فنانون ومبدعون يتحدثون في عيدهم الوطني لـ"المساء":

للتكريم شروط.. الاعتراف تثمين للإبداع و"قانون الفنان" تكريس للحقوق

للتكريم شروط.. الاعتراف تثمين للإبداع و"قانون الفنان" تكريس للحقوق
  • القراءات: 1389
لطيفة داريب/ دليلة مالك لطيفة داريب/ دليلة مالك

مع الاحتفال الوطني بالفنان المصادف لتاريخ 8 جوان، تطفو معه قضايا عديدة تتعلق به، وعلى رأسها قانون الفنان، بما في ذلك الحديث عن صون كرامته الاجتماعية والفنية. وقد يأخذنا هذا الحديث إلى ما يسمى بثقافة التكريم أو العرفان بالجميل، الذي أصبح يعرف انتشارا واسعا في المشهد الثقافي الجزائري.. ويسعد الفنان بالتكريم مثل أي إنسان كان، ولأنه شديد الحساسية ومرهف الأحاسيس، يطربه أن يتذكره الآخرون، ويسلطوا الضوء على إبداعه. لكن التكريم الحقيقي هو توفير الجو الملائم كي يقدم الفنان إبداعه، مع تحقيق فرص العمل له، ومن ثم تقييم إنتاجاته، وتسليط الضوء على ما يميزها على المستويين المحلي والعالمي.فنانون جزائريون، تحدثوا إلـى "المساء" عن ثقافة التكريم  انشغالاتهم وطموحاتهم في مجال الفن والإبداع وتغيير الذهنيات من أجل رد اعتبار الفنان، وهو ما تضمنه قانون الفنان والمسرحي الذي صدر بالجريدة الرسمية لإنصاف هذه الفئة بعد سنوات من المعاناة والضياع،، وستعود المساء إلى الموضوع في أعدادها القادمة..

سليم دراجي: تكريم الفنان شكر واعتراف

تساءل الشاعر سليم دراجي عن معنى أن يُكرَّم الفنان. وأجاب بأن تكريم فنان ما يعني الاعتراف بما أنجز من أعمال إضافية، تساهم في صناعة المشهد الفني مهما تكن طبيعة الفن الذي يمارسه، وبالتالي يُعد التكريم شكرا له، وحافزا، ليضيف الأجمل في مساره الفني. وتابع: "التكريم هو أيضا ترسيم لاسم الفنان في سجل الفن، لذلك يجب أن يختار المكرَّم بعناية فائقة من قبل المعنيين بالتكريم؛ أي أن يكون نظير المستوى والمنجز الفنييْن، وليس اعتباطا أو على أساس المعارف والقرابات، من جهة. ومن جهة أخرى، لما لم يتوفر الشرط الأول رأينا تكريمات بالجملة، وهي تكريمات تحط من قيمة الفن والفنان أكثر مما تخدمه وتحفزه؛ فالتكريم الذي يكون بتقديم شهادة من ورق، هو عبارة عن إنجاز فواتير، وملء وثائق إدارية لصالح الجهة المكرِّمة على حساب الفنان، فهذه الثقافة تدخل في إطار الفساد إن كانت من مؤسسات رسمية. أما إن كانت من جمعيات ونواد فقيرة فهي مبادرات تنمّ عن محبة وتقدير لا غير". ولهذا طالب سليم المؤسسات القائمة على رأس الثقافة والفن عبر الوطن، بأن تراجع هذه السياسة، لتضع الفنان الحقيقي في مكانته اللائقة به؛ باختياره، أولا، تبعا لمسيرته ومنجزاته ووزنه في عالم الفن، ثم تكريمه تكريما يليق بمقامه، مضيفا: "إننا في عصر المادة، والفنان يعيش الفقر المدقع، ومن هنا وجب تكريمه بما يساعده على اقتناء ما ييسّر له ممارسة عمله الفني، ويجعله متميزا بين الناس؛ فالنخبة لا تظهر في الجزائر ما لم تدعمها المؤسسات الرسمية ورجال المال والأعمال والإعلام؛ الذي يعمل في كثير من الأحيان، على تهميش الفنانين الحقيقيين، ويتعامل مع أدعياء الفن، ليجعل منهم أسماء فنية، الفن بريء منهم، إما عن جهل أو قصد.

