الدكتورة مباركة بلحسن لـ"المساء":

لابدّ من تعزيز قدرة السينما على إعادة رسم صورة الجنوب

لابدّ من تعزيز قدرة السينما على إعادة رسم صورة الجنوب
الدكتورة مباركة بلحسن
  • 166
حاورتها بتيميمون: نوال جاوت حاورتها بتيميمون: نوال جاوت

يمثّل الجنوب الجزائري فضاءً غنيًا ومتنوّعًا من الناحية الثقافية والاجتماعية، حيث تتلاقى الهويات المحلية واللهجات المتعددة مع الانفتاح على المحيط الصحراوي الإفريقي. إلا أن هذا الواقع الدينامي لا يجد انعكاسه الكامل في الخطاب السينمائي الوطني، الذي غالبًا ما يقدّم الجنوب من خلال صور نمطية تتّسم بالهدوء والسكون والغرائبية، متجاهلة التنوع الثقافي الحي والثراء الرمزي والاجتماعي لهذا الإقليم.. في هذا الحوار مع "المساء".

تتناول الدكتورة مباركة بلحسن التناقض بين الدينامية الفعلية للجنوب و"ستاتيكية" التمثلات السينمائية، موضحة أسباب استمرار الصور النمطية، وعلاقة الإنتاج السينمائي بالتحولات الاجتماعية والثقافية، ودور المهرجانات السينمائية المحلية، مثل مهرجان تيميمون، في إعادة تشكيل نظرة السينما الوطنية تجاه هذه الجغرافيا الغنية والمتنوعة. يقدم الحوار قراءة عميقة للعلاقة بين الإنسان والفضاء في الجنوب الجزائري، بين الواقع والتصوير البصري، ويبرز أهمية المبادرات الثقافية في تطوير الإنتاج السينمائي المحلي وتجديد الخطاب السينمائي الوطني.

بالمناسبة، اعتبرت الدكتورة مباركة بلحسن أنّ المهرجانات السينمائية في الجنوب، مثل مهرجان تيميمون للفيلم القصير، تلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل نظرة السينما الوطنية للجنوب الجزائري، مشيرة إلى أن المؤسسات الثقافية مؤخرًا أصبحت تشجع على السرديات المحلية والجديدة، اقتناعًا منها بأنها من بين الحلول المناسبة لإنتاج سينما نوعية وفعالة تتجاوز التمثلات السينمائية القائمة على النمطية والصور الجاهزة. وأوضحت أن هذه المهرجانات تعمل كمنصات للتبادل الثقافي والإبداعي، وتعزز قدرة السينما على إعادة رسم صورة الجنوب بما يتماشى مع ديناميكيته الاجتماعية والثقافية.

عن الدينامية الفعلية للجنوب الجزائري مقابل التمثلات السينمائية السائدة، قالت الدكتورة بلحسن إن الجنوب يتميز بثراء وتنوع ثقافي، وبتركيبة سوسيو-ثقافية ولهجات مختلفة، وانفتاح على البيئات الأخرى، بينما السينما غالبًا ما تقدمه في صور نمطية تتكرر، تصوّره كلوحة فنية للهدوء والسكون والخيال والغرائبية. هذا التناقض يعكس، حسبها، عدم مطابقة الخطاب السينمائي للتنوع الحيوي والديناميكية الثقافية الحقيقية للجنوب. وأضافت أنّ أسباب عدم مواكبة السينما الجزائرية للتحوّلات الاجتماعية والثقافية المتسارعة في الجنوب تعود جزئيًا إلى ضعف التمثيل الواقعي لهذه الديناميات، أو إلى اعتمادها على الصور الجاهزة، بينما الواقع يظهر تنوّعًا ثقافيًا حيًا ومتجدّدًا بفضل الموقع الجغرافي والانفتاح على المحيط الصحراوي الإفريقي الشاسع، وتنوّع اللهجات، وثراء العمارة والفنون الشعبية، وممارسة الموسيقى، والانفتاح الهوياتي.

وحول استمرار الصور النمطية، أوضحت الدكتورة بلحسن أن السينما عنصر أساسي يجدد علاقة الإنسان بالفضاء ويساهم في بناء مخياله الاجتماعي، فهو يتغذى من المجتمع ويغذيه. وأضافت أن فكرة إقامة مهرجان الفيلم القصير بتيميمون ستشجع المنتجين على تجديد نظرتهم وتمثلهم للجنوب وعلاقة الإنسان بالفضاء بكل ما تحمله من رمزية وواقعية، كما ستمنح الإنتاج المحلي دفعة من الجرأة والابتكار. وأكدت في ختام حوارها أن المهرجانات والمؤسسات الثقافية معًا توفر بيئة داعمة لتطوير سينما وطنية تعكس الواقع الدينامي للجنوب الجزائري، بعيدًا عن الصور النمطية التي طالما سيطرت على التمثلات البصرية لهذه الجغرافيا.