نور الدين فتحاني في لقاء حول العنقا:

لم يكن متكبرا بل مترفعا عن الدخلاء

لم يكن متكبرا بل مترفعا عن الدخلاء
  • 814
 لطيفة داريب لطيفة داريب

فند الأستاذ نور الدين فتحاني، العديد من الإشاعات التي مست الفنان الراحل الحاج محمد العنقا، من بينها اتهامه بالعنهجية والتكبر و التعمد في النطق غير الواضح لكلمات الأغاني، إضافة إلى أنه  من مواليد منطقة القبائل.

قال الأستاذ نور الدين فتحاني، خلال تنشيطه محاضرة حول العنقا، أول أمس، بمكتبة شايب دزاير، أن الفنان الراحل، لم يكن متغطرسا بل كان يترفع عن المنافقين الذين يحاولون الوصول إلى مبتغاهم بكل سهولة، خاصة أنه عانى الكثير لكي يصبح من الفنانين المتميزين، مضيفا أن العنقا كان له نطق خاص لمخارج الكلمات وهو الأمر الذي أدى إلى صعوبة البعض في فهم ما يقدمه من أغاني.

وفي هذا السياق، أكد المتحدث اهتمام العنقا الكبير بالوصول لأكبر عدد من الجمهور، وهو ما يناقض إشاعة تعمده الغناء بطريقة لا يفهمها الجميع، لينتقل إلى  المنطقة التي ولد فيها وهي حسب الوثائق الرسمية، القصبة وليست منطقة القبائل، حتى أن والدته ولدت ببوزريعة.

وشبه المتحدث، العنقا، بـ"الفينيكس" وهو الطائر الاسطوري الذي يعود إلى الحياة من جديد، نسبة إلى الفنان الذي تعرض للعديد من الأزمات في حياته خاصة في شبابه، حيث عانى من الجوع والحرمان، وعاد إلى الواجهة أقوى، مشيرا إلى أنه شبه العميد أيضا بشخصية "بروميتي" وهي أيضا شخصية أسطورية سرقت النار من الآلهة لتقدمها إلى الشعب وهو رمز لما قام به العنقا، حيث نهل من الموروث الشعبي الذي كان شيوخ القصبة يحافظون عليه بكل غيرة ولا يقدمون إلا النز القليل منه وقدمه في طبق من ذهب إلى الجمهور. وأشار نور الدين، إلى قدرة العنقا على تكييف المدح أو الشعر الملحون وتقديمه للعامة، مبرزا في السياق ذاته، اجتهاده في فهم معاني القصائد من خلال لجوئه إلى الخبراء مثل الشيخ ابن زكري ومحبوب اسطنبولي، علاوة على إدخاله لآلات موسيقية جديدة في هذا الطابع، محدثا بذلك ثورة مازال صداها إلى غاية اليوم. 

وأضاف المتحدث أنه لم يكن من السهل، على العنقا الإتيان بالجديد في الفن الأندلس، خاصة أنه عاش في وسط محافظ، حيث ولد وعاش في القصبة، المدينة التي غادرها أهلها نفورا من الاستعمار وسكن فيها ريفيون قدموا من عدة مناطق وامتهنوا التجارة والحرف. ليؤكد أن العنقا كان يحمل هما وحيدا متمثلا في تقديم فن مكيّف حسب رغبات الجمهور. وفي هذا السياق، كان العنقا يقول بأنه يضع التوابل في الغناء رغبة في إرضاء الجمهور.

وتعلم العنقا على يد الشيخ الناضور كما استطاع أن يستفيد ولو قليلا من الشيخ سعيدي الذي لم يكن كريما في عطائه الفني، كما ألف عدة أغان من بينها أغنية "الحقار" التي قصد بها متعاهدي الاحتفالات الذين لم تكن لديهم سمعة جيدة من حيث تعاملهم الظالم مع الفنانين. كما فند مقولة أن مصطفى بن براهيم، هو من كتب قصيدة "سبحان الله يالطيف" بل أن كاتب الكلمات هو مصطفى تومي، هذا الأخير الذي تعرض لمضايقات بحكم أفكاره التي لا تتفق مع أفكار العامة.

أما عن سبب ظهور العنقا القليل بل النادر في التلفزيون والإذاعة، قال نور الدين، أن ذلك يعود إلى تصرف العاملين لهذين الجهازين تجاه الفنان، حيث كان هذا الأخير يعتقد بأنه لا يلاقي الاحترام المطلوب حينما يقدم وصلاته في التلفزيون والإذاعة، على تقاضيه أجرا زهيدا وإجباره على تقديم أعماله بطريقة معينة لا تليق بالفنانين الجزائريين بل يتصف بها الفنانون المشارقة وهو ما كان يرفضه حيث كان يرى أن الفنان حر ولا يجب أن يتقيد بأي شيء سوى بحب الجمهور وخدمته.