ل.د

شمس الدين بلعربي: أتحرج من تجاهل أعمالي!

قال رسام ملصقات الأفلام بالطريقة اليدوية شمس الدين بلعربي، إن تكريم الفنانين يجب أن يكون عبر مرحلتين، أولهما إصدار قانون خاص بالفنانين، وثانيها الاحتفاء بالفنانين، الذين ساهموا عبر مسارهم الفني الطويل، في تقديم وجه مشرف للوطن، مضيفا: "إننا أمام ساحة فنية تعج بالفوضى، ويتم فيها تهميش الفنانين الذين أفنوا حياتهم في إسعاد الناس من خلال تقديمهم فنا نبيلا". وتابع: "هناك من الفنانين من تم تكريمهم خارج وطنهم في السنوات الماضية ، ومنهم من لم يحصل حتى على اعتراف بالحصول على بطاقة فنان، وهذا أمر خطير يضر بسمعة الفن والثقافة الجزائرية على المستويين المحلي والعالمي".

كما تحدّث الفنان الوحيد المتخصص في مجاله على المستويين العربي والإفريقي، عن عدم اعتراف وزارة الثقافة بما يقدمه في الجزائر، فقال إنه يتحرج حينما يسأله الصحفيون الغربيون عن التجاوب   مع ما يقدمه؛ لأنه لا يستطيع ـ حفاظا على سمعة بلده ـ أن يخبرهم بالحقيقة، التي مفادها تعرضه للتجاهل التام من طرف وزارة الثقافة.

ل.د

جهيدة هوادف: الجمهور هو من يحدد هوية المكرَّمين

أكدت الفنانة التشكيلية جهيدة هوادف، أن الفنان الذي يحافظ على أنفاس فنه رغم كل العقبات التي تقف في طريق شغفه وإبداعه ويستمر في المقاومة من خلال تسلحه بالنفَس العميق والصبر اللامحدود وتقديم جزء كبير منه لمجتمعه وبلده وللإنسانية جمعاء، يستحق، فعلا، التقدير والإشادة والتكريم، مضيفة: "حينما يأتي هذا الاعتراف من بلده، يشكل ذلك مرجعية هامة، تعزز الهوية الوطنية".

وبالمقابل، اعتبرت جهيدة أن الجمهور هو الذي يتعين عليه تحديد المكرمين اعتمادا على إنجازاتهم الواضحة أمام العلن، إلا أن الواقع يقول غير ذلك؛ فالجمهور، في أغلبه، لا يتابع ما يبدعه الفنانون، "وبهذا يصبح التكريم مجرد شكليات، تدخل سريعا في طي النسيان!".

ل.د

فوزي سايشي: الفنان بحاجة إلى عمل

أكّد الفنان فوزي سايشي أنّه ليس ضدّ التكريم إلاّ أنّه لا يساند مثل هذه التظاهرات، لأنّه يعتبر التكريم هو تحقيق فرص العمل وحتى ولو حدث أن كرّم الفنان فيجب أن يكون بمبلغ مالي محترم وليس بشهادات وكفى.

وتابع ضاحكا "قديما حينما كان يكرّم الفنان الذي بلغ من العمر عتيا، يموت بعد فترة وجيزة"، وتابع مجدّدا "حينما يتقدّم العمر بالفنان ماذا يحتاج من هذا التكريم؟. صحيح أنني مثلا أنوّه بشكل ما بالتكريمات التي تنظمها جمعية الألفية الثالثة، لكن تكريم الفنان الحقيقي يتمثّل في توفير العمل له".

وتحدث سايشي عن تكريم الفنان صالح أوقروت وقال إنّ هذا الفنان معروف لدى العامة بعطائه وما يحتاجه الآن ليس تكريما بل دعاء بشفائه.

ل.د

عبد الرحمن بختي: التكريم هو تحفيز وعرفان

اعتبر الفنان التشكيلي عبد الرحمن بختي، أن تكريم الفنان يمثل تحفيزا معنويا له قبل أي شيء آخر، إضافة إلى كونه عرفانا بما قدمه في تنوير المجتمع، مضيفا أن الفنان هو عضو فعال في ترقية الشعوب لإدراك أدق للحياة.

