الأستاذة جميلة حنيفي تلقي محاضرة افتراضية

كورونا تحت مجهر الفلسفة

كورونا تحت مجهر الفلسفة
الأستاذة والباحثة في الفلسفة جميلة حنيفي
  • القراءات: 1236
لطيفة داريب لطيفة داريب

كورونا تحت مجهر الفلسفة هو عنوان المحاضرة التي ألقتها الأستاذة والباحثة في الفلسفة جميلة حنيفي، افتراضيا، خلال مشاركتها في احتفاء حلقة منيرفا في اليوم العالمي ، تحت شعار الفلسفة في زمن الجائحة”.

تساءلت الأستاذة جميلة حنيفي من جامعة الجزائر2، عن كيفية تعاملنا مع وباء كورونا؟ وقالت إنه بالطبع ليس سهلا تطويع كورونا للتناول الفلسفي، ولكن الفلسفة عودتنا بأدواتها المعتادة؛ الفهم والتحليل والنقد، على مجابهة ما يعجز العلم عن حله إلى حين.

وتابعت أن كورونا من زاوية فلسفية ليست مجرد مرض يحتاج إلى وقاية ولقاح، بل هي ظاهرة ذات دلالات مختلفة؛ أخلاقية، واجتماعية، واقتصادية، ودينية ووجودية أيضًا، مضيفة أنه إزاء هذه الكارثة الكونية إذن وبعيدا عن منطق اليقين والتوكيد، يكشف المجهر الفلسفي الخاص بأغوار جائحة كورونا، عن ست قضايا دالة وإشكالية، وهي: سذاجة سردية التقدم الإنساني التي ذكرت فيها أن المستقبل اليقيني مجرد وهم صنعه الساسة والحالمون، وأن السعادة والكمال الإنساني اللامحدود مجرد أقوال فقدت معناها اليوم في ظل أفق يبدو مريبا وغير محدد. نحن أمام مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات، ولا منجاة من هذه الكارثة المحتملة إلا بوعي الإنسان بغروره الأعمى، وبكونه كائنا ظلوما جهولا أيضا، وبأن المعرفة مثلما تشكل قوة، فهي قد تؤدي إلى هلاك الكل.

كما عنونت الإشكالية الثانية بـ أزمة الديمقراطية الليبرالية، وفيها أكدت أن التضييق على الحريات والتباعد الاجتماعي ووضع الأقنعة الواقية، يُعد بحق امتحانا معقدا وعسيرا بالنسبة لنموذج ديمقراطي مقرون بالحرية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يلتزم الناس بطاعة الحكومة؟ لماذا يستهجنون الخضوع للقانون إذا كانت ممارسة الحريات الشخصية تسبب ضررا متوقعا؟ أليس تعلمُ الخضوع للقانون أكثر حكمة من طيش معارضته؟

أما الإشكالية الثالثة فحملت عنوان هاجس الموت، وذكرت فيها أنه رغم يقيننا بالموت في أي لحظة وبأننا لا نستطيع شيئا إزاءه، ولكننا نميل، بشكل فطري، إلى كره استقباله، والخوف منه، ومن ثمة إهماد فعالية قهر الموت وحبسه في الوجود بالقوة؛ حتى لا يقفز إلى الوجود بالفعل ويسيطر على عقولنا وحيواتنا. وفي هذا يتجلى نوع من المواجهة والتحدي أو نوع من الإيمان والتقوى، متسائلة: أليس الموت فكاك من أغلال البدن؟، كما قال أفلاطون، أليس انفصال الروح عن الجسد هو ما ينشده الفلاسفة، وهو موضوع تأملاتهم؟ إذن هو يجدر أن يكون أهون الخطوب، ولكن من جهة أخرى، يمارس الموت، على حد تعبير ميشال فوكو، سلطته الهائلة على الحياة، وينكد العيش”.

وانتقلت المحاضرة إلى الإشكالية الرابعة العودة إلى الذات، وفيها اعتبرت أن كورونا فرضت علينا وحدة لا تخفف سدولها سوى صحبة الذات لذاتها؛ في لحظات تأمل جواني على طريقة أحلام يقظة جوال منفرد، مؤكدة في السياق، أنه نوع آخر من الوحدة المبدعة الخلاقة، تتمفصل خيوطها الرفيعة في لقاء الذات بعينها. أما الإشكالية الخامسة فحملت عنوان وهم الحرية، وعنها قالت جميلة إن الفيلسوف البريطاني المعاصر باجيني يرى أن كورونا قد ألحقت ضررا بالغا بالحرية، ولكنها تمثل أيضا فرصة لإعادة تعلم معنى أن يكون المرء حراً، لتتطرق في الإشكالية السادسة لمعضلة الاتيقية، فأشارت إلى ضرورة التساؤل حول متى يتوجب الوثوق في ما يقوله الأطباء بشأن فيروس مستجد وصعب المراس مثل كوفيد-19؟ من يجب التصديق من الأطباء والسياسيين؟ أي طرف يجب أن نصدّق في توليفة البيولوجي-السياسي؟ كيف يجب توزيع التداوي بكيفية عادلة بين الناس؟