الأستاذ الجامعي حمودي لعور لـ "المساء":

لا توجد رؤية واضحة للمسرح الجزائري

لا توجد رؤية واضحة للمسرح الجزائري
الأستاذ حمودي لعور
  • القراءات: 757
ز. زبير ز. زبير

يرى الأستاذ حمودي لعور، محاضر بكلية الفنون والثقافة بجامعة قسنطينة 3، أنه لا توجد رؤية واضحة للفن المسرحي بالجزائر، معتبرا أنه يجب البدء بطرح سؤال جوهري، هو: ماذا نريد من المسرح؟ سواء بالنسبة للمشتغلين بالمسرح أو النقاد أو الجامعة والمعاهد التي تقدم التكوين. ويرى أن الحل الوحيد في تطوير الفن الرابع هو تكاتف الجهود، والعمل بإخلاص بين الفاعلين في القطاع، وطرح الأسئلة الحقيقية لحل المشاكل الموجودة.

اعتبر الأستاذ حمودي لعور في دردشة مع "المساء" على هامش ندوة "مهن المسرح بين التقليد والعصرنة" التي احتضنها مسرح قسنطينة الجهوي خلال الأيام الفارطة في إطار الطبعة التاسعة من الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة، أن رغم وجود نشاطات ومهرجانات خاصة بالمسرح في الجزائر، إلا أن نفس الأسئلة تبقى بدون جواب، خاصة ما تعلق منها بواقع الفنان البعيد عن إطاره المعتاد، وغياب الجمهور، متسائلا كيف يمكن جلب الجمهور ولغة الخطاب غائبة، وأغلب الذين ينتجون للمسرح يخاطبون أنفسهم بعيدا عن الجمهور؟

وحسب الأستاذ حمودي لعور فإنه بعد قرن من الممارسة المسرحية بالجزائر، وجب على المسرحيين أن يعرفوا من حيث يبدأون، ويبتعدوا عن المشاكل المختلقة التي تخرج وتطفو على السطح؛ سواء عن علم أو عن جهالة، مضيفا أن التعجل في إيجاد الحلول البسيطة والجاهزة يفسد الأمور أكثر من إصلاحها، ومقترحا جلسة عميقة بين الفاعلين المحبين للمسرح، لتقييم كامل المسار على مستويات متعددة، وأن يكون عمل متكاتف، وكل يعمل من منطلق تخصصه من أجل هدف واحد، هو تطوير المسرح الجزائري.

ويسترسل محدثنا في كلامه، ويؤكد أن الحل يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع، بدءا من الجامعة، والمعاهد التي تشرف على التكوين، حيث يرى أنه يجب عليها ضبط أهداف معيّنة، والإجابة عن سؤال واضح، وهو "ماذا تريد الجامعة من المسرح؟". وقال إن فتح التخصصات في الفنون بدون معرفة احتياجات سوق العمل أيضا، أمر يدعو إلى المراجعة، مركزا على ضرورة الاهتمام بطبيعة ونوعية التكوين. كما يرى محدثنا أن هناك دورا مهما تلعبه وزارة الثقافة والفنون في تنظيم المسارح وفتح المسارح الجهوية على الجميع من أهل المهنة؛ من جمعيات ومجتمع مدني.

وطالب الدولة بتوفير البنى التحتية، والابتعاد عن التحكم فيها، حتى يكون تنافس وحركة مسرحية، تستطيع توليد الإبداع. وقال إنه وقف على الاختلاف بين المسرحيين في العديد من القضايا، لكنه اعتبر هذا الاختلاف نابعا من "الحرقة" التي يرفعها الفنان حول انشغالاته، مضيفا أن الاختلاف في الرؤى يصنع التنوع، والمسرح أساسه الحوار البنّاء.

واعتبر الأستاذ لعور أن من بين الأمور التي استهلكت وقتا كبيرا بدون فائدة، قضية لغة المسرح، مضيفا أن القضية التي طُرحت في الستينيات بالجزائر مع السنوات الأولى للاستقلال حول اللغة الفرنسية والعربية أو العامية، أدخلت المسرح في دوامة، واستنزفت طاقات بدون جدوى، وكان من المفروض، حسبه، أن تسخَّر هذه الطاقة لتطوير البناء الدرامي في المسرح والبعد الجمالي. وقال إن المسرح الجزائري يحتاج إلى تضحيات حقيقية من طرف أبنائه؛ لأن الفن الرابع هو نضال قبل كل شيء.

وبخصوص تقييم راهن المسرح الجزائري، يرى الأستاذ لعور أن أي تقييم يحتاج إلى وقت، خاصة من الجانب الأكاديمي، الذي يُعد واحدا من المنتسبين إليه. وبرر ذلك بشساعة الجزائر التي تُعد قارة، داعيا إلى ربط العلاقة بين الممارس وبين فضاء الجامعة. وقال إن البحث العلمي يحتاج إلى وقت وإلى إمكانيات، مؤكدا أن هناك العديد من الدراسات التي تخص المسرح بالجامعات الجزائرية، لكنها لم تُستغل بسبب عزوف الممارس عن الأكاديمي والعكس، وبقاء كل طرف في برجه العاجي في ظل غياب التلاحم الذي يخدم المسرح، داعيا إلى تغييب الصراع والمنافسة بين الأكاديمي والممارس للمسرح. وقال إن كليهما يمثل جناحي المسرح؛ جناح النقد، وجناح الإبداع، ومن دونهما لن يستطيع المسرح الإقلاع.