وأشار بختي إلى ضرورة أن يكون التكريم موضوعيا ومبنيا وفق مقاييس صحيحة؛ كي يشكل حافزا للفنان على أن يبدع بشكل نوعي وكمي. "بيد أننا نرى في كثير من الأحيان، تنظيم تكريمات فلكلورية، تمنح بحكم الزمالة والمحسوبية، وهذا يضر بالفعل الثقافي والفني"، يؤكد بختي.

ل.د

عبد الحليم كبيش: أقترح استبدال الشهادات بصكّ ماليّ

نوّه الفنان التشكيلي عبد الحليم كبيش، بفعل تكريم الفنان في حياته، لكنه اشترط أن يكون التكريم في حد ذاته، عاكسا لمستوى الفنان المكرَّم، لهذا طالب بأن تُستبدل تلك الشهادات والهدايا التي غالبا ما تكون عبارة عن طقم فناجين القهوة أو ساعة حائطية معطلة، بصك بريدي، يحمل رقما طويلا "مليون دينار جزائري" مثلا.

ل.د

بشير مفتي: التكريم هو أن يعيش الفنان كريما

أشار الكاتب والناشر بشير مفتي، إلى عدم معرفته بالتكريمات التي تحدث؛ لأنه لا يتابع مجريات الساحة الأدبية، لكنه مع ذلك، قال إن تكريم الفنان أو المبدع بشكل عام، يكون أولا وقبل كل شيء، بتوفير مناخ عام يساعد هذا الفنان على الإبداع وتقديم الجيد، مضيفا: "إلى حد الساعة المناخ الثقافي العام سيئ، خانق، يقتل أي رغبة، ولا يدفع المبدع إلى تقديم الأجود والأفضل".

وأكد مفتي أنه ليس ضد التكريم إن كان صاحبه يستحق ذلك وكانت له تجربة محترمة في الميدان، مشيرا إلى أن كل المجتمعات تكرم مبدعيها، إلا أنه يعتقد أن أحسن تكريم يظل في توفير الشروط الضرورية ليعيش الفنان كريما، وفي مناخ يقدّر الإبداع والمبدعين حق قدرهم.. عكس ما هو موجود حاليا.

ل.د

أمال حيمر: يجب أن يكون متواصلا وليس مناسباتيا

اعتبرت الفنانة أمال حيمر أنّ تكريم الفنانين هو عبارة عن سلاح ذو حدين، صحيح أنّه محفّز ومشجّع للفنانين، لكن في نفس الوقت ليس له قيمة في ظلّ الظروف التي يتخبّط فيها الفنان، خاصة وأنّه يعاني في الكثير من الأحيان من البطالة، مضيفة أنه من المفروض أن هذا التكريم تحصيل حاصل بالنسبة لفنان أفنى عمره في خدمة الفن، لكن التكريم الحقيقي –حسبها- هو أن يشتغل الفنان وفق ظروف مواتية.

كما دعت أمال إلى ضرورة تكريم الفنان بتوفير ما يحتاجه، لكن يبقى التكريم الحقيقي في تحسين ظروف الفنان وتوفير العمل له، وليس بتكريمه في المناسبات بل الفنان يستحق أن يعمل في ظروف مناسبة طيلة مشواره.

ل.د

كريم بوشطاطة: ثقافة التكريم كانت غائبة

أكد المصور الفوتوغرافي كريم بوشطاطة، عدم وجود ثقافة تكريم في الجزائر في الوقت السابق، وأن في العادة كان يتم تكريم من رُضي عنهم. أما البقية والتي تمثل الأغلبية الساحقة، فلا تنال حقها من التكريم، وبالأخص التي يعيش فنانوها في المناطق الداخلية من الوطن.

