محمد جوة يعرض برواق «حسين عسلة»

قطوف من نفسية الفنان وتأثّره

قطوف من نفسية الفنان وتأثّره
  • القراءات: 947
لطيفة داريب لطيفة داريب

يحتضن رواق «عسلة حسين» إلى غاية 18 نوفمبر الجاري، معرض الفنان التشكيلي محمد جوة، الذي يقدّم بالمناسبة أكثر من ثلاثين لوحة يتناول فيها تنوّع أحاسيسه، ويبحث من خلالها عن نفسه، معتمدا في ذلك على الأسلوب التجريدي الغنائي.

يجد الفنان التشكيلي محمد جوة نفسه في اللوحات، فمن خلالها يعبّر عن فرحه وحزنه أيضا، كما يتطرّق لبعض تفاصيل الحياة التي تجعل لها معنى ونكهة خاصة. أبعد ذلك، فمن خلال أعماله هذه يصل الفنان إلى مرحلة من الاستقرار النفسي والعلاج الروحي وحتى الجسدي.

واختار جوة الأسلوب التجريدي الغنائي لإنجاز أعماله الفنية، وهذا لأنّه وجد فيه كلّ الحرية في عمله، كما استعمل تقنيات مختلطة وتقنية أركيليك على الورق. أما الألوان التي اعتمدها الفنان فمزيج بين الألوان الباردة والساخنة، وهذا حسب إحساس اللحظة وموضوع اللوحة.

ووقف جوة يفكّر في لوحة «تفكير» التي رسم فيها أشكالا باللونين الأصفر والوردي يخالطها «قطع من السحاب» تتصاعد إلى أعلى؛ في صورة شاعرية وكأنّها تعبّر عن تفكير الفنان المتفائل الذي لم يتوقّف، ليجد نفسه في لوحة ثانية بعنوان «لحظة من التفكير» التي أغرقها باللون الأحمر، فهل تأثّر الفنان بالمشاهد الدموية التي تملأ القنوات التلفزيونية وحتى العالم الافتراضي، فتحوّل تفاؤله إلى تشاؤم؟!

بعد «لحظة من التفكير» حان أوان الانتقال إلى لوحة «عالم من الصمت»، حيث رسم الفنان هيئات تسبح في عالم وردي. وهناك تعلّم صفة «الصبر»، في لوحة عاد من خلالها إلى اللون الأبيض، وتعلّم أنّ «عيش اللحظة» أفضل وصفة لكي يعيش الإنسان تفاصيل الحياة. وتظهر في هذه اللوحة هيئتان على شكل رجل يقابل امرأة تحمل باقة من الأزهار البيضاء، فما أجمل هذه اللحظات التي يعبّر فيها المحبوب لمحبوبته عن شعوره الوهاج! وها هو ينظر إليها من خلال لوحة «النظرة» التي اعتمد فيها على اللون الأخضر، وكله «حنية» في اللوحة التي ظهرت فيها من جديد، قطع السحاب الجميلة.

وها هو الفنان يحلم في لوحة» الحلم1»، ولم يتوقّف عن حلمه في «حلم2» التي  أبهاها بلون برتقالي زادها نورا على نور، ففي الحلم يمكن للإنسان أن يكون كما يريد، وأن يتجاوز كلّ العقبات في لمحة بالبصر، حيث «لاحدود» بين المحبين، فهل سيجد محمد «الحقيقة» في «الحلم»، أم أنّه مجبَر على «الهروب» بعيدا بعيدا؟ أم أنه سيقرّر «التغيير» في لوحة أطلق فيها العنان للون الأصفر، أو حتى «التحوّل» التي رسم فيها الفنان انفجارا من الأشكال والألوان؟

فجأة شعر محمد بحاجته في أخذ المزيد من الحيطة و«الحذر». ويظهر في هذه اللوحة شكل امرأة ترتدي لباسا أسود تزيّنه بقع بيضاء في جوّ مخضرّ. وقرّر في لوحة «السفر1» الرحيل؛ فلربما خفّف من «الغضب» في كلّ الحالات التي يجد فيها الإنسان فاقدا أكثر لإنسانيته، وعلّه يتجاوز مرحلة من «الزمن السيئ» التي لا بد لكل إنسان أن يمر بها في حياته، وإلاّ كيف له أن يستلذ لحظات السعادة؟!

وعاد محمد إلى «السفر» مرة ثانية، ليبحث عن «علاج» له ويضيء شيئا من «الظلامية»، في لوحة غلبها اللون الأسود مع إطلالة خفيفة للأبيض، فكانت إرادته واضحة في لوحة «الإرادة»، وعزيمته أقوى لإيجاد نفسه في لوحة مزج فيها عدة ألوان، لينتقل إلى لوحة أخرى، وهذه المرة لـ «إيجاد نفسه» بدون أن ينسى حنينه، الذي عبّر عنه في لوحة «الزمن الجميل».