ينتجه التلفزيون الجزائري ويخرجه رشيد بن حاج

"محمد بلوزداد: ملحمة رجال الظل"جديد السيناريست مراد أوعباس

"محمد بلوزداد: ملحمة رجال الظل"جديد السيناريست مراد أوعباس
الإعلامي مراد أوعباس
  • القراءات: 834
د. مالك د. مالك

يخوض الإعلامي مراد أوعباس تجربة جديدة، من خلال كتابة السيناريو، الذي دخل عالمه من الباب الواسع، بكتابة سيناريو فيلم تلفزيوني طويل عنوانه "محمد بلوزداد: ملحمة رجال الظل"، للمخرج رشيد بن حاج، وإنتاج التلفزيون الجزائرييعتبر هذا الفيلم، الذي تعود فكرته وكتابة نصه وحواره للسيناريست مراد أوعباس، الأول من نوعه في تاريخ التلفزيون الجزائري، حيث يتناول حقبة هامة في نضال الشعب الجزائري، والحركة الوطنية الاستقلالية، وشخصية فارقة في هذا النضال. وحسب أوعباس، يتطرق الفيلم إلى جوانب خفية في مسيرة المناضل الوطني الكبير محمد بلوزداد (1924-1952)، الذي يعد بحق الأب المؤسس للتيار الثوري الاستقلالي في الحركة الوطنية (حزب الشعب الجزائري- حركة انتصار الحريات الديمقراطية).

خلال ثلاث ساعات - مدة الفيلم- سيكتشف المشاهد مختلف مراحل نضال بلوزداد، التي دشنها بـ"لجنة شبيبة بلكور"، مطلع أربعينيات القرن الماضي، (عمره 18 سنة)، فمن رحم هذا الشعب يبرز محمد بلوزداد، الذي سيصبح لاحقا أحد أبرز القادة الرئيسيين لها، قبل أن يصير في خضم الأحداث المتلاحقة، مسؤولا عنها، ليصنع مع قادة آخرين فصولا ملحمية، بوأته لأن يكون بالتالي، أحد أكبر رموز الكفاح الثوري الوطني في الجزائر، وفقا للمصدر نفسه.

قال أوعباس "يعتنق محمد بلوزداد منذ أربعينيات القرن الماضي، وتحت نير الاستعمار الفرنسي الحاقد، أفكارا وطنية راديكالية لا تؤمن بأنصاف الحلول، بمعية امحمد يوسفي، أحمد محساس، محمد باشا تازير، محمد لعراب، وزين العابدين مونجي،...وغيرهم، بتكليف من أحمد بودة (1909-2009) من قادة حزب الشعب الجزائري، يشكل بلوزداد نواة صلبة لغرس الوعي الوطني، وفي ظرف زمني وجيز، يثبت بلوزداد -على رأس اللجنة- قوة شخصيته وسداد رأيه، ليصبح من أكبر المنظرين والمنظمين داخل الحزب، مما جعله محل تقدير واهتمام قيادة حزب الشعب الجزائري آنذاك".متحدث "المساء" يتابع "يسرد الفيلم وقائع نضالات هذا القائد الفذ، ضمن السياق الطبيعي لتزاحم الأحداث الوطنية والدولية، وانعكاساتها على مجمل مسائل التعاطي مع مختلف مشارب أجيال النضال السياسي، نزول الحلفاء بالجزائر، الحكومة الاستعمارية الموالية للنازية وغيرها". وتدور وقائع قصة الفيلم بين 1942 إلى غاية 1952، أي بداية من تاريخ نزول قوات الحلفاء في الجزائر، ثم الديناميكية الجديدة التي شهدها العمل الوطني في تلك الفترة، انتهاء بوفاة بلوزداد في مصحة فرنسية في 14 جانفي 1952.

لم يكتف محمد بلوزداد بالقول، إنما ينتقل إلى الفعل، حيث خصص فريق "كومندوس"، يتولى مهمة جمع السلاح من قوات الحلفاء، (الأمريكية والبريطانية)، التي تم إنزالها في سواحل العاصمة سنة 1942(عمره 18 سنة). وأوضح المتحدث "تشتد وقائع الأحداث فيما بعد، إلى حالة الاصطدام مع قوات الاحتلال الفرنسي، إثر مظاهرات أول ماي 1945، التي أسردنا مجمل أحداثها في هذا الفيلم، لحظة دراماتيكية يعيشها محمد بلوزداد وأفراد أسرته، بعد ذلك، تأتي مجازر 8 ماي 1945 التي يعيشها محمد بلوزداد بكل حواسه وجوارحه، فتقرر قيادة الحزب نقله إلى عمالة قسنطينة، ومن عاصمة الشرق، يدشن مرحلة السرية وفترة جديدة من نضاله في مقارعة الاستعمار الفرنسي".