واعتبر صاحب صورة الصحراء في الثلج التي نُشرت في أشهر الجرائد العالمية مثل "بليد" الألمانية و"صن" الإنجليزية،  مضيفا أنه يرى نفسه فنانا حرا؛ فهو يمارس هواية الرسم بما أنه إطار في الدولة. كما يسعى إلى تمرير رسائله بشكل فني بعيدا عن كل وصاية. وفي هذا قال: "لم أشأ إنشاء جمعية؛ لأن هذا الأمر يجعلني تحت وصاية مؤسسات، بل أنا فنان حر؛ لهذا مثلي من الفنانين لا تحبّذهم بعض الجهات؛ لأنها لا تستطيع التحكم فيهم".

وتحدّث عن ضرورة تشجيع المواهب، وتنظيم فعاليات شفافية، خاصة أننا نعيش متغيرات كثيرة، مثل تشغيل اليوتوبرز، وتهميش خريجي الجامعات، لهذا دعا كل الشباب إلى محاولة تجسيد إبداعهم على أرض الواقع من دون انتظار لا تكريم ولا دعم.

ل.د

نصر الدين قاليز: يجب توفير العمل وفضاء للإبداع

قال فنان الأغنية الشعبية نصر الدين قاليز إنّ التكريم أمر مستحب، إلاّ أنّه لا يجب أن يكون مناسباتيا، أي أن يتم تذكر الفنانين في اليوم الذي حدّد بأنه يومهم الوطني، ويوافق ذكرى استشهاد الفنان والشهيد علي معاشي، رحمه الله، ومن ثم نسيانهم بقية أيام السنة، مضيفا أنّ تكريم الفنان لا يقصد به منحه المال بل توفير فرص الشغل له ومن ثم الفضاءات التي تمكّنه من تقديم إبداعه.

وذكر قاليز أنّ الفنان أيا كان مجاله، يغذي موهبته بالتكوين، ومن ثم يقدّم إبداعه للجمهور وبعدها يقيّم عمله حسب رد فعل المتلقي، فلا يمكن للفنان مثلا أن يغني في الحمام لوحده، بل عليه أن يقدّم فنه أمام جمهور يحكم على إبداعه، ليعود ويؤكّد أنّ تكريم الفنان يتمثّل في تحقيق فرص الشغل وتوفير الفضاءات كي يؤدي فيها رسالته.

ل.د

ناريمان سعدوني:  تكريم الفنان هو إحياؤه من جديد

قالت الفنانة التشكيلية والناقدة ناريمان سعدوني، إنه لا يمكن الاعتراف بالفنان إلا من خلال إنتاجاته وتظاهراته وجمهوره، وبالأخص من خلال ما يكتبه النقاد في الإعلام، مؤكدة دور الإعلام الكبير في تسليط الضوء على الفنانين، والكشف عن إبداعهم للجمهور. وأضافت أن الفنان يبدع بغية التعبير عن نفسه وفكره وخوالجه، وأن تكون له مكانة في الوسط الفني وتأكيد موهبته أمام العلن، وبذلك فهو معرَّض بشكل تلقائي، للنقد، وأحيانا لإصدار أحكام عنه وعن إبداعه. كما يتم تصنيفه في "فئة معيّنة" حسب صنف فنه ونوعيته وتأثيره على أحداث محيطه.

وتابعت أن الفنان يجب أن يؤثر في محيطه؛ من خلال تقديم إبداع مميز سواء كان في المجال التصويري أو الموسيقي أو السينمائي أو النحتي، ومن هنا يحقق الشهرة، مضيفة أن الفنان يبرز في الساحة الفنية من خلال تميزه، ويُفرَض عليه أن يغري الجمهور، ويفاجئه ويغذّي خياله؛ باعتباره المحفز للعواطف، كما تولد إبداعاته، وتثير نقاشا واسعا، وتعتبر وسيلة للتنبؤ بما سيحدث في المستقبل، ومؤشرا مهمّا لتحديد الهوية، مؤكدة في السياق، قدرة الفنان ـ بدون علمه ـ على أن يكون الميزان، والبارومتر، والمؤشر لقياس معدل استقرار الدولة.

