الدكتور محمد بغداد ضيف المنتدى الثقافي:

لم نخضع التحولات المجتمعية لدراسات استقصائية

لم نخضع التحولات المجتمعية لدراسات استقصائية
  • القراءات: 669
مريم.ن مريم.ن

استضاف المنتدى الثقافي الجزائري، مؤخرا، الدكتور الباحث محمد بغداد الذي قدم نبذة عن مشواره الأكاديمي والإعلامي، وتوقف عند تجربة الإعلام الديني في الجزائر، التي تجاوزت القرن بكثير ورسخت وجودها وجزائريتها.

قام بمحاورة الدكتور محمد بغداد الأستاذ عبد الله العشي، الذي قدم سيرة مختصرة عن الضيف، ليتوقف عند تجربة الإعلام الديني في الجزائر، حيث اختص الدكتور بغداد فيه، وقدم في هذا الإطار، ندوات وملتقيات مختلفة، وهو الآن يشتغل مديرا للإعلام بالمجلس الإسلامي الأعلى، وله عدة مؤلفات، منها ”حركة الإعلام الثقافي في الجزائر”، ”فئة الجودة في صناعة الإعلام الجزائري”، ”إنتاج الكتب الدينية الدولة والمجتمع في المغرب الإسلامي وغيرها.”

في هذا الشأن، أكد الضيف أن الإعلام الديني في الجزائر مر بمجموعة من المراحل، أولها مرحلة المفهوم، ومفهوم الإعلام الديني، حسب بغداد، يتمثل في ذلك المنتوج الإعلامي الذي يكون الدين فيه هو المادة الأساسية، التي تشتغل عليها المؤسسة الإعلامية، سواء كانت نضالا أو حملا شخصيا، أو كانت ترويجا وتعبئة، وكلما كانت المادة الإعلامية الدينية أساسية يشتغل عليها السلوك الإعلامي، كان ذلك إعلاما دينيا، كما رأى أن المادة الإعلامية الدينية كانت في إعلامنا منذ نهاية القرن التاسع عشر، مع الرواد المؤسسين للإعلام الجزائري، أمثال عمار بن قدور والشيخ أطفيش، وعمر راسم وآخرين، إضافة إلى التجربة الإعلامية لجمعية العلماء المسلمين، وكان اتخاذ الموضوع الديني عند هؤلاء قضية نضال ضد الاستعمار، حيث قدموا الدين على أنه ملاصق للذات، تميز الذات الجزائرية عن الفرنسية، ومن ثمة انتقلت قضية تقديم الذات في وسائل الإعلام -في مرحلة السبعينات- إلى قضية تقديم الدولة، وتقديم مبررات للسلوك السياسي للدولة، خاصة عندما اتجهت إلى مواجهة بعض التيارات الإسلامية، أما في بداية التسعينات، فقد انتقل الإعلام الديني إلى ملاصقة التيارات الإسلامية التي وضعت المادة الإسلامية كحركات نضالية.

أشار الضيف إلى أن الدولة عندنا، عبر قنواتها العمومية، وخاصة قناة القرآن الكريم، تسعى إلى زرع المحبة، واعتبرها داخلة في التهذيب العام، لكن رغم هذا، لم ينكر ما تدخله من أرباح، باعتبار أن المادة الدينية لها سوق كبير جدا، موضحا أننا في الجزائر لم نخضع التحولات لدراسات استقصائية، كما رأى بأن هذه الدراسات تحتاج إلى جهود جماعية، وفي هذه النقطة تحديدا، اعتبر المخابر المختلفة قادرة على معالجة مثل هذه المواضيع، وأضاف أن المقاربة النضالية في الإعلام الديني، هي التي تشمل واجهة المشهد العام، كما اعتبر أن مصدر معاناة الجزائر الأول كان العشرية السوداء، الذي أثر على السلوك، كما تحدث أيضا عن الصدمة الحالية التي أحدثتها جائحة ”كورونا”، وهنا أشار إلى أنه قام بمقارنة بين هيئتين أساسيتين، وهي كل من الهيئة الإعلامية التي ترصد وتتابع تطور الحالات الخاصة بالمرض، وعدد الوفيات وعدد حالات الشفاء، وبين اللجنة الوزارية للفتوى التي تتابع الجانب الشرعي، واعتبر أن اللجنة الطبية لرصد تطور ”الكوفيد” رافقت المواطن، حتى صارت جزءا من حياته، عكس لجنة الفتوى التي لم تظهر إلى العلن، وقال إن هذه اللجنة عاشت صعوبات كثيرة، مثل قرار تعجيل زكاة الفطر، قضية قرار تبرير غلق المساجد، وأضاف أنه حتى وسائل الإعلام لم يكن يسيرا عليها الوصول إلى لجنة الفتاوى، وإحضار المعلومة، عكس اللجنة الطبية.

رأى الدكتور محمد بغداد أن المشكل الذي مس الإعلام، هو مقاطعته وانفصاله عن زمن عمر بن قدور، صاحب جريدة ”الفاروق” في العشرينات، الذي قدم نموذجا رائعا، ويتمثل هذا النموذج في كتاب رد فيه على الأستاذ رشيد رضا في ”المنار”، فكان هذا العمل هو ما يعرف بالنموذج الجزائري، والرد على النموذج المشرقي، وهنا تمنى الدكتور دراسة هذا النقاش المهم في الجامعات والمخابر.

أما رؤيته للإعلام الديني في الجزائر، فقد قال إنه كان قبل الثورة التحريرية مجسدا في أعمال الحركة الإصلاحية، حيث عرف هنا الإعلام الجزائري مستوى راق جدا من حيث النقاش والأساليب، كون المادة الدينية كانت المادة الخام التي يشتغل عليها العقل الإعلامي، وقد كانت وسائل الإعلام في تلك الفترة، تسعى إلى الدفاع عن الهوية وعن الذات، ليضيف الدكتور أن أهم شخصية نجدها هنا، هي شخصية توفيق المدني، الذي استخدم الافتتاحيات التي بدأت تتراجع نوعا ما، بل واختفت في الوسائل المرئية والمسموعة، كما قال إنه اكتشف وجود كتاب عبارة عن مراسلات بين الشيخ الطيب العقبي وعبد الحميد ابن باديس، وتمنى عبر المنتدى، أن تكون هذه المراسلات التي جمعت مادة أساسية في الإعلام.