تحول إلى فضاء يستقطب المثقفين والفضوليين

متحف "الجمهورية".. صرح يحاكي التاريخ بالصورة والقلم

متحف "الجمهورية".. صرح يحاكي التاريخ بالصورة والقلم
  • القراءات: 1089
❊رضوان قلوش ❊رضوان قلوش

تحول متحف جريدة "الجمهورية" بولاية وهران، إلى فضاء تاريخي هام يستقطب المواطنين ومحبي الصورة والمثقفين والطلبة من مختلف الولايات، لما يضمه من تأريخ لمراحل هامة في تاريخ الجزائر منذ الفترة الاستعمارية إلى غاية الاستقلال، وصولا إلى مختلف الأحداث التي عرفتها الجزائر، ليكون صرحا يحاكي التاريخ بالصورة والقلم.

يشهد متحف جريدة "الجمهورية" بوهران، منذ افتتاحه كصرح ثقافي يضاف للفضاءات التاريخية والثقافية بولاية وهران، إقبالا من طرف المهتمين بالشأن التاريخي لمدينة وهران والجزائر، ويضم بين جدرانه تاريخا كاملا لأحداث عرفتها الجزائر، وأخرى دولية وإقليمية هامة، يقدمها المتحف بالصورة والعنوان الصحفي، بما يؤرخ لهذه المراحل، وهو الفضاء الذي جاء بمبادرة من المدير العام لجريدة "الجمهورية"، السيد بوزيان بن عاشور، رفقة الطاقم المسير للجريدة من إداريين وصحافيين، كان لهم الفضل، حسب السيد بن عاشور، في ميلاد المتحف من خلال المساهمة في تجسيد المشروع.

يوضح السيد بن عاشور أن فكرة المتحف جاءت انطلاقا من اكتشافه مباشرة بعد تعيينه على رأس الجريدة، لخزان ورصيد من الأرشيف والصور القديمة والجرائد التي تحكي تاريخ الجزائر، وتشكل بحد ذاتها ذاكرة للجريدة والصحافة الوطنية، لكن كانت غير منظمة ومهمشة وعرضة للتلف، حيث "قررنا ـ يضيف بن عاشور ـ بعد التشاور مع عمال الجريدة، التوجه نحو تنظيم الأرشيف، حيث جمع الذاكرة التي كانت تتوزع بين المكاتب وبقبو المقر الذي لم يكن صالحا كمكان لتخزين الذاكرة الحية، كما كان يوجد داخل القبو آلات ميكانيكية خاصة بسحب الجريدة وعدة تجهيزات وأثاث قديم".

أوضح بوزيان بن عاشور أن العمل انصب على "استعادة القبو من خلال إعادة تأهيله وتنظيفه، ثم الانتقال إلى مرحلة تنظيم ما يوجد من أرشيف، صور وجرائد، وبفضل العمل المتواصل، توصلنا إلى استخراج ذاكرة كاملة وتجاوزتنا المهمة، حيث كنا نسعى إلى إنشاء فضاء صغير للجريدة، غير أن ما اكتشفناه من تاريخ وذاكرة دفعنا إلى توسيع مساحة العرض ليفرض نفسه كمتحف متكامل، وساعدتنا مساحة القبو في التوسع أكثر، ووجدنا الدعم المعنوي من عدة مثقفين وصحافيين ومهتمين بالتاريخ".

أكد بن عاشور أن المتحف تحول بكل المقاييس إلى صرح ثقافي وتاريخي يؤرخ للصحافة الجزائرية بكل أطيافها، خاصة العمومية منها التي لها تاريخ عريق ومزدوج، على غرار جريدة "الجمهورية" التي تأسست بعد 13 سنة من الاحتلال الفرنسي لمدينة وهران سنة 1844، وكانت الجريدة تعرف بتسمية "إيكو دورون"، وقال "اكتشفنا أن الجريدة رغم صدورها في الفترة الاستعمارية، كانت تنقل أحداثا تاريخية عن وضعية الجزائريين وعن التظاهرات الثقافية، وتسميات العائلات وعادات وتقاليد وتراث البلاد في تلك الفترة، وهو ما يعد تاريخا قائما بذاته، يمكن استغلاله في الدراسات التاريخية للمنطقة".

كما تقدم الجريدة مرحلة تاريخية أخرى لجزائر بعد الاستقلال، التي تؤرخ لمراحل هامة للجزائر الفتية التي سايرت أحداث كثيرة إلى غاية السبعينات، بعد تعريب الجريدة، مما قدم فكرا آخر وصورة جديدة عن الصحافة الجزائرية، وهو ما ينطبق على الجرائد العمومية التي كانت تصدر وقتها وتعد من أرشيف الجريدة، على غرار جريدة "النصر" التي كانت تسمى خلال الفترة الاستعمارية بـ«لاديباش دو كوستنتين" وجريدة "الشعب".

دعا بوزيان بن عاشور جميع المؤسسات الإعلامية التي تملك أرشيفا لإنجاز متاحف تساهم في التأريخ لها وللجزائر، كما قامت مصالح الأرشيف بنسخ 33 ألف صورة إلكترونيا، وهي الصور التي تعد إحدى كنوز الجريدة، صوّرت بعدسات مصوري الجريدة المعروفين على المستوى الوطني، رافقوا مختلف مراحل بناء الجزائر منذ أول يوم استقلال.

فضاء يريح الزائر ويحكي تاريخ الجزائر

يضم متحف جريدة "الجمهورية" عدة أجنحة تؤرخ للجرائد الجزائرية، حيث يعد جناح الجرائد أحد أهم معالم المتحف، ويضم أولى الأعداد الصادرة خلال الفترة الاستعمارية، حيث كانت الجريدة تحمل عنوان "ليكو دوران"، ثم انتقلت إلى "الجمهورية" وتم تعريبها في سنوات السبعينات، حيث تحكي مراحل تاريخية هامة في حياة الجزائر الفتية، كما يضم الجناح كل عناوين الجرائد العمومية، وخصص المتحف أهم الصفحات الأولى للجرائد العمومية، على غرار جريدة "المساء" التي تستغل حيزا بالمتحف وتعرف الجمهور بها.

كما يضم المتحف صورا نادرة لرؤساء الجزائر منذ الاستقلال، وهي صور مأخوذة بعدسات المصورين الذين رافقوا التطور الذي عرفته الجزائر منذ سنة 1962، إلى جانب صور لشخصيات سياسية، أدباء، مؤرخون، أعيان المدينة، رياضيين، ومختلف الفاعلين في جميع الحقول والميادين بالجزائر. كما لم ينس المتحف صور العاملين بالجريدة الذين قدّموا حياتهم في خدمة القلم والجريدة من صحافيين، إداريين وعمال في مختلف المستويات، لا زال بعضهم إلى غاية اليوم يعملون في الجريدة.

كما يضم المتحف أثاث الجريدة المستعمل، خاصة مكتب أول رئيس تحرير الجريدة الذي يعود إلى سنة 1908، إلى جانب بعض متعلقات مكتب رئيس التحرير، من خزائن وأرشيف وجرائد قديمة، إضافة إلى  بعض المستلزمات التحريرية والكراسي وطاولات الاجتماعات ومختلف الآلات التي كانت تستخدم في السحب،الطباعة، الرقن وتحرير الجريدة.