واعتبرت ناريمان - مدربة التنمية البشرية بالسنغال - أن تكريم الفنان هو اعتراف وامتنان بإبداعه، داعية إلى أهمية تكريم الفنان في حياته، وتنظيم تجمّع حوله، يسمح له بتعزيز ثقته بنفسه وبفنه وبأولئك الذين يؤمنون به، وبالذين يحبونه؛ باعتبار أن الفنان يهمه جدا أن يكون محبوبا. وأضافت أن تكريم الفنان هو التعريف به أكثر للجمهور، وإعادة إحيائه، وكل هذا يجب أن يتم تنظيمه من طرف أصدقائه وعائلته والوصاية، مؤكدة أن تكريم الفنان بدون الكشف عن هوية المكرم، لا يخدم الفنان، بل يؤدي به إلى الشعور بإحباط شديد. وتابعت: "التكريم ليس مجرد تقديم الشكر على خدمة، ولا يقتصر على تقديم باقة من الزهور، وكوب، وإناء، ونسخة من اللوحة التي يتجاوز سعر الإطار المذهب، سعر اللوحة بكثير. كما أن التكريم ليس السعي لمساعدة فنان يحتضر".

ودعت ناريمان وسائل الإعلام إلى تغطية التكريمات، وجعلها حدثا كبيرا، وإلى استضافة في مثل هذا الحدث، جامعي التحف، والنقاد ومسيّري الأروقة والمنتجين والممولين وغيرهم، معتبرة أن العديد من البلدان بما في ذلك بلدنا، لديها دراية خاطئة عن التكريم. وأضافت أنه في كثير من الأحيان خاصة على مدار خمسة وعشرين عامًا الماضية، تم تكريم إما الفنانين الذين خدموا السلطة بشكل مباشر أو قاموا بتزيين صالونات خاصة، أو أنتجوا أفلامًا حسب المقاس، أو الفنانين الذين يعيشون البؤس جراء تعرضهم لأمراض، وهم في الحقيقة يحتاجون إلى مساعدة اجتماعية وليس إلى تكريم.

كما قالت الفنانة المخضرمة ناريمان: "لا يجب أن نخلط بين الولاء والشكر الشخصي والتكريم والمساعدة الاجتماعية"، مذكرة بأن "التكريم أكثر من ذلك بكثير؛ إنه تتويج، وفتح صفحة جديدة للفنان، إنه بداية جديدة، ونفَس جديد لإعادة شحن طاقات الفنان، وليكون معروفًا أكثر"، مضيفة: "عندما يُعرف الفنان تُعرض عليه فرص جديدة لمواصلة مساره الإبداعي، ويَبعد عنه خطر النسيان والتجاهل".

ل.د

مشري بن خليفة: الفنان بحاجة إلى الاهتمام أكثر

أكد الكاتب والناقد مشري بن خليفة، أن تكريم الفنان ينبغي أن يكون ضمن استراتيجية متكاملة، تبدأ بتوفير العمل له، وذلك بوفرة الإنتاج، وتشجيعه على أن يكون منتجا في مجاله، والعمل على خلق فرص حقيقية له؛ سواء على مستوى المسارح أو الإنتاج السينمائي أو التلفزيوني؛ من خلال خلق مؤسسات إنتاج حقيقية تابعة للدولة والخواص، ووضع كل الشروط المادية والتحفيزية كي يكون الفنان الجزائري عنصرا فاعلا في المشهد الفني، وأن تعطى له حقوقه ورعايته عند المرض، ووضع قانون خاص بالفنان يحميه. وتابع: "أما تكريمات الشهادات الورقية والاحتفال الكرنفالي فرغم أنه تكريم معنوي، إلا أن لا فائدة تُرجى منه؛ لأن الفنان بصفة عامة والكاتب والمنتج وكل من له صلة بالإنتاج الثقافي، مازال يعاني التهميش واللامبالاة، وهذا مؤسف جدا في بلد يمتلك طاقات كبيرة وفنانين وكتّابا كبارا. ورغم ذلك لا ينتج شيئا ينافس به في المحافل الدولية مثلما كانت الحال عليه في مرحلة الثمانينيات، عندما كان الإنتاج الفني الجزائري يحصد الجوائز في المسرح والسينما والفن التشكيلي، وجوائز الرواية والقصة والسيناريو وغيرها من الفنون. وكان الفنان الجزائري يكرَم دوليا في أكبر المهرجانات". وتابع مجددا: "الفنان الجزائري بحاجة إلى الاهتمام وليس إلى التكريم؛ لأن التكريم يأتي بالعمل والإنتاج الفني، الذي يرتقي به في كل المحافل".

