليها باسم "الزرقاء"، بينما ظلت على تلك التسمية أيام حكم العبيديين، حيث كانت تابعة إداريا لمدينة ميلة أو (ميلاح) سابقا، ثم أصبحت تابعة لحكم الحماديين عندما بسطوا نفودهم على المغرب الأوسط.

تشير الدلائل التاريخية إلى أنها كانت تابعة إداريا خلال تلك المرحلة، إلى مدينة قسنطينة، التي كانت أكبر حواضر الحماديين بعد بجاية والقلعة، إلى جانب ذلك، فقد كشفت بعض القطع الأثرية المكتشفة مؤخرا بالمنطقة، أن الإسبان المحتلين مروا بها، وبعد احتلالهم لهذه الأخيرة، عمروا بها طويلا أيام حكمهم لبجاية، كما استوطن بها الأتراك، وخلال تواجدهم بها، عاشت المنطقة أزهى أيامها، بالخصوص منطقة سيدي دريس التي كانت تعتبر طريقا يربط بين مدينتي قسنطينة وشولو القل.

وما زادها مكانة أكثر، قدوم الشيـخ الجليل سيدي إدريس من مدينة فاس المغربية، مما جعلها منطقة ذات إشعاع ديني وثقافي، وقد لعبت زاوية سيدي دريس خلال الحقبة العثمانية بالمنطقة، دورا كبيرا في توقيع اتفاق صلح بين الولبنيين الذي قاوموا بشدة الأتراك، الذين اعتبروهم محتلين، مما دفع سنة 1666م الداية لالة عزيزة، زوجة رجب باي، لدرء الفتنة ببناء مسجد سيدي إدريس، الشاهد على تلك الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ عاصمة روسيكادا، ليعاد ترميمه بأمر من صالح باي حاكم قسنطينة، خلال فترة حكمه على بايلك الشرق، وفي سنة 1847 وخلال التواجد الاستعماري ببلادنا، أعيد ترميمه من جديد من قبل الأهالي، حيث كان منارة لطلاب العلم والشريعة، بينما يبقى هذا المسجد العثماني العتيق، الذي لا تزال منارته التي أنجزت بالطابع الأندلسي، وتعد من بين أقدم المنارات في الجزائر، قائمة إلى يومنا هذا، وما بقي من بيت الوضوء وكذا بقايا بناية المسجد الذي أضحى شبه أطلال، يعاني من الإهمال والتجاهل، بالرغم من النداءات التي رفعت كم من مرة على أكثر من صعيد.

أكد العارفون بتاريخ الموقع الأثري "الخربة"، عن وجود مدينة كبيرة في قرية الزرقاء، لم تسمح الظروف بالتنقيب عليها، وهي تتربع على مساحة كبيرة، كما كشفت الحفريات الفوضوية التي قام بها السكان، عن وجود آثار رومانية وقطع نقود وتماثيل للملوك الرومانيين وقبور، منها تمثال يوجد في متحف "اللوفر" بباريس، لملكة عثر عليه في منطقة الزرقاء ببني والبان خلال الحقبة الاستعمارية، كما كان يوجد بها مسرحا رومانيا بالمكان المسمى الخربة، كناية على خراب هده المدينة الرومانية، قامت السلطات أنذاك جهلا منها برمي الأتربة فيها، حتى زالت معالمه، كما يوجد قبر أحد القادة الرومانيين، شرق سيدي إدريس، يسمى عند السكان بـ"سلوثان"، بالإضافة إلى ما يقارب 17 موقعا بمناطق بوخلوف، الطارفة، ابن يسعد، لكابص بجانب المقبرة، وفي القرية الفلاحية وقرماطة وكرارة وفي أم الجراين (الجنينة) وبولحجر، كما أشارت مصادر لـ"المساء"، إلى أن منطقة بني ولبان مر بها كل من العلامة ابن خلدون والفاتح عقبة بن نافع. في كل هذا، تبقى منطقة بني ولبان وما تزخر به من مواقع أثرية جد مهمة، بحاجة جد ماسة إلى تدخل الجهات المسؤولة على المستوى المركزي، للتنقيب والبحث، ومن ثمة تحويل هذه المناطق الأثرية القديمة إلى مناطق استقطاب للسياح.