ندوة "الهوية الوطنية الجامعة والموحِّدة من نوميديا إلى اليوم"
قوة الهوية الجزائرية في تعدّد أبعادها
- 220
ن. ج
أبرز المتدخّلون في ندوة "الهوية الوطنية الجامعة والموحِّدة من نوميديا إلى اليوم"، المنظّمة ضمن فعاليات البرنامج الأدبي والثقافي للطبعة الـ28 من صالون الجزائر الدولي للكتاب، أهمّ معالم الهوية الجزائرية المتعدّدة، مؤكّدين أنّ قوّة هذه الهوية تكمن في تعدد أبعادها وعمق تاريخها، لا سيما البعد الأمازيغي العريق.
في المستهل، تطرق المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية عبد العزيز مجاهد، إلى مفهوم الهوية انطلاقًا من رؤيته وعلاقته بالحركة الوطنية وأوّل نوفمبر، مشيرًا إلى أنّ "أوّل نوفمبر يوم مشهود، لأنّه يشهد على تاريخ يمتدّ لآلاف السنين"، مضيفًا أنّ موقع الجزائر الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط جعلها حلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا، وهو ما أسهم في كتابة تاريخها عبر تحرّكات الشعوب المختلفة.
وأشار مجاهد إلى ماسينيسا، الذي وحّد نوميديا قبل ثلاثة قرون من الميلاد وأسّس دولة قبل الدولة الفرنسية، واستخدم اللغات اليونانية والبونيقية، معتبراً أنّ تأثيره تجاوز الجزائر ليشمل القارة بأسرها، داعياً إلى إعادة تقييم هذه المراحل التاريخية ودراستها بعمق. كما شدّد على خصائص الشعب الجزائري، مثل الإخاء والتآخي، مستشهدًا بكلمات زيغود يوسف التي تصف الشعب بأنّه "شعب عظيم، التزامه دائم واستعداده بلا حدود، بحاجة إلى قيادة تليق به". وختم مجاهد بدعوة للوعي بالذات وتصحيح الأخطاء المستمرة لضمان التقدّم.
من جهتها، اعتبرت أستاذة علم الاجتماع بجامعة وهران مباركة بلحسن، أنّ الهوية الجزائرية ليست أحادية، بل هي هوية وطنية شاملة تغذيها ثقافات وممارسات مختلفة، تجمع بين الروح المتوسطية والانتماء الإفريقي، مؤكّدة أنّ فهم الجزائرية لا يمكن أن يتم بمعزل عن الانتماء الإفريقي، إذ لعب الفضاء الصحراوي الإفريقي دورًا أساسياً في بناء الهوية الوطنية الموحدة. وأضافت أنّ "صناعة النحن" الجزائري تتشكّل في علاقتها بالآخر الإفريقي، مع الحفاظ على خصوصية البعد المتوسطي الذي يغذي الهوية الجماعية.
أما الأستاذ الباحث محند ارزقي فراد، فتناول البعد الأمازيغي في النشاط الإصلاحي الفكري الجزائري (1920–1954)، مشيرًا إلى جهود العلماء في مقاومة الاستعمار فكريًا وتربويًا، من خلال مراجعة المنظومة التربوية والتنوير والتعليم. وذكّر بروّاد الإصلاح مثل الشيخ السعيد أبو يعلى، الذي ألّف كتاب "تاريخ الزواوة" كمقاومة فكرية للاحتلال، وكذلك عبد الرحمان الجيلالي، الذي أبرز في تاريخ الجزائر العام البعد الأمازيغي في الشخصية الجزائرية. وأكّد فراد أنّ العلماء المصلحين، من أمثال مبارك الميلي، توفيق المدني، عبد الحميد بن باديس، ومحمد الصالح رمضان، عملوا على صيانة الهوية الجزائرية وتعزيز أبعادها الأمازيغية العريقة.