ل.د

لمين عمور دريس دكمان: تكريم الفنان في كبره "شحاذة"

أكد دكمان أن تكريم الفنان حينما يصبح عجوزا، غير مهم للبتة، مطالبا في السياق نفسه، بأن يتم في حياته، وبالأخص حينما يكون معطاء؛ من خلال الاستفادة من إبداعه وأفكاره، ودعمه على المستويين المحلي والعالمي. وأضاف أن تكريم الفنان في آخر سنوات عمره، يشبه "الشحاذة"، بينما التكريم الحقيقي بالنسبة للفنان التشكيلي خاصة، يتمثل في تنظيم السوق الفني، وشراء أعمال الفنان بعد تقييمها، لينتقل إلى أهمية تكريم كل المميزين في جميع الفنون والصناعات رغم تحيّزه للفنان الذي يغرس الجمال في مجتمع، ويمثل هوية بلده. ومَثل المتحدث بدعم الدولة الفنانين، خاصة من أمثاله، الذين يعيشون من فنهم، فذكر أنه يسكن في بيت بالأجرة بالقرب من مفترق طرق في قاريدي2، ومستعد رفقة فنانين آخرين، لتزيين هذا المفترق الذي تتقاطر منه البشاعة مقابل مبلغ مالي. كما أكد قدرة الفنان على تحريك اقتصاد الدول؛ من خلال تزيين ووضع تصاميم الأثاث والحلي والسيارات، علاوة على ارتفاع قيمة لوحات التشكيليين المرموقين خاصة الراحلين منهم، فذكر أن لوحة إسياخم قد يصل سعرها إلى ملياري سنتيم. وبالمقابل اعتبر دكمان أن الفنان الجزائري ليس الذي ينهل من التراث وحسب، بل هو أيضا الفنان المعاصر، ليدعو مجددا إلى أهمية أن يكرَم الفنان من خلال تقييم عمله، والاستفادة منه، ممثلا بتعامل إذاعات وتلفزيون دول الجوار مع الفنان حينما يشارك في برامجهم؛ إذ تدفع لهم مبلغا ماليا، وهو ما لا يحدث في الجزائر، وما اعتبره تقليلا من قيمة هذا الفنان.

ل.د

المسرحيّ وحيد عاشور: الكفاءة هي الميزان

أكد الممثل المسرحي وحيد عاشور أنه يريد أن يكون التكريم في العمق، وتكريما حقيقيا. وتابع يقول: "الفنانون ضائعون، ولولا حبنا للمهنة لاعتزلناها منذ مدة، ولكن القلب لحمة، ولا نستطيع تغيير مهنتنا ورسالتنا الفنية...أحسن تكريم هو منح فرص عمل أكبر وليس تركنا حتى لا نجد ما نقتاته".

ثم تحدّث عن التكريم الحقيقي، الذي يراه متمثلا في تنظيم المهنة، ووقوف الدولة على تطهير القطاع من الدخلاء والمتطفلين، وإعداد قانون الفنان، الذي يساهم فيه رجال من قطاع المهنة؛ مسرحيون وسينمائيون وفنانون تشكيليون، وكل العائلة الفنية. كما شدد على وجوب تزكية الفنانين المكرمين من طرف مجموع الممارسين، وليس أسماء تعطى من تحت الطاولة، كما هي الحال عليه الآن.

وعرّج وحيد عاشور على حال الفنان الذي ضاقت به الفضاءات حتى يشتغل، وقال: "كيف، بالله عليكم، توظيف الممثلين والمخرجين والمسارح متوقفة؟! أين  نعمل؟!". واسترسل: "فرص العمل بالمسلسلات والأفلام قليلة جدا، وإن وُجدت فالأدوار توزَّع بالمحسوبية، وحسب مظهرك وليس حسب كفاءتك مع استثناءات قليلة!".