يتنقل بلوزداد إلى عمق الريف الجزائري، ليجعل منه حاضنة ثورية وقاعدة انطلاق للثورة المسلحة، فيكون الرجال ويجمع السلاح، وينقش في وعي الناس مبادئ ومفاهيم جديدة لم يسبق أن سمعوا بها (الاستقلال، الحرية، الثورة، التنظيم)، ثم تأتي محطة مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية في فيفري 1947، يقف بلوزداد ورفقاؤه أمام امتحان صعب، عليه أن يختار بين تيارين، مع أن قناعته لم تتغير.

تسند قيادة الحزب إلى بلوزداد، مسؤولية المنظمة الخاصة، وعمره لم يتجاوز 23 عاما، فيضع لبناتها الأولى وقوانين وآليات الالتحاق بها، يراهن على جيل الشباب المؤمن بالقوة، كسبيل لطرد الاستعمار، ثم الخبرة العسكرية. وتحت ضغط المرض، يغادر محمد بلوزداد قيادة المنظمة الخاصة، لكنه لم يكن بعيدا عن أجواء النضال الثوري، فيستمر نضاله كعضو في المكتب السياسي لحزب الشعب الجزائري-حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ويرافق رجالا تحملوا المسؤولية من بعده، كحسين آيت أحمد، ثم أحمد بن بلة، فيبرز رجال رعاهم بلوزداد تحت عينيه، ويكفي الرجل شرفا، أنه كان خلف التخطيط لعمليات الحصول على الأسلحة، وتدريب المقاومين على استخدامها، استعدادا لليوم الموعود.

ولعل من أبرز إنجازاته، فضلا عما سبق، بروز إطارات وقيادات ثورية بحجم بن بولعيد ومحمد بوضياف، والعربي بن مهيدي، وديدوش مراد رحمهم الله جميعا. وغيرهم من المناضلين، الذين سيكون لهم شأن كبير في اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954. وينال المرض من جسم بلوزداد ويصبح أقل حضورا، لكن يبقى ظله في كل صغيرة وكبيرة، وأفكاره تعبد الطريق لجيل يعبر نحو الثورة والاستقلال.

من جهة ثانية، كشف أوعباس عن أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على نسخة من فيلم محمد بلوزداد، موجهة للأطفال على شكل رسوم متحركة ثلاثية الأبعاد، إذ يشار إلى أن الجزائر على موعد، العام المقبل، للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد المناضل الكبير محمد بلوزدادعن جديده، كشف أوعباس عن توجهه لإنتاج عمل وثائقي، وهو الأول من نوعه، عن أزمة الرهائن الأمريكيين، ودور الديبلوماسية الجزائرية، في تحرير الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران في 1979، حيث تمكن محمد الصديق بن يحي وزير الخارجية آنذاك، والذي قاد المفاوضات باقتدار بين الجانبين الأمريكي والإيراني، مع رجال مخلصين للوطن، حيث وبعد مضي حوالي 444 يوم - وهو عنوان الوثائقي- من تحرير 52 رهينة أمريكية، هبطت بهم طائرة الخطوط الجوية الجزائرية بمطار "هواري بومدين" الدولي في الجزائر العاصمة، يوم 18 جانفي 1981.

تمنى أوعباس، أن يلقى هذا العمل الدعم المالي المطلوب لتصوير الوثائقي، نظرا لتكلفته الباهضة، الذي يتطلب انتقال فريق التصوير إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فضلا عن الجزائر. وأشار إلى أن شركة "سوناطراك"، تحملت جزءا من تكاليف إنتاج هذا العمل، الذي يخلد أحد أبرز وأكبر إنجازات الديبلوماسية الجزائرية في ثمانينيات القرن الماضي.

يذكر أن مراد أوعباس، صحافي سابق، التحق بعالم الصحافة، مطلع تسعينيات القرن الماضي، واشتغل في العديد من الصحف الوطنية والأجنبية، ليدشن مرحلة جديدة في مساره المهني في الألفية الجديدة، بتحوله إلى مجال السمعي البصري، وفي رصيده العديد من الأعمال الوثائقية، أهمها "ثورة الحراشي"، عن المسيرة الفنية لعملاق أغنية الشعبي دحمان الحراشي، من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية (2015) كما أنهى، العام الماضي، إنتاج عمل وثائقي "أصوات الحرية"، يتضمن صور ولقطات حصرية عن الاحتفالات الأولى للاستقلال في 5 جويلية 1962، سلمه إياه أحد المجاهدين المصورين لذلك الحدث آنذاك، وقد انتقل إلى رحمة الله، بسبب وباء "كورونا"، وأبدت "قناة الذاكرة" اهتمامها بهذا الوثائقي.