مقتل جمال بن اسماعيل صدمة هزت المجتمع

مثقفون جزائريون ينددون، ومتحف أمستردام يعزي في رحيل الفنان

مثقفون جزائريون ينددون، ومتحف أمستردام يعزي في رحيل الفنان
  • القراءات: 1032
لطيفة داريب  لطيفة داريب 

أدان مثقفون جزائريون مقتل الفنان الشاب جمال بن اسماعيل، وعبروا عن استيائهم الشديد من حدوث هذه المأساة. كما كتب البعض مرثيات لروح فقيد الإنسانية. أما متحف فان غوغ بأمستردام، فقد نوه بإعادة رسم لوحة أشجار اللوز المزهرة لفان غوغ من طرف جمال، مؤكدين أنه بهذه الفعلة قد دخل الذاكرة الفنية العالمية. 

كتب الروائي ياسمينة خضرا نصا مطولا على صفحته الرسمية في فايسبوك، حول المأساة التي تعرض لها جمال بن اسماعيل، حيث أكد أن نصه موجه لروح الفنان جمال، الذي تعرض للتعذيب على يد وحوش، وهو الذي قدم إلى تيزي وزو لمساعدة الضحايا!

وجاء في بعض نص خضرا: “قوة الأمة تظهر في السراء والضراء. والأمة التي تتقدم إلى الأمام لا تهتم بما هو غير ضروري؛ فهي تدرك أنها تحمل في عمقها أجيال الغد. كما أن لها ضميرا يقظا يحميها من كل ضعف تتعرض له؛ لأنها ككل روح بشرية، ضعيفة في بعض كيانها، ولهذا فهي معرضة لجميع أنواع التسربات والتسلل؛ فوجب أن تكون في حالة تأهب؛ للتصدي للأخطار المحدقة بها”. وأضاف أنه شعر بالفزع من هذا الجنون الانتحاري وظهور “أكلة لحوم البشر”، الذين على وشك تحويل “المحبطين” إلى “زومبي”. كما كتب: “إلى هؤلاء المحاربين بالوكالة، هؤلاء حفاري القبور الذين يحتاجون إلى الجثث لتنفيذ مهامهم، أود أن أقول: إذا لم تكن قادرا على الاستفادة من شيء ما، فحاول أن تفعل شيئا ما في حياتك بدلا من أن تعفن حياة مواطنيك الذين يعيشون الخيبات والمآسي”. وتابع مجددا: “يحتاج الجزائريون إلى الدعم وليس إلى الغضب الذي نستيقظ معه وننام معه، وكذا إلى العيش في سلام وتقدم؛ فهم يسعون جاهدين للحفاظ على مظهر من مظاهر الحلم، ويسعون بشدة لإيجاد مخرج من الاضطرابات التي عاشوا فيها على مدى عقود”. وطالب خضرا بالتمييز بين ما هو مناسب لنا كأمة، وبين ما يبقينا في حالة من الفوضى وإنكار الذات. ودعا إلى معرفة ما نريده لأطفالنا ولأجيال الغد، مؤكدا: “إن العالم لا يغفر للشعوب المترددة ولا للشعوب التي تخطئ خطأ فادحا بشأن مصيرها”.

وأكد ياسمينة أن الجزائر لن تكون جزائرية إلا في حال عدم التمييز بين منطقة وأخرى، داعيا أن يبارك الله أرض أجدادنا.

وبدوره، أدان الكاتب أمين زاوي “العمل البغيض والوحشي والدعشاني الذي ارتكب ضد الشاب جمال بن اسماعيل، الذي تم إعدامه بدون محاكمة، كما تم حرق جسده بشكل علني”، مضيفا: “كان بالإمكان أن يرتكب هذا العمل الفظيع في أي مدينة أخرى وفي أي ولاية أخرى، ولكن تم إنتاجه في منطقة القبائل؛ حيث قام صناع الفتنة بتفجير سمومهم بصوت عالٍ!”. وكتب أنه يدين فظاعة القتل هذه، التي تعيدنا إلى أساليب القرون التي كانت تتسم بأبشع صور الغموض. وفي هذا دعا إلى تحقيق العديد من النقاط، من بينها “تأسيس حوار جمهوري وطني حقيقي”.

أما الروائي واسيني الأعرج فقد عبر عن صدمته لما حدث لجمال، فكتب: “إن الفنان قتل ظلما حينما ذهب ليساعد إخوته لإطفاء النيران، فحولته الهمجية المندسة بين الناس المجروحين من الحريق، إلى رماد بعد أن أحرق حيا، ولم تترك له أي فرصة للدفاع عن نفسه من التهمة”. وأضاف: “إن الصدمة كبيرة، الجزائر في خطر، إنهم يفتحون أبواب جهنم وسياسة الأرض الحروقة! الرحمة الواسعة للفنان جمال، ولكل شهداء الحرائق”. كما كتب في منشور آخر، الحلقة الأولى لقصة استلهمها من الواقعة الأليمة بعنوان (الملائكة تموت أيضا).

وبالمقابل، نشر متحف هولندا الخاص بأعمال الفنان “فان غوغ”، منشورا حول إعادة جمال بن اسماعيل، رسمة لوحة فان غوغ، زهر اللوز، جاء فيه: “رأى فان غوغ شجرة اللوز كرمز للحياة الجديدة وهي تزهر لاستقبال الربيع. كما ظل هذا العمل قريبا من قلب عائلته”.

وذكر المنشور تفاصيل المأساة التي تعرض لها جمال، وأن الجناة قتلوا روحا جميلة لفنان جميل، وأنهم كمتحف فان غوغ، لن ينسوه أبدا.

ومن جهتهم، كتب شعراء جزائريون مرثيات لروح جمال بن اسماعيل. وفي هذا السياق كتب الشاعر منير مزليني مرثية الجمال، وهي:

ليس لي وطن غير هذا الذي

أحرقوني به..

وشووا كبدي في وضوح النهار..!

فتنة أشعلت محرقي

كي أصير الفداء.. الوقود الذي

يفتنون به شعلة الانشطار..!

منتهى حيرتي ..

أنني لاأزال على موقفي

داعما للذي

أحرق جثتي عبثا ..!

ورموني رمادا على مصرعي

تحت من نظروا ..

واشتهوا صورا من جحيم!

ها أبي يقف الجبل

مثله.. شامخا 

رافعا رأسه للعلا

لا دموع له ..

لا جفاء..!

ليس لي وطن غير هذا الذي

أحرقوني به..

وشووا كبدي في وضوح النهار..!

ها أنا ذاهب

كالرَماد إلى قدري

مستظلا بماء معين

شاكرا سعيكم ..

عاشقا للسلام الذي

خانه الانتظار!

ها أنا ..

راحل في وقار السمو إلى

بارئي ..

وعلى جنباتي ملائكة

من سراج منير

والسماء مفتحة

لي أنا ..

مفرح وجهها..

كالنعيم

ها أنا ..

داخل فرحتي

أرتوي من يدي

المشتهى صفوتي

لا فناء هنا

لا جحيم! 

وكتب رابح ظريف مرثيته:

حملت قلبي على كفي.. وقلت: أنا

وأنت   نحمله   في   كفنا    الوطنا

لكنك  اخترت  قلبا  آخر  ويدا

أخرى .. وخطت لقلبي منهما الكفنا

أتيت  أطفئ  نيرانا  وليس معي

إلا الدموع.. ولكني احترقت هنا

أحرقتني يا أخي.. والنار شاهدة

أني البريء .. وكل  الأبرياء أنا