وعن وضعيته قال: "كيف لا أستطيع العمل بأي مسرح جهوي وأنا عملت بمسرح حكومي بألمانيا، وعملت بالمركز الوطني للفنون الركحية بالكاف في تونس لمدة 7 سنوات، وآخر ثلاث سنوات، ترقيت إلى منصب مدير فني، بالإضافة إلى تجربتي المشرّفة جدا بالجزائر والمكللة بأكبر الجوائز.. فهل يُعقل هذا؟!".

د.م

التشكيليّ حمزة بونوة: ضرورة الانتقال إلى الاهتمام المتواصل

"تكريم الفنان شيء جيد، وهو بمثابة اعتراف بقيمته في المجتمع، لكن يبقى التكريم الحقيقي هو اقتناء أعماله في فترات مختلفة من حياته، ومنحه مشاريع فنية يستفيد منها سواء داخل الوطن أو خارجه، والانتقال من فكرة المناسباتية إلى ثقافة الاهتمام المتواصل للحفاظ على إنتاجات الفنان الجزائري في مختلف الفنون".

د.م

المسرحيّ هشام بوسهلة: ثقافة التكريم لازالت فتية

من جهته، قال الممثل المسرحي هشام بوسهلة: "ثقافة التكريم في وطننا لازالت فتية محتشمة؛ فهي تحت سلطة الوصاية ولم تغادر أدراجها، مازالت الحال كما كانت؛ فلا نكرم الفنان لعطائه أو لنجاحه وتشجيعه وقت نجاحه،  لازلنا نقدم التكريمات لمن هو أكبر سنا؛ وكأن تكريم الفنان مرتبط بعمره! ويعتقد بوسهلة أن التكريم الصحيح هو منح الفنان قانونه الخاص، الذي يحميه كفنان، ويكرمه كفنان؛ فبوجود هذا التشريع تأتي كل التكريمات التي يستحقها الفنان الناجح والمعطاء.

د.م

المصوّر الفني فضيل حدهوم: ورقة تبييض سمعة وتبرير وجود

قال المصور الفني فضيل حدهوم بالخصوص: "يمكنني أن أقول إن هذا المفهوم (ثقافة التكريم) يكاد يكون غائبا بمعناه الحقيقي عندنا. ويكفي أن نحصي المناسبات خلال الأعوام الماضية التي تم تكريم شخصيات ثقافية وفنية فيها، لنتأكد من غياب هذه الثقافة، سواء على مستوى شكل التكريم أو على مستوى الأسماء المكرمة، وحتى من يمنحون التكريمات من الجهات غير الرسمية التي أصبحت تستعملها كورقة تبييض سمعة وتبرير وجود". وأردف: "نادرا جدا ما تذهب التكريمات إلى أصحابها الحقيقيين من الأسماء الثقافية والفكرية التي قدّمت تجارب محترمة ومسيرة طويلة تستحق العرفان، وحتى الشباب الذين يجتهدون لتقديم الإضافة في مجالات مختلفة، لا يحصلون على الاعتراف ولا التشجيع مادام الكثير من الأشخاص في مؤسسات رسمية وغير رسمية،كانوا يضعون معايير التكريم على أساس ضيق، يمنح الشرعية للشللية والمصالح وتقديم الخدمات المتبادلة على حساب التقدير المعنوي لصفة المفكر والمبدع والمثقف، وللتجارب المشرّفة".

وفي تجربة خاصة، أكد: "شخصيا واكبت بالحضور والتغطية كمصور فني، عددا كبيرا من المناسبات التي كُرم فيها فنانون ومثقفون جزائريون، ليست كلها غير مستحَقَة أكيد، ولكن هناك منها مهرجانات كرمت أسماء فنية فارقت الحياة، بعضها وفاءً للفنان ومساره الإبداعي، وبعضها استثمارا في الراحلين، واستغلالا لأسماء فنية كانت تتمنى الحصول على تكريم أو التفاتة صغيرة قبل رحيلها". وأنهى قوله: "لقد تميز التكريم عندنا في كثير من الحالات، بكونه لصيقا بالحالة الاجتماعية للشخص المكرَم، فبعض الجهات لا تلتفت إلى عطاء الفنان حتى يمرض أو يصرح بفقره وعوزه للأسف، وهذا مهين جدا لإنسانية المفكر أو الفنان قبل مساره وتجربته الفكرية والإبداعية!".

