ندوة "الأدباء الشباب، توجّهات جديدة في الإبداع"

كسر قيود الكلاسيكيات نحو الفانتازيا والرعب والدهشة

كسر قيود الكلاسيكيات نحو الفانتازيا والرعب والدهشة
  • 154
مريم. ن مريم. ن

أثارت ندوة "الأدباء الشباب، توجّهات جديدة في الإبداع" ، مسائل شتى مرتبطة بالكتابة، منها ثورة الوسائط التكنولوجية والفضاء الأزرق، والتغلغل في كل ما هو عجائبي ومدهش ومرعب، مع الاعتماد على أساليب كسرت القوالب الكلاسيكية، متجاوزة المتعة في القراءة إلى تغيير الأفكار.

تضمنت الجلسة الأولى من الندوة تدخلا للكاتب الشاب علي ميموني، الذي قال إنّ جيل اليوم يختلف عن جيل أمس، من خلال التعاطي مع الوسائط الإلكترونية، والإعلان عن النصوص من خلال هذه الوسائط، واختيار موضوعات متعلقة بالفانتازيا، والرعب، والدهشة وغيرها.

وأشار المتحدث صاحب دار الغزالة للنشر، إلى أنّ هناك إقبالا كبيرا على روايات الفانتازيا والرعب. وقال: "من خلال تجربتي كنت أرى في ما مضى أن الكبار في العائلة يعلّمون الصغار، ويهتمون بهم، وكان هناك اتصال بين أفراد العائلة. أما اليوم فظهر جيل هشّ وحسّاس، يعاني من أمراض خطيرة بسبب أن لا أحد يستمع إليهم في العائلة، فيلجأون إلى الكتابة، ويجدون بفضلها من يسمعهم خاصة الشباب" . وأضاف أنّ الروايات تلك تعتمد على الجانب النفسي، وبأسلوب سهل، تعمل على تغيير الآراء والمسلّمات. لكن المتحدّث، بالمقابل، رأى أنّ فعل القراءة في حدّ ذاته، إيجابي، وسيتطوّر عند هؤلاء ليبلغ الرشد والوعي شرط متابعته، والاستثمار فيه.

كما تناول الكاتب محمد بلال كمون، بعضا من بداياته في عالم الكتابة، مذكّرا بأنّه استثمر في القراءة؛ حتى يقوّي كتاباته. وكانت الانطلاقة في سن مبكرة؛ أي في سن السابعة بمدينته سيدي بلعباس، ليؤطر موهبته مختصون. ثم دخل مسابقة تحدي القراءة العربي في طبعته السابعة، ما ثمّن رصيده المعرفي.

ونشر أوّل كتاب بعنوان "التمرّد والطاعة" ، يسرد فيه واقع بعض المدارس، وتمرد طلابها على النظام، والدراسة، واتباعهم الفوضى والتشويش دون أن يدركوا خطر ذلك على مستقبلهم الدراسي. وخصّه بسبعة فصول كاملة. ثم أصدر "أبواب لا يطرقها أحد" ، تناول فيها دور الشباب أثناء الثورة خاصة منهم الكتّاب المبدعين، الذين تبنوا المقاومة الفكرية .. 

وعن جيل اليوم قال المتحدث الشاب إنّه يكتب بين السطور نبض المجتمع بكلّ متغيّراته، واهتماماته. كما أكّد المتحدّث أنّ الوسائط الإلكترونية أثّرت على توجهات الكتّاب الشباب، وأن كتبا ألّفها مؤثرون على التيك توك مثلا، واكتسبوا شهرة عبر هذه الوسائط، علما أن القراء يميلون إلى روايات الواقع.

ومن جانبه، تحدّث الكاتب محمد اقمامة عن الرواية الشبابية؛ باعتبارها واقعا معيشا في المجتمع، مؤكّدا أنّ مفهوم الكتابة وأسلوبها  تغيّر، لكن القيم العامة بقيت ثابتة، تماما كما كانت منذ 50 سنة، وأصبح الشباب يكتبون ليقدموا آراءهم لا ليقدموا المتعة. وأثناء المناقشة التي أعقبت الجلسة الأولى أكّد محمد اقمامة أنه يكتب الرواية من غير تقنيات معيّنة، مستلهما من الذاكرة الشعبية أحيانا، ومن الأرشيف. أما ميموني فقال إنّه يكتب من وحي منطقته؛ الصحراء.

وفي الجلسة الثانية من الندوة تدخلت الكاتبة الشابة والهادئة ليزا سيريك التي تكتب بالفرنسية وبالأمازيغية. وقالت إن الرواية الشبابية تجاوزت قيود الرواية الكلاسيكية. وتحررت منها نحو أشكال جديدة من المضمون والشكل العام. وكذلك بالنسبة للمكان، والزمان، والشخصيات والحبكة.

كما قالت المتحدثة إنّ الرواية الشبابية الجديدة تختلف عن الكلاسيكية؛ كونها ذات مواضيع لم يعتد عليها القارئ، منها، مثلا، علم التنجيم بقراءة المستقبل من خلال النجوم، وكذا العلاج بالموسيقى، وموضوع الصدمات النفسية والأمراض العقلية، التي يرى الأدب في أصحابها حياة خاصة موجودة، ويسعى لتغيير نظرة المجتمع إليها. أيضا علم الأساطير، وكلّها مواضيع كسرت، حسبها، قيود الرواية الكلاسيكية نحو رواية حرة في الزمان، والمكان، والمضمون.

وتوقف الكاتب الشاب أيمن حمادي عند ظاهرة تغيير الجيل الجديد من الروائيين والكتّاب الشباب للكلاسيكيات، نحو تجارب أخرى جديدة في الثقافة الجزائرية؛ منها شعر الهايكو، والشعر الحر، والنثري. وفي الرواية استُحدثت الفانتازيا، والماورائيات، علما أن الجيل السابق بدوره، كان قدّم جديده. وبالنسبة له فقد قدّم البيئة الصحراوية في أعماله، مفندا مقولة إنّ الصحراء ليس فيها سوى الشعر، وطبعا ملتزما بالأفكار الجديدة، وبالصحراء المتمدنة التي تشهد التغيير نحو العصرنة. كما أوضح أنّ نصوص الشباب فيها نوع من التجريب. وكتبوا، أيضا، في التاريخ بنظرة مغايرة؛ أي إعادة بناء التاريخ بشكل مختلف.

من جهة أخرى، أشار المتحدّث حمادي إلى أنّ بعض التراكمات بنت إبداع الشباب؛ منها حنينه للطفولة التي ارتبط فيها بأفلام الكرتون وشخصياتها، وقصص الرعب والخوارق، فكان البحث عن ذواتهم الصغيرة. واستعملوا المنصات للترويج، مؤسسين الأدب التفاعلي الذي يتجاوب معه القرّاء على المباشر، ويقترحون عليه أفكارهم كنوع من الإثراء. ومن هؤلاء قدّم نموذج سارة ليفانس، وتجربتها الرقمية، متسائلا هل يُخضع النقاد هذا النوع الجديد من الإبداع، لنفس المناهج الكلاسيكية المتعارف عليها؟.