بومرداس تُظهر قدراتها الصناعية

مؤسسات بدأت التصدير وأخرى تراهن على البقاء والتسويق

مؤسسات بدأت التصدير وأخرى تراهن على البقاء والتسويق
  • القراءات: 1473

أُسدل الستار، مساء الخميس المنصرم، على فعاليات الطبعة الأولى لصالون الإنتاج المحلي بولاية بومرداس، الذي اختير له شعار "منتوج بومرداس، الجودة والسعر في انسجام"، بعد أربعة أيام بمشاركة أزيد من 50 مؤسسة تمثل مختلف الأنشطة التجارية والاقتصادية المنتشرة بالولاية، فيما يُنتظر تنظيم طبعة ثانية لتكون صالونا جهويا، حسبما استفيد من الجهة المنظمة، سيتم خلاله دعوة عدة متعاملين اقتصاديين للعمل على بلوغ هدف إرضاء الطلب الوطني بدون الحاجة إلى الاستيراد.

أجمع محدثو "المساء" من المشاركين في فعاليات الطبعة الأولى لصالون الإنتاج المحلي ببومرداس، على أن التظاهرة حققت أهدافها من خلال التعريف بأهم المؤسسات الناشطة بإقليم الولاية، مع إبراز مستوى النشاط الصناعي، إلى جانب تقريب المنتوج المحلي من المستهلك، والسماح بإجراء شراكات ما بين المتعاملين الاقتصاديين، لاسيما العاملون في مجال واحد بشكل أو بآخر.

ضياع فرص في المجال الصناعي وبالتالي.. التصدير

تشير الأرقام إلى وجود 88 مؤسسة بالولاية تملك سجلا تجاريا خاصا بالتصدير في عدة مجالات، لاسيما في مجال الخضر والفواكه والعتاد وتجهيزات المطابخ والمطاعم الجماعية وكذا الأقفال ولوحات الترقيم وتصدير السمك ومنتوجات التنظيف، وغيرها من المنتوجات التي وجدت طريقها إلى الأسواق العالمية؛ سواء ببعض الدول الإفريقية أو نحو أسواق فرنسا وإسبانيا وروسيا.

ورغم ذلك تضيّع الولاية أمامها فرصا أخرى في المجال الصناعي، وبالتالي فرص التصدير. ونفس الأمر ينطبق على شعبة الفلاحة، إذ تُعتبر بومرداس من ضمن الولايات الرائدة في مختلف شعبها وعلى رأسها العنب. فبالرغم من كونها الأولى وطنيا من حيث الإنتاج بقدرة 2.5 مليون قنطار في السنة، إلا أنها مازالت تفتقر للصناعة التحويلية المرتبطة بهذه الشعبة مثلا لإنتاج الزبيب أو العصائر، وبالمثل أيضا بالنسبة لإنتاج الذرى لصناعة غذاء الأنعام والدواجن رغم انتشار تربية الدواجن ببعض البلديات بشرق الولاية، ووجود مساع لإنشاء قطب خاص للحوم البيضاء، لاسيما ببلدتي تاورقة وبغلية، في حين يسجَّل بالولاية عدم اهتمام بترقية إنتاج الفلين الذي كان منتشرا بغابة بوعروس ببلدية الثنية، والذي يُعتبر من أحسن الأنشطة المدرّة للقيمة المضافة، حسب المختصين، على اعتبار أن مادة الفلين تصدَّر للخارج، بينما يمكن استعمال ثمرة البلوط في دعم تغذية الأنعام.

هذه الحقائق تجعل احتمال عدم التنسيق بين مختلف الفاعلين والمصالح والإدارة من أهم أسبابها. والمطالبة برفع هذا الإشكال قد تجعل الولاية ترتقي في سلّم الولايات الصناعية الكبرى، وربما تتبوأ أولى المراتب، حيث تشير المعطيات إلى أنها تتواجد في المرتبة 11 وطنيا من حيث عدد المؤسسات الشخصية (أي التابعة لأفراد)، و8 وطنيا من حيث عدد المؤسسات المعنوية (أي الشركات)، متقدّمة بذلك على ولايتي عنابة وبرج بوعريريج.

كما شهدت الولاية زيادة من حيث إنشاء المؤسسات الاقتصادية خلال 2017 بنسبة 4.93%؛ أي بزيادة 2283 مؤسسة، ليصل مجموعها إلى 48.630 مؤسسة بينما لم تكن تتعدى 46347 مؤسسة خلال 2016.

هذه الزيادة يعتبرها المختصون جيدة، ويرجعونها إلى عدة عوامل، أهمها وجود ديناميكية بالولاية، تساهم في جذب الاستثمار، إلى جانب وجود فاعلين يقدّمون تسهيلات للمستثمرين، وعلى رأسهم غرفة الصناعة والتجارة، التي تمكنت من تسجيل مئات المؤسسات المنخرطة بها، والعملية مستمرة لتسهيل الاستثمار وشرح التسهيلات المقدمة للمستثمرين، من أجل بلوغ الأهداف المسطرة في خلق الثروة والقيمة المضافة للاقتصاد الوطني وكذا توفير الشغل.