د.م

عائلة بقطاش: والدنا خالد في الأدب

تساءلت عائلة بقطاش عن ما سمته "تجاهل"  وفاة الأديب مرزاق بقطاش، الذي رحل عنا في الثاني جانفي الفارط؛  وأضافت أن الأديب لم يطلب شيئا. كما دفع تكاليف علاجه من حر ماله؛ بداية من محاولته العلاج من تداعيات ضعف بصره، ونهاية بالعمليات الجراحية التي خضع لها قبل وفاته بأشهر قليلة،  وتابعت: " نعتبر أن أديبا مثله أفنى حياته في الكتابة ـ والدليل أن كتابه الأخير صدر بعد وفاته ـ يستحق أكثر من مجرد كلمات،  وأضافت: "والدنا خالد في الأدب، وسيذكره التاريخ لا محالة".

ل.د

عصام تعشيت: الفنان المنتج حيّ

قال السينمائي ومحافظ مهرجان إيمدغاسن عصام تعشيت، إن التكريم الحقيقي للفنان ليس بمنحه مالا يوم تكريمه أو تسليمه شهادة يعلّقها في جدار منزله، وإنما هو توفير العمل الدائم له حتى يبقى "حيا". وأضاف أن الفنان يحتاج للعمل كي يشعر بوجوده، لهذا يحاول رفقة طاقم مهرجان إيمدغاسن، أن يكرم هذه الوجوه؛ بإدراجها ضمن لجان التحكيم الدولية للمهرجان، أو حتى إعطائها فرصة لتأطير ورشة من الورشات لصالح الشباب، معتبرا أن هذا هو التكريم الحقيقي؛ من خلال جعل الفنان يشعر بوجوده، وكذا توفير فرص العمل له، وليس تذكره في نهاية مشواره وكأنه انتهى!

ل.د

الشاعر الشعبي توفيق ومان: تحفيز المبدعين للعمل أكثر

قال الشاعر توفيق ومان إن ثقافة التكريم في الجزائر جديدة في الوسط الثقافي الجزائري، وربما كانت السياسات السابقة مجحفة في حق المبدعين الجزائريين، حيث كان الاعتراف أو التكريم بعد وفاة المبدعين، على رأي المثل الجزائري الشائع: "كي كان حي مشتاق تمرة، وكي مات علقولو عرجون!"، فكان المبدع يحرق مادته الرمادية ويثري ثقافة بلده، وهناك من شرف وطنه في المحافل الدولية الكبرى، لكن لما يعود إلى وطنه لا يجد اهتماما، فما بالك بتكريمه! وهناك حتى من يشارك في مسابقات ومؤتمرات، وتكون على تكاليفه الخاصة، ومن هنا يئس المبدع الجزائري. لكن منذ سنوات بدأت ثقافة التكريمات تروَّج في الوسط الأدبي والثقافي عموما، وخاصة من طرف الجمعيات والهيئات الخاصة؛ ما أدى بالسلطات إلى أن تتبع هذه المبادرات . وصارت السلطات الوصية تقوم بتكريم المبدعين المميزين والذين قدّموا أعمالا مميزة وكان لمشوارهم الإبداعي عطاءات كبيرة في المجتمع والوطن. وإذ تُعتبر هذه التكريمات مهمة من الناحية المعنوية والمادية كذلك، وتحفز المبدعين على العمل أكثر.

د.م

الممثلة وهيبة باعلي: خلق فرص للعطاء

"بما أنه لا يوجد قانون للفنان يعرف ماهيته ولا يصنف من هو، فمن الأجدر أن يكون التكريم للمبدع الذي وضع بصمة فنية في المشهد الإبداعي"، وفقا للممثلة المسرحية المتميزة وهيبة باعلي. وقالت إن التكريم في الجزائر غالبا ما كان سابقا يسلَّط على الأسماء المعروفة أو التي لها صيت إعلامي؛ إذ لا توجد خارطة أو استراتيجية ملمّة بالمبدعين في كل القطر الجزائري.

وعن شكل التكريم، أكدت المتحدثة أن تقديم شيك لائق وفتح فرص للعمل والإبداع، كلاهما جميل، ويدفع إلى خلق فرص للعطاء.

د.م