”العالم، الثقافة، الدين، الإيديولوجيا” لإتيان باليبار..

صراعات الأديان ليست ثقافية

صراعات الأديان ليست ثقافية
  • القراءات: 503

صدرت عن منشورات ملتقى الطرق الترجمة العربية، حديثا، كتاب العالم، الثقافة، الدين، الإيديولوجيا للفيلسوف الفرنسي إتيان باليبار، بترجمة حسن الطالب، الذي يقول في تقديمه لهذا الكتاب، الذي يقع في 109 صفحات، إن من بين الأسباب التي دفعته إلى ترجمة مؤلف إتيان باليبار إلى اللغة العربية سد النقص في دنيا البحث الفاتنة في العلوم الاجتماعية في علاقة الثقافي والديني والإيديولوجي، ببحث رصين لأحد أعمدة الفكر الفلسفي المعاصر، وكذلك ارتباط معظم أطروحات الكتاب، بما يشهده مجتمعنا العربي من تحولات عميقة غالبا ما تتصدر فيها قضايا التحديث، والتجديد في علاقتها بالديني والثقافي والإيديولوجي مقدمة الأحداث.

أضاف الطالب أن باليبار، انطلق في كتابه من أطروحة رئيسية مفادها أن الاختلافات بين الأديان لا يمكن فصلها أبدا عن الاختلاف الذي يسم الثقافات باسم إيديولوجيا، تثوي خلف ثقافة ما، ورؤيتها للعالم بصفة عامة، وبناء عليه، يضيف الطالب، فإن الانتقال بهذا الاختلاف من كونه مجرد اختلاف ثقافي أو ديني أو تعددية ثقافية، إلى كونه إيديولوجيا، يعني محاولة من المؤلف لإضفاء بعد سياسي على الجدل الدائر حول الاختلاف المذكور.

هكذا فإن إتيان باليبار يعتبر أن معظم الصراعات الدينية اليوم بين الإسلام والمسيحية واليهودية مثلا، هي صراعات سياسية أكثر مما هي دينية، ذلك أن الاختلاف بين ما هو مقدس ودنيوي، تتحكم فيه مصالح مادية وسياسية قبل كل شيء. يفهم من محاولة باليبار هذه أنه يؤمن بوجود آليات للسلطة والهيمنة، تثوي خلف أي خطاب ديني، وتكون مغلفة بمجموعة من الطقوس والشعائر والمعتقدات الدينية، مستشهدا بالجدل الدائر حول حظر ارتداء الحجاب أو البرقع على الفتيات المسلمات في المدارس الفرنسية، حيث رفض هذا القرار المجحف، كما رفض وصاية الدولة السياسية التي جعلت من هذا الموضوع موضوع نزاع، بدا أنه سياسي بامتياز، استغل لتصفية حسابات سياسية بين اليمين واليسار الفرنسييْن من جهة، وبين الدول العلمانية والإسلام من جهة أخرى.

ويرى حسن الطالب، في مقدمته، أن باليبار يوجه في مؤلفه نقدا للمقاربة الثقافية المتعددة، لقصورها عن تحليل ملائم لتجليات الصراع الديني والثقافي اليوم، حيث يشدد على وضع الإشكالية المركزية لصراع الثقافات والأديان في مكانها، ليخلص إلى أنها إشكالية لا يمكن اختزالها في علم اللاهوت، ولا في النزعة الثقافوية، ولا في الأنثروبولوجيا الثقافية، ولا كذلك في ثنائية تسامح/ عدم تسامح، وإنما تأخذ في حسابها ما يسميه بـ«اختلاف في المواطنة، وهو اختلاف سياسي في حقيقته وليس دينيا ولا ثقافيا بالدرجة الأولى.