وحسب المعطيات المقدمة على هامش صالون الإنتاج المحلي، فإن ترتيب النشاطات المختلفة ببومرداس يأتي على النحو التالي؛ إذ إن تجارة التجزئة والخدمات والإنتاج وتجارة الجملة والمندرجة ضمن الأنشطة الخاصة بالمؤسسات الطبيعية، ترتكز أساسا ببلديات بومرداس، بودواو، خميس الخشنة، حمادي وبرج منايل، وهي نفس البلديات التي تشهد كذلك ارتكاز نشاط هام للمؤسسات المعنوية المتخصصة في الخدمات والإنتاج وتجارة الجملة والاستيراد.

تحديات البقاء أمام رهان التنافسية والتقليد

يظهر من بين أهم التحديات بالنسبة لبعض العلامات التجارية كيفما كانت طبيعة المنتوج المعروض، تحدي البقاء والاستمرارية ضمن سوق منفتحة، تتّسم بالديناميكية والمنافسة، وعليه فإن اللعب على وتر الجودة والسعر يبقى رهان كل مؤسّسة ترغب في المحافظة على بقائها والتمسك به، وهو ما اتفق عليه بعض ممثلي العلامات التجارية المختلفة المشاركة في الصالون. فإذا كانت شعبة الحليب ومشتقاته من بين أكثر الشعب استقطابا للصناعات التحويلية المختلفة، فإن ضمان المحافظة على جودة المنتوج وذوقه يبقى من ضمن العوامل التي أشار إليها ممثل شركة "فادي- لي"، الذي اعتبر أن المستهلك الجزائري من بين الأوائل عالميا في استهلاك الأجبان، ولهذا فإن الاستثمار في هذا المجال مع ضمان الجودة وسعر تنافسي، يضمن البقاء في سوق تنافسية.

من جهة أخرى، يظهر كذلك تحدي التقليد الذي قد يعصف بأي مؤسسة، وقد يؤدي بها إلى إسدال الستار؛ من أجل ذلك يقول المتحدث إن وجود يقظة استراتيجية تضمن اتباع المنتوج في السوق، كفيل بأن تراقب مسار المنتوج سواء بالمساحات التجارية الكبرى أو بالدكاكين، موضحا أن أي مؤسسة تريد ضمان الاستمرارية عليها ضمان إجراء تحقيقات دورية لاتباع مسار منتوجها، ومعتبرا تحلي المواطن بثقافة استهلاكية واعية، يجعله يبحث عن الأفضل بدون الجري وراء كل سعر منخفض، وهي كما قال "من العوامل المهمة كذلك لضمان استمرارية هذا المنتوج أو ذاك".

وبالمثل يتحدث ممثل شركة ‘"إ.بي.بي لصناعة البوليستيران" المنقسمة بين صناعة مواد البناء وصناعة مواد التغليف الغذائي، الذي أكد أن المنتوج المحلي أصبح رائدا في بعض القطاعات والشعب، ومنها صناعة الأكواب الورقية التي هي بمقاييس وجودة عالمية، جعلت الشركة رائدة في هذا المجال بالسوق المحلية الآخذة في النمو، بينما اعتبر أن قطاع البناء بالبوليستران مازال في بدايته، وأيّ منافسة تجعل الشركات المصنّعة من أصحاب "المعركة المشتركة للتعريف بهذه التقنية المقتصدة للطاقة؛ عملا على توسيع استعمالها أكثر"، يضيف محدثنا.

من جهته، اعتبر ممثل شركة "ديفاندوس" للأثاث والبناء المعدني، أن التقليد لا يضر بالمؤسسات والشركات بل وبالصحة العمومية، حيث أشار إلى أن المؤسسة التي تعتبر وحدة لمؤسسة "ألومنيوم الجزائر"، تصنع أدوات المطبخ بالألومنيوم الخالص بنسبة تصل إلى 99% وبقدرة تحويل إلى كيلوغرام ألومنيوم تصل إلى 620 كلغ، بينما تصنع أدوات مطبخ أخرى تُعرض بأسعار أقل من المواد المرسكلة، وهو ما يضر بالصحة العمومية، ناهيك عن خطر انفجار طنجرة الضغط المقلدة، ما قد يسبب عاهات دائمة، في الوقت الذي تعرض المؤسسة مختلف أثاث المطبخ المعدني بأسعار تنافسية للغاية؛ إذ تنتج سنويا 120 ألف طنجرة ضغط و380 ألف وحدة من مختلف أدوات الطبخ؛ من قدور وجفان وصينيات وغيرها.. 

كذلك اعتبر مسيّر شركة "بلو-شارك" لصناعة تجهيزات التبريد والمطابخ، أن التقليد في بعض القطاعات يبقى صعبا لاسيما في مجال صناعة مؤسسته المتطلبة لمقاييس عالمية، معتبرا أمر توعية المستهلك دوريا بأهمية استهلاك منتوجات ذات جودة دونما اهتمام كبير بالسعر المنخفض خاصة إذا تعلّق الأمر بالراحة والصحة. وقال إن المنتوج الذي يقترحه على المستهلك يضمن اقتصادا كبيرا للطاقة، قد يصل إلى حدود 60%، بما يجعل ذلك ينعكس إيجابا على الفواتير..