بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب
مجاهدون يروون فظائع الهمجية الاستعمارية

- 198

نظم متحف المجاهد، أول أمس، ندوة فكرية، بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، قدم خلالها أساتذة ومجاهدون، شهادات حية ومداخلات علمية، تبرز بشاعة الأساليب التي لجأ إليها المستعمر، وتكشف عن محاولاته المستمرة لتبييض صفحته السوداء في الجزائر. وشكلت فرصة لاستحضار الذاكرة الوطنية، والدعوة إلى ضرورة ترسيخ هذه الحقائق في وجدان الأجيال الصاعدة.
افتتح الأستاذ حسان مغدوري، مدير متحف "المجاهد"، الندوة بقوله، إن المستعمر الفرنسي واجه الثورة الجزائرية باستعمال أساليب التعذيب، مشيرا إلى أن فرنسا تحاول اليوم، تلميع صورة الاستعمار، من خلال مقاربة جديدة تتجاهل حقائق التاريخ وتسعى إلى القفز عليها.
أما الأستاذ جمال قندل، فتناول في مداخلته المعنونة بـ«إدارة الاحتلال الفرنسي والمقاومة الأمنية في مواجهة الثورة الجزائرية من خلال التعذيب"، ممارسات التعذيب التي انتهجها المستعمر الفرنسي، منذ وطأت قدماه أرض الجزائر، مؤكدا أن هذه الممارسات تصاعدت بعد اندلاع الثورة التحريرية، حين أيقن المستعمر أن الجزائريين قرروا نيل استقلالهم لا محالة. فاعتمد على مقاربة أمنية تمثلت في اعتقال أبناء الشعب وتعذيبهم، كما أنشأ المحتشدات لعزل الثوار عن الشعب، خاصة وأن نداء أول نوفمبر وُجه إلى الشعب، باعتباره عنصرا أساسيا في تحقيق الاستقلال.
وأوضح قندل أن المستعمر الفرنسي استعمل التعذيب لتحقيق هدفين، أولهما الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالثورة، وثانيهما إهانة الجزائريين وتكريس الهيمنة الكولونيالية، مؤكدًا أن جميع فئات الشعب الجزائري تعرضت للتعذيب دون استثناء.
كما صادق البرلمان الفرنسي، على إعلان قانون الطوارئ في الجزائر في 3 أفريل 1955، ما أدى إلى انتقال صلاحيات التعذيب من الشرطة إلى الجيش، وتم تجديد العمل به في 28 جويلية من السنة نفسها، ليشمل كامل التراب الوطني، حيث توحد السياسيون والعسكريون والمستوطنون ضد الثوار الجزائريين، يضيف قندل.
وقدم الأستاذ أمثلة عن جزائريين استشهدوا تحت التعذيب، من بينهم الطالب زدور محمد إبراهيم بلقاسم، ابن الشيخ وأحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين، سي الطيب المهاجي، الذي اعتقل بعد عودته من القاهرة، بهدف معرفة علاقاته بقادة الثورة. نفس المصير لقيه الطبيب بن عودة بن زرجب، وكذلك "جميلات الجزائر" وعدد كبير من الجزائريين تعرضوا بدورهم إلى التعذيب، إلى جانب شخصيات ساندت الثورة التحريرية، مثل هنري علاق وموريس أودان.
من جهته، دعا الأستاذ العايب علاوة إلى تنظيم لقاءات في الثانويات والجامعات، يقدم خلالها المجاهدون شهاداتهم الحية، كما اقترح رفع معامل مادة التاريخ إلى 8، من أجل تمكين الجميع من دراسة تاريخ الجزائر العريق. وتساءل عن جدوى تنظيم مثل هذه الندوة في مكان مغلق، يحضره عدد قليل من الشباب. واعتبر العايب أن ما يحدث في غزة اليوم، يُشبه ما عاشه الجزائريون خلال فترة الاستعمار الفرنسي، مشيرًا إلى أن إقرار منظمة الأمم المتحدة ليوم 26 جوان يوما عالميا لمساندة ضحايا التعذيب، يُعد أكبر اعتراف قانوني في هذا السياق. وأشار أيضا إلى منظمات دولية أخرى، كالمحكمة الجنائية الدولية، التي أقرت ضرورة احترام حقوق الإنسان ومنع إهانة كرامته.
في الختام، قدم عدد من المجاهدين شهاداتهم حول ما تعرضوا له من تعذيب، والبداية بمحمود عرباجي، الذي تحدث عن سجنه في عدة مراكز وتعرضه للتعذيب، وشهادته على تنفيذ 36 عملية إعدام بحق المجاهدين، إضافة إلى استخدام المستعمر الفرنسي للعامل النفسي في التعذيب.
أما المجاهد عيسى قاسمي، فتحدث عن تعذيبه وهو لا يزال في سن 17 سنة بمركز في الأبيار، حيث استُشهد علي بومنجل وسُجن هنري علاق، وذكر أن المحتل سعى إلى محو الجزائريين من الوجود، ولما عجز عن ذلك، لجأ إلى التعذيب.
في حين وصف المجاهد بوعلام شريفي طرق التعذيب التي استخدمها المستعمر، مثل ربط كل نقطة من الجسد بالكهرباء، مشيرا إلى معاناته من التعذيب. كما دعا إلى تحويل مراكز التعذيب إلى فضاءات للذاكرة الوطنية.