معرض الفنان محمد جوة برواق عائشة حداد

مجموعات موضوعاتية باللون وسلاسة المعنى

مجموعات موضوعاتية باللون وسلاسة المعنى
  • القراءات: 626
مريم.ن مريم.ن

يقطف الفنان جوة من كل روض زهرة ولحنا ليوطنها في لوحاته الحية التي تدخل في خطاب مباشر مع الجمهور، وتستدرجه بسلاسة نحو تفاصيل قد لا تلمحها العين في زحمة الألوان والأشكال.

المعرض الذي يقام إلى غاية 18 نوفمبر الجاري، يحمل عنوان «نحو وجهة أخرى»، ويرصد كل ما تعلّق بالجمال والبهجة والحياة بعيدا عن أي منغصات، قد لا تحقق السكينة والتفاؤل ونظرة الإيجاب لكل ما هو كائن من الخلق.

قدّم الفنان ابن تيبازة لوحاته في أساليب فنية مختلفة، منها التجريدي، وهي تقنية تعتمد على التلقائية في الحركات؛ حيث اختار الرسام ألوانا طبيعية تتميز بالسحر والدفء.

بقي هذا الفنان محافظا على صورة تيبازة مسقط رأسه وملهمة فنه، وينعكس ذلك في صور الطبيعة المتفجرة بالأزرق والأصفر والأخضر.

اعتمد هذا الفنان المتخرج من مدرستي الفنون الجميلة بمستغانم ووهران على التراب؛ باعتباره مادة داعمة في الرسم؛ مما يمنحه حرية التحرك في كل اتجاه بدون أن تربطه أي قيود.

بعض اللوحات ذات الأشكال الحلزونية توحي بمدى تناسق الخلق وتكامل حركات الأرض والكون. 

تُعتبر ألوان الفنان ذات لغة عالمية، تجسد الحياة والحب والذوق انطلاقا من تشكيلة الواقع ومعايشة الناس، وكذا الطبيعة وتقلباتها واستقرارها بطريقة فنية، عمد فيها إلى توظيف الحركة المتعلقة بالألوان، التي تترجم اللوحات التشكيلية بعيدا عن الصمت والجماد. 

كل اللوحات ذات تشكيلة متنوعة من الألوان، وهي تنقل حوارا دائرا بين اللوحة والجمهور الذي يقرأها وينظر إليها من زوايا مختلفة، تزيد من طعم النكهة وسلامة الاختيار للموضوع الذي تحكيه، بدون أن يعكر ذلك المستوى الفني للعمل.

ما يميز هذا المعرض هو تنوع أساليبه الفنية، والتي منها الكلاسيكي، الذي غالبا ما يجلب الجمهور، وفيه عرض الفنان مزهريات الورد وباقات الأقحوان والفل والياسمين وسلال الفواكه المشكّلة من كل صنف ولون، أسالت لعاب المتفرجين.

ما يميّز هذا المعرض أيضا هو المجموعات؛ بمعنى أن كل موضوع يمتد على أكثر من لوحة يتغير في الصورة واللون والطرح حتى ولو كان فنجان قهوة، الذي يتحول في كل لوحة رغم احتفاظه ببخاره الذي يكاد يُشتمّ من خارج اللوحة. كذلك لوحة «الخامسة» التي تتحول في لوحات صغيرة، إلى أشكال هندسية مختلفة الألوان. ولوحات الغسيل المنشور؛ حيث تمتد الحبال في الهواء الطلق وعليها الملابس، التي تشكل نماذج قطع فنية راقية تتجاوز النسيج. هناك أيضا لوحات القيثارة، منها القيثارة الكهربائية والأخرى الكلاسيكية، ونفس الآلة تختلف من حيث القوام والإضاءة والألوان.

من ضمن المجموعات أيضا هناك لوحات «الطيور» بكل أصنافها، ومجموعة «الباليه» التي تزاوج بين الورد وراقصات الباليه، تماما كما يحدث التزاوج بين الورود والفراشات.

وهناك البورتريهات التي تزيَّن بها المعرض؛ كلوحة «السيدة الزنجية» بلباسها التقليدي الجميل وبأصالتها وصرامتها وبتباين ألوان ملابسها، خاصة الأصفر منها، الذي مثل تناسقا طبيعيا مع بشرتها السمراء. كذلك بورتريه العجوز الشاوية التي تجلس وسط الدار بالريف الأوراسي وأمامها موقد تقليدي، تنضج فوقه قطعة «الكسرة»، وخلفها العنزة التي تتطلع لقطعة الخبز، مما زاد في دفء المكان في ذلك اليوم الماطر.

وإضافة إلى الأسلوبين الكلاسيكي الواقعي والتجريدي حضر الأسلوب التكعيبي؛ من خلال بعض البورتريهات، منها شخص يحلم ويتأمل، وكانت الألوان غاية في التناسق، وكذا الخطوط التي شكلت نموذجا تكعيبيا محكما.

للإشارة، فإن الفنان من مواليد 29 سبتمبر 1974 بحجوط، وقد قام بدراسات وأبحاث في مجال الألوان الزيتية. كما أقام العديد من المعارض. ويتمنى دوما أن يكون الفن في عمومه جزءا من يوميات الجزائريين؛ لأنه لبنة مهمة في بناء الحضارة وفي تسجيل التاريخ.